اعتبر إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتورعبد الرحمن السديس جامعة الملك عبدالله «نقلة نوعية كبرى ووثبة حضارية عظمى وقفزة تاريخية»، مشدداً على أن «الدين لم يقف يوماً أمام العلوم والمعارف». وقال في خطبة الجمعة أمس: «إن من يمن المناسبة واقتران السعدين وتجدد النعم ما تولي به صروح التعليم وقلاع المعرفة من اهتمام وعناية وبذل وحرص ورعاية شاهدوا ذلك الأمثل ونموذجه الأشمل، ذلك الصرح العلمي الشامخ والمعقل المعرفي العلمي العملاق المتمثل في إنشاء وافتتاح جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بما تمثله من مصدر إشعاع حضاري، لافتاً إلى أنها «جامعة رائدة في أهدافها سامية في مقاصدها نبيلة في غاياتها شاملة في أقسامها وتخصصاتها». وزاد: «ليطمئن الجميع لأن هذا المشروع الحضاري العملاق في أيدٍ أمينة وربان مهرة فما هي إلا شجرة مباركة في دوحة غناء عظيمة تجعل من العقيدة والشريعة منطلقاً لها في أعمالها لتحقق لها كل تطلعاتها وآمالها». وأضاف : «فلتهنأ البلاد وليسعد العباد فعطاء متدفق وحلم متحقق في هذا المنجز التاريخي العظيم، وإن واجب الجميع من القادة والعلماء وحملة الأقلام ورجال الصحافة والإعلام وشباب الأمة والغيورين على مصالحها أن يباركوا بإجماع واتفاق هذه الجهود الخيرة، في ظل مقاصدنا الإسلامية وضوابطنا الشرعية وفي ما يحقق الحفاظ على ثوابت الأمة وقيمها، وليحذروا من الخوض في ما لم يتبين لهم أمره والانسياق خلف الشائعات المغرضة والإثارة المتعمدة المحرضة التي يريد أعداء الأمة وخصوم المجتمع أن تتقاذف سفينتها الآمنة أمواج الفتن المتلاحمة وتيارات الأهواء المتلاطمة، فلا أعظم ولا أجل من تأليف قلوب الرعاة والرعية وتوارد أهل الحكم وأهل العلم بل وشرائح المجتمع وأطيافه كافة على تحقيق المصالح للأمة ودرء المفاسد والفتن عن المجتمع». وتابع إن «بدء العام الدراسي الجديد مشهد حافل تستأنف فيه رحلة الجد والعطاء وتبدأ مسيرة الفكر والنماء وتفتح حصون العلم وتجهز دور البناء (...) وإذا كان العالم اليوم يتنادى عبر هيآته العالمية ومنظماته الدولية للإصلاح والتنمية ومكافحة الجهل والفقر والإرهاب والأوبئة، فإنه وجد في العلم النافع المبني على الإيمان الراسخ ضالته المنشودة وفي إيجاد جيل متسلح بالعلوم والمعارف جوهرته المفقودة» وشدد على أن الدين الإسلامي «دين العلم والتعليم والهداية، لم يقف يوماً عائقاً أمام العلوم والمعارف دينية كانت أو دنيوية، والأمة التي رفع الله شأنها بالعلم لا يحق لها أن تنحدر إلى مستوى الجهل والأمية والتخلف». وقال إذا كان العصر «عصر ثورة العلوم والتقانات فإن أمتنا الإسلامية مطالبة وهي خير أمة أخرجت للناس بأن تدرك مسؤولياتها التاريخية في أهمية استثمار علوم العصر وتقاناته». وتابع أن «العلوم والمعارف المقترنة بالتربية على الأصول والثوابت هي خير وأمضى سلاح في عصر يموج بالفتن والتحديات ويعاني المشكلات والأزمات فطرائق العلوم ومناهج التربية إنما تنبثق من عقيدة الأمة ومبادئها وتنسجم مع مقاصدها وغاياتها وقيمها، لافتاً إلى أن «مظاهر الحضارة المادية في معزل عن ذلك ولذلك فلا بد لطلاب العلوم والمعارف ورواد الفكر والثقافة من إعداد العدد ورسم الخطط لمستقبل يربط الأجيال بعقيدتهم».