انتقد الإتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة والمعارضة التركية، المداهمات والاعتقالات التي نفذتها الشرطة اليوم الأحد في قضية "الكيان الموازي" بحق إعلاميين، والمرتبطة بالمعارض فتح الله غولن الخصم الرئيس لرجب طيب اردوغان، فيما رد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو على المعارضة متهماً إياها ب "زرع الفتنة". وقال الاتحاد الأوروبي في بيان شديد اللهجة على نحو غير معتاد الأحد إن مداهمة الشرطة التركية لمنافذ إعلامية لا تتماشى مع حريات الإعلام وتتعارض مع المبادئ الأوروبية. وقالت فدريكا موجيريني منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ومفوض شؤون توسيع الاتحاد الأوروبي يوهانس هانز في بيان مشترك، إن "مداهمة الشرطة واعتقال عدد من الصحافيين وممثلي الإعلام في تركيا اليوم، يتعارض مع حرية الإعلام التي هي مبدأ جوهري من مبادئ الديموقراطية." وأضافا: "هذه العملية تتعارض مع المبادئ الأوروبية والمعايير التي تطمح تركيا إلى أن تكون جزءاً منها". وأعربت الولاياتالمتحدة من جهتها عن قلقها، وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي إن واشنطن "تتابع من كثب" التقارير حول المداهمات والإعتقالات. ودعت السلطات التركية بوصف بلادها "صديق وحليف لتركيا، إلى ضمان عدم انتهاك تصرفاتها لقيم الإعلام والإستقلال القضائي الجوهرية وأسس تركيا الديموقراطية". وانتقد قليغدار أوغلو من جهته، عمليات التوقيف التي طاولت 32 شخصاً في تركيا اليوم الأحد، متهماً الحكومة التركية ب "التسلط"، معتبراً أن "ضغوطاتها تتصاعد يوميا"ً. وشدّد على ضرورة أن يتمتع الإعلام بالحرية، وأن يتمكن الإعلاميون من الكتابة بحرية ومن دون خوف، وفق قوله، مضيفاً أن المداهمات التي نفذتها الحكومة "لا تتوافق مع الديموقراطية". وقال قليغدار أوغلو في حديثه إلى صحافيين في مطار أتاتورك في اسطنبول: "كما انتقدنا في السابق عمليات الاعتقال بحق الصحافيين، فإننا ننتقد عمليات اليوم أيضاً". وفي سياق متصل، اتهم قليغدار أوغلو الاستخبارات التركية بالعمل على زرع الفرقة والانقسام داخل كوادر حزب الشعب الجمهوري بتعليمات من الحكومة، وهو ما نفاه مسؤولو الحكومة، معتبرين هذه الاتهامات "استكمالًا لهجمة بدأت على جهاز الاستخبارات الوطنية التركية في 7 شباط (فبراير) 2012"، والتي طاولت حينها أيضاً أنصار غولن. واستنكر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو من جانبه، هجوم قليجدار أوغلو على جهاز الاستخبارات من خلال "التحدث بلسان التنظيمات الموازية"، قائلاً: "إن ما نشهده اليوم يشكل امتحانًا مشتركًا لنا جميعًا، وكل شخص سيحاسب بما قام به، ووفق مواقفه تجاه الديموقراطية في هذا البلد، وسيكافأ عندما يقف إلى جانبها". وانتقد داود أوغلو حزب الشعب الجمهوري ورئيسه، قائلاً: "لن يفهموا هذا الشعب، ولم يستلهم "حزب الشعب الجمهوري"، من التاريخ شيئًا، وسيبقى غريبًا عنه"، مذكّرًا بأن "قليجدار أوغلو" رفع صورة فتاة سورية لدى حديثه في البرلمان، مضيفًا: "قليجدار أوغلو، لو كنت تقف بجانب هذه الفتاة بحق، قم وقل "إن بشار الأسد قاتل، وظالم"، لكنه لا يستطيع فهو جبان، لأن حزب الشعب الجمهوري يحمل عقلية بشار الأسد ذاتها". وتطرق رئيس الوزراء إلى عملية السلام الداخلي، قائلاً: "عندما نقول مسيرة السلام الداخلي، فنحن نبحث في المساواة بين مواطنينا، وعن عالم من الأخوة يتحد فيه 77 مليون إنسان في شكل متساوٍ كأسنان المشط، ونبحث في مناخ من الديموقراطية، وسنواصل هذه الأخوة التاريخية المشتركة بغض النظر عما يقوله الآخرون". ووجه داود أوغلو خطابه إلى "من يحاولون زرع بذور الفتنة بين أبناء الشعب التركي"، قائلاً إن "الشعب تربطه الأخوة الأبدية منذ الأزل". يشار إلى أنَّ تركيا شهدت بتاريخ 7 شباط 2012 أزمة، عندما استدعى مسؤولون أمنيون مرتبطون ب "الكيان الموازي"، مستشار جهاز الاستخبارات "هاكان فيدان"، وسلفه "إمره طانر"، ومساعدته "عفت كوناش"، كمتهمين من قبل النيابة العامة في إسطنبول، لأخذ إفادتهم في شأن لقاءات سرية جرت في العاصمة النرويجية أوسلو بين جهاز الاستخبارات التركية ومسؤولي حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) في أوروبا بين عامَي 2009 و2010، وتمحورت اللقاءات حول مسيرة السلام الداخلي التي رمت في مرحلتها الأولى إلى إنهاء العمليات الإرهابية بتخلي أعضاء المنظمة المذكورة عن العمل المسلح ومغادرة تركيا. وكانت فرق مكافحة الإرهاب التركية، أوقفت اليوم 28 من أصل 32 شخصاً، في عملية مداهمات نفذتها فجر اليوم الأحد، في 13 ولاية تركية، وذلك بناءً على مذكرة توقيف أصدرتها بحقهم النيابة العامة، على خلفية التحقيقات الجارية في قضية "الكيان الموازي"، وكان من بين الموقوفين إعلاميون يعملون في قناة تلفزيونية وصحيفة "زمان" التابعتين لجماعة "فتح الله غولن"، وآخرون يعملون في سلك الشرطة والأمن.