إذا خرجنا من حمى انفلونزا الخنازير بتحسن وتهذيب لبعض العادات الاجتماعية فهو أمر طيب، لا أتوقع أن نخرج بإصلاحات جذرية لجهازنا الصحي أو المدرسي. السبب أن خطاب الجهات الحكومية جامع مانع، يقول لنا في الغالب اننا الأفضل وإذا وقعت الفأس وشرخت الرأس قيل «أسوة بما يحصل في دول العالم»، لذلك اعول على تهذيب عادات اجتماعية درجنا عليها وأصبحت من السمات التي لا يقبل غيرها، ومثل هذا لن يأتي بين يوم وليلة بل يحتاج إلى تكريس. العناق والقبلات عند التحية والسلام من العادات المبالغ فيها في مجتمعنا، ولا طابع واحداً لها، كل فئة لها صيغة وأسلوب مختلف في العدد والاتجاه وأيضاً الارتفاع، يمكنك أن تسأل: هل هذه القبل تعبر عن مشاعر حقيقية أم أن معظمها أقرب الى حركات آلية لا إرادية، هل هي من الفنون الشعبية يا ترى؟! الآن هناك حاجة صحية قاهرة إلى إلغائها من قاموس التحية، ومن الأولى الامتناع عنها عند التعامل مع الأطفال، المولود القادم الجديد بكل ضعف جهازه المناعي «يجغف» أي يشبع تقبيلاً من صاحب جهاز المناعة الأقوى، ولا أبشع من ذاك سوى تقبيل الأطفال من أفواههم. لا شك في أن الجهل بالضرر من الأسباب مع تعود وعادة متأصلة، والناس الذين يحيّون بعضهم بالعناق والقبلات لا يتوقفون عن طرح الأسئلة، ذاكرة أو اسطوانة محمولة بأسئلة متتابعة متكررة لا تنتظر إجابة ولا تهتم بها حقيقة، لكونها جزءاً مما تمت برمجته أو عشعشته في الجمجمة. يمكننا إظهار حرارة المودة والمحبة بعيداً من القبل باللطف والرقة والأدب، والأخير يبرز في حسن التعامل وصيغة الأسئلة، خصوصاً بالابتعاد من تلك التي تكشف عن «شفاحة» التقصي الممجوج. الأمر الثاني في باب ما يستفاد من انفلونزا الخنازير قضية النظافة الشخصية. كم يا ترى من الناس من يصافح آخرين ويده غير نظيفة؟ فقبل قليل جالت وتجولت وحفرت هنا وهناك في مواقع تعرفونها، هذا في الخاص، أما العام فهناك فرصة لمزيد من ترسيخ النظافة العامة. إذا كانت بعض البلديات فرضت غرامات على رمي المخلفات من السيارات - وهو أمر في تطبيقه نظر - فلماذا يسكت عن البصق - أعزكم الله - وما في حكمه في الطرقات وأمام المحال بل المطاعم... وحتى المساجد! وهو أقبح وأخطر مع تفنن فيه... عذراً ولكن لا بد مما ليس منه بد. www.asuwayed.com