أكد خبيران اقتصاديان أن تراجع أسعار النفط لن يؤثر في اقتصاد المملكة عموماً وفي المشاريع خصوصاً، موضحين أن المملكة استطاعت خلال الأعوام الماضية بناء خبرات بكيفية التعامل مع سوق النفط العالمية، سواء في وقت الارتفاع أم الانخفاض. وأشارا في حديثيهما ل«الحياة»، إلى أن المملكة تمتلك عوامل عدة تستطيع من خلالها التعامل مع الوضع الراهن إذا احتاجت إلى ذلك، ومن أهمها استخدام احتياطاتها، والاقتراض من المصارف في ظل انخفاض حجم الدَّين العام، وطالبا بضرورة تنويع مصادر الدخل خلال الأعوام الخمسة المقبلة، إذ إن أثر الانخفاض الحالي في اقتصاد المملكة سيظهر بعد خمسة أعوام. وقال عضو مجلس الشورى سابقاً الاقتصادي أسامة كردي، إن تراجع أسعار النفط أمر ليس بجديد على المملكة، وخصوصاً أنها استطاعت خلال العقود الماضية بناء خبرات متقدمة في التعامل مع سوق النفط العالمية، سواء في وقت الارتفاع أم الانخفاض، ما يؤكد أنه لا خوف من هذا التراجع الحاصل حالياً في الأسعار. وأشار إلى أن هناك بدائل عدة للتعامل مع هذا الانخفاض، فإذا نظرنا إلى حجم المشاريع التي تم اعتمادها العام الماضي والتي كانت كبيره جداً فإن مخصصاتها معتمدة، وبذلك لن تتأثر بانخفاض أسعار النفط، إضافة إلى أنه ما زال هناك مجال وفرصة لتنفيذ تلك المشاريع، كما أن لدى المملكة احتياطات عالية من العملات الأجنبية، وإذا وجدت المملكة من المناسب استخدام هذا الاحتياط فإن ذلك ممكن. ولفت كردي إلى أن خبراء ومحللين كثيرين يتوقعون عودة أسعار النفط إلى الارتفاع في النصف الثاني من العام المقبل 2015، ما يؤكد أن تأثير الانخفاض الحالي لن يستمر طويلاً وسيكون في حدود ستة أشهر فقط، وبالتالي ستعود أسعار النفط كما كانت في السابق. وبيّن أن وجود الدَّين الحكومي المحلي يعتبر مطلوباً لأنه وسيلة من وسائل التحكم في التضخم، وهو أحد الأنشطة المهمة في أي اقتصاد. واعتبر كردي أن «الوضع الحالي للاقتصاد السعودي مطمئن وطبيعي وليس هناك ما يقلق، وخصوصاً أن المملكة لديها من الخبرات والعوامل التي تستطيع من خلالها التعامل مع الوضع الراهن». من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور هاني باعثمان، إن الوضع طبيعي، ولن يؤثر ذلك في الاقتصاد الوطني عموماً وفي المشاريع خصوصاً، إذ إن الدولة لديها من الاحتياطات الكبيرة ما يمكن استخدامها في أي وقت. ولفت إلى أن نسبة الدين العام في المملكة منخفضة بشكل كبير، ما سيجعل عملية الاقتراض الوسيلة الأولى في حال احتاجت إلى ذلك، ثم يأتي بعد ذلك استخدام الاحتياطات. وذكر أن المملكة تعاملت مع ظروف أكثر صعوبة، مثل ما حدث خلال الفترة من عام 1990 إلى 1998 حين تراجعت أسعار النفط بشكل كبير في تلك الفترة، إضافة إلى أن حجم الدين كان مرتفعاً، ولم يكن هناك احتياطات في ذلك الوقت مقارنة بالوقت الحاضر. وأشار باعثمان إلى أن كثيراً من المشاريع التي اعتمدت في الموازنة الماضية كان في مراحله الأخيرة، كما أن هناك مشاريع متعلقة برفاهية المواطن قد تتأثر بشكل محدود وقد يعاد النظر في تنفيذها، أما المشاريع الكبرى فإن مخصصاتها معتمدة، وكثير منها تم صرف جزء من مصروفاتها، وخصوصاً مشاريع الحرمين الشريفين، والقطارات والمطارات والإسكان، وغيرها من المشاريع الأخرى. وشدد على ضرورة تنويع مصادر الدخل خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وقال إن أثر الانخفاض الحالي سيظهر بعد خمسة أعوام، مؤكداً ضرورة عدم الاعتماد على النفط بوصفه مصدراً وحيداً للدخل، إذ من الضروري البحث عن قنوات أخرى غير النفط، لتسهم في رفع الناتج المحلي في اقتصاد المملكة.