وصفت معلمات يعملن في مناطق بعيدة ونائية، قرار وزارة التربية والتعليم الجديد ب«المطاطي»، وأن رؤيتهن له «ضبابية». وأكدن أنه لم يصل إلى المدارس «قرار تفصيلي يوضح آليات القرار، وهل سيشمل القرار كل بعيد ونائي؟ أم أن هناك مدارس معينة تم حصرها مسبقاً من لجنة مختصة في الوزارة؟». وقالت المعلمة آية محمد، التي أكملت قبل أيام عامها الثالث في إحدى مدارس عسير: «يبلغ عدد معلمات المنطقة الشرقية في منطقة عسير 20 معلمة، استقبلن القرار بفرح كبير، واعتبرنه بداية انفراج لمشكلتهن، كما هي مشكلة عدد كبير من المعلمات على مستوى المملكة»، مستدركة: «القرار لم يكن واضحاً، فهل نحن بحسب مقاييس الوزارة ممن ينطبق عليهن هذا القرار، أم لا؟ وننتظر التفاصيل لاحقاً». وأشارت المعلمة نورة سعيد إلى أن «مجموعات المحادثة على «واتساب» تناقلت القرار بداية. ولكنها التزمت الصمت لاحقاً. وكان القلق يتسرب إلى المعلمات، فكان النقاش حوله وجهاً لوجه: هل سيطبق القرار في وقته كما أفاد التعميم؟». وأضافت: «وزارتي الخدمة المدنية والتربية والتعليم لديهما ضوابط عدة، على أساسها يتم إدراج المدرسة بمسمى «نائي» أو «بعيد»، وذلك لا يعني عدم فرحتنا بالقرار، فهو التفاتة لمعاناتنا، ونجزم بأن القرار لن يخلو من الشروط والضوابط والاستثناء. ولن يشمل الجميع». دوام الأيام الثلاثة على رغم كونه «مفرحاً» على حد تعبير معلمات، إلا أنهن سألن: «هل نضمن الطريق خلال الأيام الثلاثة؟ إلا أننا على يقين بأنها بداية الحل الذي لن يأتي سريعاً، على رغم كثرة المطالب والحوادث. ونرى تأخير الدوام الصباحي لأكثر من ساعة، مع ترتيب الجدول المدرسي أفضل بكثير. فنحن نخرج من بيوتنا قبل شروق الشمس بساعات، لتفادي أي طارئ في الطريق، وحتى نصل في الوقت المحدد، وذلك لا يعني أن القرار ليس في مصلحتنا، إلا أنه حل موقت، ولا يعالج جذر المشكلة». وفي المقابل، رأت زكية يوسف أن دوام الأيام الثلاثة «يخفف مما نعانيه يومياً على مدار خمسة أيام، ونكون بقية الأسبوع بالقرب من أولادنا الذين لا نعلم من أمور يومهم شيئاً. والبعض منا حياتهن الزوجية مهددة، إما بالانفصال أو الزواج بأخرى، لعدم وجود المعلمة بشكل فعلي في حياة الزوج والأولاد». أما المعلمات اللاتي يستقلن الطائرة إلى أماكن عملهن، فوقعن في حيرة، وبتن يسألن: «هل وضعوا في الحسبان حياتنا الأسرية؟ أم أن الطريق أمامنا لا موت فيه، فلم نكن ضمن القائمة؟ فالصورة إلى الآن ليست واضحة، ولن نفرح بالقرار حتى نرى تعميماً آخر يوضح آلية التطبيق والشروط. ونتمنى أن يكون عامّاً». واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن القرار، ووصفه بعضهم ب«الحكيم»، الذي يرجى من ورائه قرار آخر ينهي المشكلة. فيما وصفه البعض الآخر ب«المسكن»، الذي لن يغير من الأمر شيئاً، مع استمرار مسلسل معاناة المعلمات. واعتمدت وزارة التربية معايير يعتمد عليها البرنامج. منها «المسافة التي تقطعها المعلمة للوصول إلى المدرسة، ونوع الطريق (وعر، معبد، أو صحراوي)، إضافة إلى عدد الطالبات في المدرسة، وتحدد هذه المعايير ما إذا كانت المدرسة تدخل ضمن نطاق المدارس النائية أم لا. كما أن المعلمات المعفيات من الدوام في المدارس النائية سيتاح لهن الدوام في أقرب مكتب للتربية والتعليم من منازلهن. وبين قرار «تاريخي» و«موقت»، تباينت الآراء حول وصف ما اعتمدته وزارة التربية والتعليم من تقليص عمل المعلمات في المناطق النائية إلى ثلاثة أيام في الأسبوع للحد من الحوادث المرورية التي طاولت العديد منهن في الآونة الأخيرة. واعتبرت الكثير من المعلمات القرار تاريخياً، إذ يهدف - بحسب قولهن - إلى الحد من المخاطر التي يتعرضن لها من حوادث مرورية وإرهاق وغيرهما أثناء تنقلهن، فيما رأت بعضهن أن القرار لا يعتبر حلاً جذرياً لمشكلاتهن، بل «جزءاً من الحل»، وأثير التساؤل عند المعلمات اللاتي يقطعن أكثر من 500 كيلومتر يومياً لماذا لم يشملهن القرار؟ وأكدت المعلمة فاطمة الحربي التي تنتسب إلى إحدى المدارس النائية التي تبعد عن المدينةالمنورة ما يقارب 110 كيلومترات، أن قرار وزارة التربية والتعليم قرار تاريخي ومهم وله إيجابياته الكبيرة، مضيفة خلال حديثها ل«الحياة»: «على رغم أن القرار لم يكن الحل الجذري لمشكلاتنا اليومية في الترحال والتنقل، إلا أنه يعتبر جزءاً كبيراً من الحل». فيما وصفت المعلمة حسناء محمد القرار ب«الحكيم»، وهو يهدف إلى الحد من المخاطر التي يتعرضن لها، مطالبة وزارة التربية والتعليم بإصدار قرار «إلحاقي» يتضمن توفير وسائل مواصلات آمنة لتكتمل فرحتهن ويكتمل الحل الذي يهدف إليه الفيصل من خلال قراراته. وتساءلت المعلمة رحاب السيد التي تقطع يومياً مسافة تقدر بأكثر من 450 كيلومتراً ذهاباً وإياباً داخل مدينتها التي لا تعد نائية، لماذا لم يشملها القرار؟ هل لأنها ليست بمنطقة نائية؟ وزادت: «الأخطار تلاحقنا، وليس لدينا بديل أو حل لكي نحمي أنفسنا من مخاطر الطرق سوى أن تصدر الوزارة قراراً إلحاقياً أو موازياً لقرار المناطق النائية يصب في مصلحتنا نحن المعلمات المعينات خارج نطاق سكنهن، إذ نعتبر الفئة الأكبر بين المعلمات». من جهتهم، قال عدد من أولياء أمور المعلمات ل«الحياة» إن القرار يعتبر جزءاً من الحل للحد من معاناة المعلمات اليومية، وينقصه الكثير من القرارات الإلحاقية الأخرى لكي يكتمل الحل، منها إدراج المناطق البعيدة غير النائية ضمن القرار، إضافة إلى إيجاد وسائل مواصلات آمنة وإصدار حركة نقل شامل للمعلمات وفق ضوابط وقوانين تخدم الجميع. سعادة بعد أعوام من الانتظار بعد أن أعلنت وزارة التربية والتعليم أخيراً عزمها تطبيق قرار ينص على تنظيم الدوام في المناطق النائية للمعلمات، إذ حصر دوامهن من خمسة أيام إلى ثلاثة أيام، وتفاوتت آراء المعلمات بخصوص القرار فالبعض يعرب عن ارتياحه له وآخر يصفه بالمخدر الموضعي. في حين عبّر عدد من معلمات مركز «الربوعة» (180 كلم شرق أبها) ومعلمات مركز مربة (80 كلم غرب جنوبأبها) عن ارتياحهن التام لقرار وزير التربية والتعليم الأخير، بتخصيص ثلاثة أيام من كل أسبوع للحد من الوفيات. وتقول إحدى المعلمات سارة عسيري (25عاماً) ل«الحياة»: «أنا متفائلة وسعيدة بالقرار كونه يعالج جزءاً من المشكلة وخطوة نحو العلاج» مشيدة بتفاعل وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل مع المشكلة بعد أعوام من التهميش، آملة بأن يكون القرار حاداً للأخبار التي كثر تداولها عن وفاة معلمات وهن في طريقهن إلى مدارسهن، وتقول فاطمة القحطاني وهي من معلمات مربة ل«الحياة»: «القرار أسعد المعلمات بعد أعوام من المعاناة والألم والحرقة وإن ما تم اتخاذه يدل على إحساس الوزير بالألم والمشكلات التي تعانيها المعلمة».