شهدت دار الأوبرا المصرية مساء الجمعة الماضي ليلة فنية مصرية سعودية، لتكريم أحد رواد الفن السعودي، هو الملحن الموسيقي طلال، الذي استطاع إحداث نقلة في الحياة الموسيقية والفنية في المملكة العربية السعودية منذ بداياته الأولى وتلحينه أولى أغانيه «يا سعودي يا سعودي» عام 1982 والتي قدمتها المطربة الراحلة عتاب. وبدأت الحفلة، التي أقيمت على المسرح الكبير في الأوبرا وسط حضور إعلامي وديبلوماسي وفني مصري وسعودي، بكلمة الأوبرا، ألقتها مقدمة الحفل نيابة عن الدكتورة إيناس عبدالدايم رئيسة الأوبرا المصرية، والتي أكدت فيها أن علينا نحن العرب أن نفتخر بأن لدينا جيلاً من المبدعين في وطننا العربي، والذي يعد امتداداً لجيل الرواد من أساطين الموسيقى العربية، وأشارت إلى أن مثل هؤلاء المبدعين هم حقاً صناع التاريخ الموسيقي لأمتنا العربية، وعلى رأسهم الموسيقار السعودي طلال الذي يشهد اليوم تكريمه على أرض مصر وخصوصاً في الأوبرا المصرية، ما يدل على عمق العلاقات بين البلدين والشعبين المصري والسعودي والتقاء حضارتيهما وثقافتيهما، وهو الأمر الذي يؤكد أن الموسيقى هي الجسر الذي تعبر من خلاله الشعوب كل الحدود بين الدول وتصنع مزيجاً من الجمال تألفه القلوب. وأضافت أن إبداعات الموسيقار طلال تمتاز بأسلوبه الموسيقي الذي يتفرد بالعذوبة وسهولة التنقل بين المقامات الموسيقية. وأشارت إلى أن طلال هو ذلك الموسيقي الفذ الذي يحلق بأعماله وموسيقاه التي تعتمد على قوة ومتانة اللحن في سماء الوطن العربي، ودليل ذلك أن ألحانه غردها كبار المطربين من المحيط إلى الخليج. وتلي ذلك كلمة الموسيقار السعودي طلال التي ألقاها نيابة عنه المشرف العام على الحفلة خالد أبومنذر، إذ أكد فيها أن العلاقة المميزة بين مصر والسعودية علاقة غير عادية، إذ إنها - كما يعلم الجميع - علاقة بين سبعة آلاف عام من الحضارة المصرية من جهة وبين قبلة العالم الدينية والاقتصادية، وهي السعودية، من جهة أخرى. وأضاف أنه يقدم الشكر إلى مصر ممثلة بدار الأوبرا، لدورها الثقافي والريادي، ولتكريمها له اليوم سفيراً عن الفن السعودي الموسيقي. وبعد انتهاء كلمات الترحيب والتكريم ووسط حضور ملأ جنبات المسرح الكبير من جمهور سعودي ومصري، على رأسهم فنانون وشعراء مصريون مثل الشاعر جمال بخيت، والفنانون: حسن مصطفى وميمي جمال وفاروق فلوكس ومحمود عامر والإعلامية ريهام سعيد، بدأ الجزء الثاني من الحفلة والتي كانت عبارة عن لقاء فني عربي سعودي بين المطربة المصرية آمال ماهر والمطرب السعودي عبادي الجوهر، ومعهم المايسترو أمير عبدالمجيد، إذ زخرت الليلة بغناء ثري من إبداعات طلال في حفلة استعادية كبيرة قدمت أغنيات للراحل حسين السيد بتلحين جديد للموسيقار طلال، على رأسها «سامحني يا حبيبي» وهي أحدث إبداعات طلال الذي يحتفظ لنفسه بنصوص عدة لحسين السيد لم تُغنّ، استطاع الحصول عليها من ابنته الدكتورة حامدة حسين السيد. ويذكر أنه في لفتة فنية جميلة أكدت مقدمة الحفلة عند تقديمها الأغنيات، روعة الفن الذي كان يقدمه حسين السيد الذي وصلت أغانيه التي كتبها خلال 40 عاماً إلى ألف أغنية. يذكر أن الموسيقار السعودي طلال صاحب هذا التكريم له سجل حافل من الأعمال في تلحين روائع لكبار الفنانين، ومنهم نانسي عجرم التي لحن لها «ما أوعدك ما أغير» ، كما لحن طلال أغنية «حسيبك ربنا» التي تغنت بها المطربة كارمن، وهي من كلمات أحمد علوي، وأيضاً لحن «صحيح اللي اختشوا ماتوا» التي تغنى بها المطرب التونسي الكبير صابر الرباعي. ولم ينس طلال دوره الوطني، فلحن أوبريت «خليج الكبرياء» من كلمات طلال الرشيد وغناء 23 من أكبر نجوم الغناء في منطقة الخليج، ولحن أيضاً أوبريت «مولد أمة» غناء طلال المداح ومحمد عبده وكلمات الأمير سعود بن عبدالله.