أثارت الزيارة الرسمية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لسورية، تلبية لدعوة من الرئيس السوري بشار الأسد، اهتمام أجهزة الإعلام في مختلف بقاع العالم. وكتبت صحيفة «ذي ستايت» التي تصدر في ولاية كارولينا الجنوبية الأميركية – نقلاً عن وكالة «اسوشتيد برس» – ان الزيارة تمثل دليلاً على تحسن العلاقات بين البلدين بعدما شابها التوتر سنوات عدة. وقالت ان كثيرين يتطلعون إلى ان تسفر الزيارة عن حلحلة مشكلات المنطقة، خصوصاً ان الخلافات بين القوى الإقليمية أدت إلى شق الصف العربي. وكتبت مجلة «تايم» الأميركية ان سورية قررت تغيير سياساتها وأولوياتها بسبب الحقائق «الجيوسياسية» التي برزت على أرض الواقع، إذ إنها قررت تغيير نمطها الاقتصادي من النهج السوفياتي إلى اقتصاد السوق، كما أنها بدأت تحاول استقطاب المستثمرين الأجانب. ورأت «تايم» ان دمشق في حاجة إلى الرساميل السعودية والخبرات التقنية الغربية، وهي متطلبات لا يمكن توافرها إلا في ظل تحسين علاقاتها الديبلوماسية بالقوى المؤثرة إقليمياً ودولياً. وأضافت: «لهذا السبب أخذت سورية تتقبل رويداً رويداً المواقف الأميركية والسعودية حيال قضايا عدة، كما فتحت سفارة لها في بيروت، وقبلت من دون مضض الهزيمة الانتخابية التي لحقت بحلفائها في لبنان في حزيران (يونيو) الماضي، وقامت بفرض قيود على تدفق المقاتلين الأجانب على العراق عبر أراضيها». وخلصت «تايم» إلى انه على رغم تعقيدات الأوضاع في المنطقة والسياسة الدولية، فإن «زيارة الملك عبدالله تعد على المدى القصير دلالة على الأقل على ان زعماء البلدان العربية في الشرق الأوسط قرروا النأي عن المواجهة الإقليمية». واعتبرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، في موقعها الإلكتروني، «إن مشهد زعيم عربي يتدلى من على متن طائرته ليبدأ زيارة لدولة عربية أخرى لا يثير في العادة اهتماماً يذكر»، لكن الظهور المرتقب منذ وقت طويل للعاهل السعودي الملك عبدالله في العاصمة السورية دمشق كان أحد تلك المناسبات النادرة التي تدل بوضوح على تغير الأزمان وتزيد الآمال في أزمان أفضل. وذهبت إلى ان زيارة خادم الحرمين لدمشق أثارت بشكل خاص اهتمام الزعماء اللبنانيين وأجهزة الإعلام اللبنانية الذين يعلقون عليها أهمية قصوى، عسى ان يؤدي تحسن العلاقات بين السعودية وسورية إلى تسهيل تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة التي كلف النائب سعد الحريري بتشكيلها. وأضافت ان تفاؤل اللبنانيين بالزيارة جعلهم يذهبون على حد التوقع بأن يتم تشكيل الحكومة بحلول نهاية الأسبوع المقبل. وأوضحت «بي بي سي»، في تحليل لمراسلها في بيروت جيم ميور، ان الافتراض يذهب إلى ان الملك عبدالله ما كان سيتوجه إلى سورية ما لم تكن عملية التقارب بين البلدين قد قطعت شوطاً مقدراً. وزادت انه يتوقع ان تسفر الزيارة عن تعزيز التقارب وترسيخه. وقالت إن التوافق السعودي – السوري من شأنه ان يعجل بإيقاع المساعي الرامية للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة، وهي خطوة ضرورية بالنسبة إلى استئناف جدي لمحادثات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. وأشارت إلى ان أي تفاهم سعودي – سوري يبعث مزيداً من الأمل في حدوث تغير إيجابي على الموقف العربي العام الذي ظل يعاني الفرقة والانقسام خلال السنوات الأخيرة. ونسبت إلى محللين عرب قولهم ان الوفاق بين الرياضودمشق زاد الأمل وسط العرب بأن تتحد صفوفهم وراء مبادرة السلام العربية التي اقترحها خادم الحرمين وتبنتها قمة بيروت العربية في عام 2002. وأوضحت هيئة الإذاعة البريطانية ان تكهنات تشير إلى ان السعودية قد تبني على التقدم الذي أحرزته مصالحتها مع سورية لحل مشكلة أخرى تمنع العرب من توحيد موافقهم، وهي برود العلاقات بين سورية ومصر. وفي دمشق، ذكرت صحيفة «تشرين» الحكومية أنه لم يحظ أي اجتماع عربي باهتمام رسمي وشعبي وإعلامي ودولي كالذي حظيت به زيارة خادم الحرمين الشريفين لسورية، ولقائه الرئيس الأسد، فيما رأت صحيفة «الثورة» السورية أن المنطقة واستقرارها يحتاجان إلى عمل عربي مشترك وهو ما يتطلب بدوره مساهمة سورية وسعودية. ونقلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية عن محلل سوري لم تسمه قوله إن خادم الحرمين الشريفين والرئيس السوري تصافحا بحرارة قبل ان يتوجها صوب «قصر الشعب» لإجراء محادثاتهما. ونسبت إلى محلل سعودي وصفته بأنه قريب من حكومة بلاده القول إن الزيارة هدفت إلى تحقيق مصالحة عربية، «والإظهار لإسرائيل وأميركا وكل الدول ان الذنب في عدم وجود سلام في المنطقة لا يقع علىالعرب». أما صحيفة «كريستيان سينس مونيتور» الأميركية فنسبت إلى المحلل السياسي السوري سامي مبيض قوله إن زيارة الملك عبدالله لدمشق «أخبار سارة حقاً لشعوب المنطقة». وأشارت إلى ان سورية أبدت ترحيباً حاراً بوصول خادم الحرمين الشريفين، حتى ان صحيفة «الوطن» السورية كتبت بالخط العريض «اليوم... العاهل السعودي في قلب العروبة»، وأفردت الصحيفة صفحتها الأولى بأكملها للزيارة. وقالت الصحيفة الأميركية إن العلاقات بين سورية والغرب بدأت تشهد قدراً ملموساً من الدفء بفضل جهود العاهل السعودي والرئيسين الأميركي باراك أوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي.