منذ أكثر من أربعة أشهر والمؤشرات تلوح في الأفق بانخفاض حاد لأسعار النفط وخلال الأسابيع القليلة الماضية تراجعت الأسعار الى ما دون (90 دولاراً) والمؤشرات تقول: إن الأسعار ستتراجع الى حدود (60 دولاراً) خلال الأسابيع القادمة اي بانخفاض يتجاوز نسبة (60٪) عما كانت عليه الأسعار في السنوات الماضية وتحديدا من بداية الارتفاعات سنة (2005م)، والتي شهدت بداية ارتفاعات متوالية لأسعار النفط، كانت لها الاثار الإيجابية الكبيرة على استقرار اقتصاد المملكة خلال السنوات الماضية وخاصة في مجال القضاء على الدين المحلي وإنشاء مشاريع البنية التحتية العملاقة والاستثمار الجاد في الموارد البشرية السعودية وغيرها من المشاريع الهامة، اضافة الى تكوين اعلى ثالث للمخصصات الاحتياطية بمبالغ تلامس (3 تريليون ريال سعودي). في هذه الأيام التي نعيشها وسط توقعات بهبوط متسارع لأسعار النفط، وظروف سياسية معقدة محيطة بالمملكة، بكل تأكيد ان الحلول لتجاوز هذه المرحلة لن يكون سهلا، وإن كنت شخصيا متفاءل حيث إن المملكة وعبر العقود السابقة تعرضت لأكثر من أزمة اقتصادية، ولكن بفضل الله ورجالات المملكة تمكنوا من تسيير اقتصادها والعبور بها الى بر الأمان في اكثر من ظرف صعب، وهذا بكل تأكيد يجعلنا نثق ان من يقوم على اقتصاد المملكة يعي تماما الدور والمسؤوليات الملقاة على عاتقة، وسوف يعمل بكل جهد لاستقرار اقتصاد المملكة وتجنب ان يتعرض اقتصادها لأي هزة نتيجة انخفاض أسعار النفط في الوقت الحالي، وتجاوز هذا الكابوس المر. علينا أن نعي أن الأيام القادمة والسنوات القادمة ستكون حبلى بتغيرات اقتصادية مؤثرة وخاصة على مسيرة المشاريع التنموية العملاقة، وقد يزداد التأثير متى ما استمر هذا الانخفاض لفترات طويلة، وقد يجد كثيراً من الاقتصاديين ان هذا الوقت فرصة لتذكير الحكومة بأهمية تنويع الاقتصاد وتحديدا تنويع مصادر الدخل، لتجاوز اي أزمات اقتصادية متوقعة نتيجة انخفاض أسعار النفط، وفي نفس الوقت لا نستطيع القول إننا فشلنا في ذلك ولكن حاولت الدولة جاهدة في تحقيق هذا الهدف ووضعته نصب اعينها ومنذ بداية الخطط التنموية، لكن يتضح اننا لم نوفق بشكل كبير في استغلال المزايا النسبية بشكل يدعم تنوع الاقتصاد، ولم ننجز الاقتصاد الذي يعتمد على الميزة التنافسية بالشكل الذي نستطيع القول إن لدينا المرونة الكافية في التكيف مع اي متغيرات اقتصادية وبالشكل الذي لا يؤثر على استدامة نمو الاقتصاد بشكل عام. وحيث إن اقتصاد المملكة ما يوصف بالاقتصاد الريعي ويعتمد اعتمادا كبيرا على دخل النفط بما يتجاوز نسبة (90٪) من اجمالي دخل المملكة، سنلاحظ انكماشا خلال الأيام القادمة في العديد من القطاعات وهذا أمر طبيعي، لكن في نفس الوقت على المسؤولين ان يعملوا على وضع استراتيجية للأيام القادمة وبما تحمل من متغيرات للتماشي مع كل الأوضاع القادمة وتجاوز هذا الكابوس دون ان تكون هناك انتكاسات على اقتصادنا نحن في غنى عنها.