طهران، لندن، واشنطن، بروكسيل – أ ب، رويترز، أ ف ب، وكالة «إرنا» – أكد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد امس، ان بلده «لا يخفي أسراراً» حول نشاطاته النووية، معتبراً ان نظيره الاميركي باراك اوباما «ارتكب خطأً تاريخياً» بإعلانه ان ايران أخفت وجود منشأة تخصيب اليورانيوم الجديدة قرب مدينة قم. وقال نجاد في خطاب خلال افتتاح الاجتماع الثالث للجمعية العامة لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية ان «عمل ايران يقوم على الصدق وليس لدينا اي سر في ما يخص نشاطاتنا النووية، بما اننا قدمنا المعلومات (حول منشأة التخصيب الجديدة) مسبقاً» للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأضاف ان «وسائل الإعلام الغربية تعتمد خطاً سياسياً، بقولها ان لدينا أسراراً. انها تكرر حملة الاكاذيب هذه حتى يستوعبها الناس». وانتقد نجاد اوباما، معتبراً انه «ارتكب خطأً تاريخياً» بإعلانه ان ايران اخفت وجود هذا الموقع، ومضيفاً انه «تبين بوضوح ان تلك المعلومات كانت مغلوطة وان ليس لدينا اي اسرار». وتساءل: «السؤال هو كيف ان الرئيس الاميركي لم يتبلغ ذلك؟». وزاد ان «الرئيس الاميركي بدأ يهاجم ويؤكد ان موقعاً سرياً اكتُشف في ايران، فيما تبين ان تلك المعلومات كانت مغلوطة». وجاءت تصريحات نجاد حول اوباما، بعد ما أوردته صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية حول «شجار» حصل بين الرئيس الاميركي ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، في شأن الإعلان عن منشأة التخصيب الايرانية الاسبوع الماضي. وأضافت الصحيفة ان اوباما «اغضب» ساركوزي وبراون، بإصراره على رفض الإعلان عن المنشأة، خلال جلسة مجلس الأمن التي رأسها الرئيس الاميركي، وأقرت الدعوة الى عالم خال من السلاح النووي، او بعدها مباشرة. وخشي اوباما ان يقوّض الإعلان عن المنشأة، الدعوة التي اصدرها المجلس في جلسة اعتُبرت تاريخية. وأوضحت ان ساركوزي سخر من سذاجة اوباما حول «أحلامه» بإزالة الاسلحة النووية. الى ذلك، اعتبر كبير المفاوضين النوويين الايرانيين سعيد جليلي محادثات جنيف مع الدول الست المعنية بالملف النووي لطهران الخميس الماضي «خطوة متقدمة وإيجابية». وقال لدى عودته الى طهران مساء الجمعة الماضي بعد ترؤسه الوفد الايراني، ان «الطرفين شرحا آراءهما وتقرر ان تستمر هذه المفاوضات ويُحدد اطارها». وزاد انه اوضح للدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا) ان «تخصيب اليورانيوم هو من الحقوق البديهية للشعب الايراني»، مشيراً الى ان بناء منشأة التخصيب الجديدة قرب قم يتم بسبب «التهديدات العسكرية» الموجهة الى ايران. ولفت الى «عدم وجود أي اعتراض على زيارة مفتشي الوكالة الذرية» لتلك المنشأة، مؤكداً انه لم يتم خلال محادثات جنيف «طرح قضية تعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم مطلقاً». في موسكو، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان «الاتفاقات التي أُبرمت» خلال محادثات جنيف «توحي بتفاؤل حذر». وقال: «الأهم الآن هو ان تنفذ هذه الاتفاقات بالكامل في المهل المحددة». في الوقت ذاته، أعلنت الخارجية الاميركية ان مهلة الاسبوعين التي أُعطيت لإيران لفتح منشأة التخصيب أمام عمليات التفتيش «ليست بالضرورة محفورة على الرخام»، في ما بدا تراجعاً عن تصريحات اوباما الخميس الماضي. وقال الناطق باسم الخارجية أيان كيلي: «لا اعتقد انها مهلة حتمية. قلنا فقط ان المسألة عاجلة، لكني لا اعتقد ان هذه الفترة الزمنية حُفرت على الرخام». وأضاف: «ليس موعداً ملزماً لكننا نريد ان يحصل ذلك في الاسبوعين المقبلين». وأكد ان ايران «وافقت على مبدأ» فتح منشأتها الجديدة أمام مفتشي الوكالة الذرية، وتصدير اليورانيوم القليل التخصيب الى دول اخرى تنهي عملية التخصيب. في غضون ذلك، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصادر ديبلوماسية في باريس تأكيدها ان الغربيين والروس والصينيين تحدثوا بصوت واحد في جنيف الخميس الماضي، لإقناع ايران بخوض مفاوضات حقيقية حول برنامجها النووي، لكنهم لم يتطرقوا الى احتمال فرض عقوبات عليها. وقالت المصادر ان كشف معلومات عن منشأة التخصيب قرب قم «ساهم في توحيد موقف» الدول الست، موضحة ان روسيا «اتخذت فعلاً موقفاً اكثر حزماً» منذ كشف تلك المعلومات، كما ان الصين لم تعترض على مواقف الدول الاخرى. وأشارت المصادر الى ان الاقتراح الذي وافقت عليه الدول الست بتخصيب يورانيوم ايراني في الخارج وإعادته لاستخدامه في تشغيل مفاعل طهران للبحوث، يبقى «على هامش» جوهر المفاوضات وهو البرنامج النووي الايراني. وأضافت ان الدول الست ترغب في ان تكون مسألة معالجة اليورانيوم في الخارج «ضمن العملية، لكنها ليست بديلاً من مطلب تعليق البرنامج النووي». في بروكسيل، اكد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن امتلاك سلاح نووي هو حق لإسرائيل ولإيران على حد سواء، مضيفاً: «لكننا نؤيد فكرة شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل». وقال: «بالنسبة الى التعامل الدولي مع إيران، نؤيد دائماً سياسة الحوار». وشدد على ان فرض عقوبات على ايران أو مهاجمتها عسكرياً سيؤثر سلباً على تركيا، مضيفاً: «المسألة إقليمية وليست ثنائية».