كشف تجار ذهب عن وجود عمليات غسل أموال، يديرها مستثمرون أجانب وعمالة وافدة، يستغلون السجلات التجارية لبعض المواطنين، لممارسة أعمالهم المخالفة للأنظمة، مشيرين إلى أن الرقابة «ضعيفة»، مؤكدين أن حجم هذه العمليات مؤثر في السوق وفي أسعار الذهب، فيما وصفوا العقود الإلزامية مع شركات الحراسات الأمنية الخاصة ب«الجباية»، لأنها لا توفر حراس أمن للمحال بالشكل الكافي، إذ لا يتجاوز عدد الحراس في الموقع أصابع اليد الواحدة، مقدرين قيمة هذه العقود في المنطقة الشرقية فقط بنحو 3 ملايين ريال. وأقر رئيس لجنة الذهب في غرفة الشرقية عبدالغني المهنا ل«الحياة» بوجود عملية غسل أموال في قطاع الذهب، موضحاً أن المستثمرين الأجانب والعمالة الوافدة قدموا إلى السعودية بعد الأزمة التي حدثت في الإمارات قبل نحو 8 سنوات، مضيفاً أنها تقوم بالاتفاق مع مواطنين لاستخدام سجلاتهم التجارية وفتح محال عدة للذهب، ومن ثم تقوم العمالة بإدارتها بشكل كامل، من خلال بيع المصوغات الذهبية المسروقة والمهربة، إضافة إلى بيع الذهب المغشوش، مشيراً إلى أن كل هذا يتم بعيداً عن أعين الرقابة، ما يؤثر في الاقتصاد الوطني. وقال: «لديها العديد من أساليب التحايل والغش، وتلجأ إلى طرق ملتوية في عمليات البيع، منها بيع الذهب القديم على أنه جديد بعد إضافة مواد تظهره كالجديد، مستغلين قلة خبرة الزبائن، لبيعه بأسعار مرتفعة، إضافة إلى أنها تلجأ إلى مضايقة تجار الذهب السعوديين، من خلال البيع بأسعار أقل نسبياً عما في السوق». وأكد عدم وجود ثقة بين المسؤول والتاجر، وهي مشكلة كبيرة يعاني منها قطاع الذهب، مبيناً أنه على مدى السنوات الماضية تمت مخاطبة الجهات المختصة لتكثيف الرقابة على العمالة الوافدة في سوق الذهب، بيد أنه لم يحدث أي شيء، كاشفاً أنه سيلتقي الأسبوع المقبل بمدير فرع وزارة التجارة في المنطقة الشرقية، لبحث عدد من المواضيع المهمة أبرزها: تكثيف دور فرق الوزارة الرقابية على جميع محال الذهب التي تدار من المواطنين والمقيمين، وسيتم تحديد موعد آخر للاجتماع بالجهات الأمنية في المنطقة، لبحث المخالفات الأمنية التي تحدث من المحال التي تديرها العمالة الوافدة، متمنياً أن يتم اتخاذ إجراءات تحمي سوق الذهب من عمليات التحايل والغش التي أصبحت تعاني منها. وحول المشكلات التي تحدث مع عمليات بيع وشراء الذهب المستعمل، قال: «خلال الفترة الأخيرة، رفض الكثير من النساء اللاتي يرغبن في بيع مصوغاتهم الذهبية إبراز بطاقة الهوية الوطنية الخاصة بهن أثناء عملية البيع، أو ما يثبت هويتهن، وهو الإجراء المتبع في هذه الحالات، بحجة وجود صورهن الشخصية على البطاقة، والتي لا يرغبن في إظهارها للبائع»، مؤكداً أنه طالب أصحاب محال الذهب في الاجتماع الأخير للجنة الذهب في غرفة الشرقية بعدم التعامل مع مثل هذه الحالات، لمخالفتها الأنظمة المعمول بها. وكشف المهنا عن مشكلة أخرى تعاني منها سوق الذهب وهي الحراسات الأمنية التي من المفترض أن توفرها شركات الحراسات الأمنية الخاصة، بموجب اتفاق بينها وبين ملاك محال الذهب، والذي يقضي بأن تدفع الأخيرة مبالغ سنوية تصل إلى 10 آلاف ريال لكل محل، وتقوم شركات الحراسة بتوفير حارس أمن للمحال، إلا أن هذا لا يحصل على أرض الواقع، إذ يوجد عدد محدود جداً، وأن الكثير من المحال أصبحت تدفع المبالغ المالية المطلوبة، ولا تحصل في مقابلها على شيء، لافتاً إلى أن هذا النظام فرض على محال الذهب من دون غيرها، وأن أي محل لا يقوم بالدفع يتعرض إلى عقوبة وهي عدم تجديد رخصة المحل، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في محال الذهب داخل الأسواق الشعبية. من جانبه، أكد عضو مجلس التجارة الدولي تاجر الذهب عبداللطيف النمر، وجود عمليات غسل أموال في قطاع الذهب بشكل كبير، تدار من العمالة الوافدة، معتبراً أنها «آفة» خطرة، إذ تقوم ببيع كميات من الذهب «مشبوهة» المصدر، التي تُعرض على مستثمرين في قطاع الذهب بالسعودية من جهات خارجية، بخصومات متفاوتة تتراوح بين 10 و15 في المئة عن السعر الأصلي، موضحاً أنهم يشكلون عصابات، تقوم ببيع الذهب المسروق والمغشوش بطرق غير نظامية، وهو ما يسبب خسائر «فادحة» في الاقتصاد السعودي عموماً وقطاع الذهب خصوصاً. وأوضح أن هذه «العصابات تقوم بالغش في قيمة «أونصة» الذهب، ومن ثم تقوم بتهريبه أو بيعه خارج المملكة بأسعار عالية»، إضافة إلى أن بعضها يتعاون مع عصابات سرقة المنازل لشراء الذهب المسروق بأقل الأسعار، ليتم بعد ذلك بيعه في محالهم بأسعار مضاعفة، وهو ما يعرض المشتري للمساءلة القانونية من الجهات الأمنية في حال العثور على الذهب المسروق بحوزته، على رغم عدم معرفته بأنه مسروق. وطالب النمر، والذي كان يشغل منصب رئيس لجنة الذهب والمجوهرات في غرفة المنطقة الشرقية سابقاً، بتدخل الجهات المختصة كوزارتي التجارة والداخلية، للحد من هذه العمليات، مخافة أن تتحول مستقبلاً إلى «ظاهرة»، وخلق سوق سوداء، مؤكداً أن الكثيرين من تجار الذهب يعانون من العمالة الوافدة، التي باتت تشكل خطراً كبيراً على قطاع الذهب، خصوصاً في ظل انعدام الأيدي الوطنية المتخصصة في عمليات البيع والإصلاح، محذراً المستثمرين والمستهلكين في قطاع الذهب والمجوهرات من الانسياق وراء عروض هذه العصابات وأكاذيبهم وأساليبهم الملتوية، مطالباً بضرورة التأكد من سلامة مصادرها وشرعيتها. من جانبه، أكد تاجر الذهب عبداللطيف الناصر، أن العمالة الوافدة باتت في الآونة الأخيرة تشكل تهديداً كبيراً لتجار الذهب في المملكة من خلال محاولتهم السيطرة على السوق، وخلق سوق سوداء لبيع الذهب المغشوش، إضافة إلى استغلالهم أسعار الذهب العالمية المرتفعة، من طريق تقديم عروض وهمية، واستغلال حاجة الناس لبيع أو شراء الذهب.