على غرار الكثير من المقاهي في الدول الأوروبية التي خُصصت لهواة القراءة، باتت هذه الحال تحضر في العاصمة الرياض عبر أكثر من مقهى، إذ تستهدف بتصميمها وتجهيزاتها هذه الفئة، بل إن أحد تلك المقاهي حدّد يوماً في الأسبوع لتدارس الكتب بين الزبائن والنقاش حولها. 6 آلاف كتاب، كانت كفيلة بأن تجعل من «مقهى» قبلة يتجه إليها الكثير من الأفراد بمختلف الفئات العمرية، بهدف قراءتها والاستمتاع بالصنف المفضّل من القهوة حتى الساعة الثانية صباحاً موعد الإغلاق، في صورة تشابه إلى حد كبير أسلوب ونمط المكتبات العامة، إلا من بعض المزايا المحدودة التي تختلف بينهما. وتراعي تلك المقاهي توافر تجهيزات محدّدة سعياً إلى تفعيل غرض القراءة، يأتي من بين ذلك مستوى الإضاءة المناسب والذي يتيح للزبائن القراءة من دون معاناة، وعدم وجود أجهزة تلفاز سعياً إلى تعزيز عامل الهدوء في المكان، إلى جانب توافر مجموعة من الكتب المتنوعة في تخصصاتها ومجالاتها، ما بين التاريخ والأدب والفكر وغيرها. وفي الوقت الذي تبرز فيه إحصاءات وتقارير تفيد بتدنّي معدلات القراءة لدى المجتمع السعودي والعالم العربي عموماً، إلا أن ظاهرة المقاهي المتخصصة للقراءة باتت تسجل وجودها أخيراً وبصورة متزايدة، على رغم ظهور التقنيات الحديثة من أجهزة لوحية وغيرها. وأوضح أحد الزوار نواف الخالدي، أنه اعتاد على تخصيص ساعتين من وقته يومياً للحضور إلى المقهى لقراءة الكتب التي يميل إليها. ويقول: «أفضّل القراءة في المقهى أكثر من المكتبات العامة، لكوني أستطيع الاستمتاع بارتشاف القهوة، إضافة إلى أن المقهى يبقي أبوابه مفتوحة حتى الثانية صباحاً، على عكس المكتبات التي تغلق في التاسعة». فيما يعتقد عبدالله العليان، أن القراءة تتطلّب أجواء مناسبة، الأمر الذي يدفعه إلى اختيار أحد المقاهي التي توفّر الأجواء التي يبحث عنها. ويضيف: «طابع المقهى مختلف عن المكتبة والمنزل، لأنه مكان يجمع عدداً من الأفراد الذين يتشاركون بالاهتمام ذاته، إلى جانب أنه يقدّم بعض الخدمات التي يمكن اعتبارها ترفيهية، خصوصاً في فترات الاستراحة من القراءة، وفي مختلف الدول توجد مقاهٍ تُعرف بمقاهي المثقفين، ولعل هذا المشهد يصبح بارزاً لدينا مع مرور الوقت». ويوضّح مدير أحد المقاهي، أن معظم الزوار هم من المهتمين بالقراءة، مشيراً إلى أنه من النادر أن يحضر زبائن يحملون كتبهم الخاصة أو لا يأخذون بعض الكتب المتوافرة داخل المقهى. ويقول: «في إجازة نهاية الأسبوع يأتي كثير من الزبائن للقراءة والاسترخاء بعد أسبوع عمل شاق، ونجد أنهم يقضون وقتاً ممتعاً لدينا، خصوصاً وأننا نسعى إلى توفير ما يحتاجون من أجواء، مثل منع التدخين، وعدم وجود الأجهزة ذات الأصوات العالية، كما أنني أعتقد أن القراء في مثل هذه المقاهي يأتون للاستمتاع بأوقاتهم برفقة كتبهم المفضّلة، على عكس المكتبات العامة التي غالباً يذهب إليها الزوار بحثاً عن مرجع محدّد أو لاستعارة كتاب ما».