في خطوة تشير إلى اهتمام الحكومة الفرنسية بتدارك عدد من المواقف التي أثارت غضب الجزائر في الفترة الأخيرة، قال مصدر ديبلوماسي، أمس، إن سفير فرنسا في الجزائر كزافييه دريانكور سيزور باريس هذا الأسبوع لنقل «توجيهات» إلى مسؤولي «منظمة أرباب العمل الفرنسيين» قبل زيارتهم القريبة الجزائر في خصوص العلاقة مع هذا البلد، وأيضاً لكي ينقل إلى حكومته «رسالة» جزائرية في خصوص بعض القضايا التي يُفضّل الجزائريون أن تغيّر فرنسا في طريقة تعاطيها معها. وكشف مصدر رفيع أن كزافييه دريانكور يحمل معه إلى باريس رسائل من الجزائر في شأن مجمل القضايا التي أثارت في الفترة الماضية توتراً وصل إلى درجة إلغاء لقاء بين وزيري الخارجية كان مبرمجاً أن يتم على «أرض محايدة» في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويُعتقد أن السفير دريانكور سينقل في إطار «سفره المستعجل» إلى فرنسا «توجيهات» إلى مسؤولين اقتصاديين فرنسيين يُفترض أن يصلوا إلى الجزائر بعد أيام ضمن وفد من «منظمة أرباب العمل الفرنسيين» («ميداف»). وتوقع المصدر الديبلوماسي أن ينقل المسؤول الفرنسي إلى أرباب العمل الفرنسيين «توجيهات» بعدم التجريح في قرارات الحكومة الجزائرية التي أثارت جدلاً لدى شركائها الغربيين، في خصوص مسائل الاستثمار والاستيراد. ومعلوم أن الجزائر باتت تفرض شراكة برأسمال غالب لمصلحة شريك محلي عن كل استثمار أجنبي، وأيضاً شراكة 30 في المئة من الأسهم مع شركات الاستيراد. كذلك يُتوقع أن ينقل دريانكور رسائل إلى قصر الإليزيه تشرح موقف الجزائر من قضايا كان محور توتر بين البلدين خلال العام الماضي. ويُعتقد أن هناك رغبة فرنسية في السعي إلى «إنقاذ» صفقات جزائرية مع باريس جرى إلغاؤها في اللحظة الأخيرة لمصلحة صفقات مع إيطاليا وبريطانيا. ويشاع في أوساط حكومية أن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي ألغى لقاء كان مبرمجاً مع برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، في نيويورك بسبب «أمور مستجدة». ويتردد أن الإلغاء جرى بتوجيه شخصي من الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، لكن لم يمكن تأكيد ذلك من مصادر رسمية. وأكدت باريس مراراً أن العلاقات مع الجزائر حسنة ولا تشوبها خلافات أساسية. لكن بعيداً عن تلك التصريحات العلنية، أثارت مواقف الفرنسيين الكثير من الغضب في الأوساط الرسمية الجزائرية خصوصاً في شأن ملف «رهبان تيبحرين» (المزاعم أن المخابرات الجزائرية وليس «الجماعة الإسلامية المسلحة» هي من ذبحهم في التسعينات)، وملف الديبلوماسي زيان حسني (الذي أوقف لأشهر طويلة في باريس بزعم تورطه في قضية اغتيال معارض قبل سنوات طويلة)، وملف مؤسسة ذاكرة الجزائر (التي تُدافع عن الجزائريين الذين تعاملوا مع الاستعمار الفرنسي خلال حرب التحرير). والظاهر أن كل هذه الملفات وغيرها (مثل دعم فرنسا الموقف المغربي من قضية حل نزاع الصحراء الغربية) ساهمت في الإرجاء المتكرر لزيارة الرئيس بوتفليقة باريس.