حكمت المحكمة الجزائية في جدة برئاسة القاضي محمد أمين مرداد أمس على الشاب المجاهر (عقب ظهوره على فضائية LBC في برنامج أحمر بالخط العريض مستعرضاً مغامراته العاطفية) بسجنه خمس سنوات ومنعه من السفر خمس سنوات من انقضاء المحكومية، وجلده ألف جلدة ومصادرة سيارته وهاتفه الجوال، فيما ذهب المدعي العام إلى أبعد من الأحكام التي صدرت في حق المتهم مع رفاقه الذين ظهروا معه في البرنامج. عبر مطالبته ب «تغليظها»، نظراً للأدلة والقرائن التي وجهت ضدهم. وتضمنت الأحكام التي قرر القاضي رفعها إلى المحكمة العليا للنظر فيها وتمييزها، سجن المتهمين الثلاثة (رفاق المجاهر) لمدة سنتين و300 جلدة لكل واحد منهم، ومنعهم من السفر لمدة سنتين من انقضاء محكوميتهم، إضافة إلى سجن المتهم السادس ثلاثة أشهر و70 جلدة، وقضت الأحكام بسجن المتهم الخامس شهرين، وأطلق يوم أمس، فيما أرجع محامي المتهم الأخير علي العقلا إطلاق سراح موكله لتبرئته من التهم الموجهة إليه وهي التحريض والمساعدة، موضحاً أن الإفراج عنه جاء لعدم كفاية الأدلة. جرت جلسة أمس وسط إجراءات مشددة، قبض بعد انتهائها على المتهمين الرابع والسادس داخل المحكمة كونهما من « الطلقاء»، فيما منعت إحدى الصحفيات من الحضور بسبب عدم ارتدائها الحجاب الشرعي، ومثل جميع المتهمين أمام ناظر القضية محمد أمين حين نطق بالحكم، على أن يتم تسليم صكوك الحكم للمتهمين في غضون الأيام العشرة المقبلة. ونص الحكم الصادر بتشكيل لجنة فورية لمناصحة «المجاهر» نفسياً واجتماعياً وصحياً في ضوء رده على القاضي حين نصحه بالتوبة أنه «لم يرتكب أي خطأ يتوب منه»، إضافة إلى تحويل ثلاثة متهمين للجنة إصلاحية، في الوقت الذي اعترض فيه المتهمون على الأحكام التي صدرت بحقهم، وطلب القاضي تقديم لائحة الاعتراض لرفعها إلى المحكمة العليا خلال شهر من تاريخ صدور الأحكام. وفي المقابل، أكد محامي المتهم، سليمان الجميعي في بيان أصدره بعد الجلسة أمس أنه سيستأنف الحكم بتقديم لائحة اعتراضية، بعد استلامه في الموعد الذي حددته المحكمة بعد عشرة أيام، مشدداً على أنه لن يتوقف عن متابعة الدعوى المنظورة أمام وزارة الإعلام ضد قناة (LBC) إلى أن تنتهي بحكم نهائي ضدها. وقال: « نعول على محكمة الاستئناف الأكثر علماً وفقهاً، والمعروف عن قضاتها أن همهم الأول هو اتباع إجراءات النظام وبحث مسألة الاختصاص قبل نظر الموضوع، وما يثبت ذلك هو نقضهم لآلاف الأحكام التي أخطأ مصدروها في اجتهاداتهم، لاسيما في ما يتعلق بالاختصاص في ظل صدور الأنظمة القضائية والعدلية التي أصدرها ولاة الأمر في الفترة الأخيرة لتطوير مرفق القضاء ولضمان حسن سير العدالة» وأوضح أن اجتهاد ناظر القضية في إصدار الحكم ضد موكله في غير موضعه، مشيراً إلى أنه لا يجوز الاجتهاد في ظل وجود نص مادة (134) من نظام الإجراءات الجزائية، وأضاف: «أن المادة تنص على أنه إذا كان الحكم في الدعوى الجزائية يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى أخرى وجب وقف الدعوى الجزائية حتى الفصل في الدعوى الأخرى، والنصوص النظامية الأخرى المعلومة للجميع بمن فيهم ابن موكلي الطفل البالغ من العمر عشر سنوات يعلم أن هذه القضية إعلامية تختص بنظرها وزارة الإعلام، ودليلي في ذلك هو خطاب صادر من مسؤول رفيع المستوى في الدولة هو وزير الإعلام» ورأى أن ما يؤخذ على هذا الحكم هو غياب المتهم الرئيس في الدعوى قناة (LBC) عن المحاكمة، لافتاً إلى أن المحكمة الجزائية لم تكلف نفسها عناء إحضار قناة (LBC) بعد أن ثبت لها في لائحة دعوى المدعي العام أن لهذه القناة مكتب وممثل في «الرياض» مرخص من قبل وزارة الإعلام . وقال : « إذا كانت المحكمة الموقرة ترى أن محاكمة القناة من اختصاص وزارة الإعلام، فلماذا استدعت موظفات القناة السعوديات ولم تستدع القناة نفسها أو من يمثلها،؟ علماً أن دور الفتاتين في الجرم الذي اقترفته القناة هامشي لا يذكر». وأشار إلى أن الصحافة صعدت القضية وهيجت الرأي العام وشرائح المجتمع كافة ضد موكله، ما أسهم في الاستعجال في النظر بالقضية ووضعها تحت تأثير وضغط الرأي العام، لافتاً إلى أن ذلك اقتضى تحديد جلسة كل يوم وإصدار الحكم خلال عشرة أيام، وأشار إلى أن الاستعجال في النظر في القضية حرم موكله من حقه النظامي المكفول بإطلاق سراحه، كون قضيته إعلامية ليست من القضايا الموجبة للإيقاف، كما تسبب هذا الاستعجال في حرمانه من حقه النظامي من الاستفادة من خطاب وزير الإعلام الذي بموجبه تحجب ولاية المحكمة الجزائية عن نظر القضية لحين الفصل في قضيته المنظورة أمام الوزارة، «فمن سيعوض موكلي إن ظهر أمام وزارة الإعلام أن الدليل الذي بنت عليه المحكمة الجزائية حكمها محرف ومزيف». وفي ختام البيان أبدى الجميعي فخره بما واجهه من ناظر القضية ومن المحكمة الجزائية من احترام وتقدير لدور المحامي، على رغم اعتراضه على الحكم، مرجعاً «الحرية الكاملة التي حظي بها أثناء الترافع عن موكله إلى ولاة الأمر الذين أصدروا نظام المحاماة وألزموا محاكمنا الآن بتفعيله وتطبيقه كما يجب». وفي المقلب الآخر، أكد محامون ومستشارون قانونيون أن الأحكام التي صدرت في حق «المجاهر» ورفاقه الخمسة الآخرين مناسبة في القضية، مشيرين إلى أن الحكم فيها كان تعزيرياً وعادة لا تتجاوز الأحكام التعزيرية السنوات الخمس إضافة إلى الجلد. وقال المحامي مشعل الحمياني ل «الحياة» إن العقوبة التي صدرت يوم أمس هي حكم ابتدائي ويتم الاعتراض عليه سواء من قبل المدعي العام أو المتهمين، موضحاً أن الأحكام التعزيرية تكون مدتها خمس سنوات إلا في الجرائم الكبرى التي صدر فيها قرار من وزارة الداخلية. وأشار إلى أن الحكم الذي صدر يوم أمس مناسب جداً لكون الجريمة ليست من الجرائم الكبرى وهي كافية أن تردع المتهم في الجريمة التي ارتكبها. واعتبر المحامي علي العقلا تعامل القاضي في القضية بالمثالي، خصوصاً وأنه أعطى للجميع الحق في الرد على التهم التي وجهت لهم، مشيراً إلى أن الحكم مناسب تبعاً للقضية. وجاء الحكم في القضية بعد انتهاء التحقيقات مع جميع الأطراف، بعد أن فنّد الشريط «الخام» الذي حصلت عليه الجهات الأمنية السعودية من الفضائية اللبنانية أقوال الشاب، وثبتت مجاهرته بالمعصية، وتلاشت احتمالية الدبلجة التي استند إليها المتهم في بداية التحقيق معه. يشار إلى أن الشاب وأصدقاءه الذين ظهروا معه في التقرير، تقاضوا مبالغ مالية من القائمين على البرنامج لقاء ظهورهم وحديثهم على الهواء في البرنامج الذي يعرض على القناة الفضائية اللبنانية كل ليلة خميس. وكان المئات من المواطنين في مدينة جدة قدموا دعوى ضد الشاب، بعد أن أثار حديثه للقناة حول مغامراته الجنسية حفيظة الأوساط الاجتماعية والدينية في السعودية.