مع فورة المحطات الفضائية الغنائية التي ترفع راية التحرر والجنوح إلى النموذج الغنائي الغربي، اقتحمت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي قناة المنوعات «فور شباب» فضاء البث التلفزيوني العربي لتسوّق أغاني شبابية دينية (إسلامية). ووصف بعضهم هذه الخطوة ب«نواة ترسيخ الهوية العربية والإسلامية لدى الشباب العربي الممزق بين العادات والتقاليد الغربية الدخيلة على مجتمعه نتيجة انبهاره بأسلوب ثقافة الآخر». تحمل فكرة القناة طابع «إم تي في» المقتضب السريع الذي ينجذب إليه الشباب، إذ تبث موسيقى الهيب هوب والراب الإسلامي المصورة بطريقة الفيديو كليب، إضافة إلى الأغاني العربية والأناشيد الشعرية والوطنية لعدد من المنشدين كأحمد أبو خاطر وعبد القادر قوزع. وتهدف القناة – بحسب قول القائمين عليها - إلى «نشر فن هادف بعيد من الإسفاف والعري في كليبات فنية منوعة تحمل رسائل دينية واجتماعية لإيجاد بديل فني يرقى بذوق المشاهد العربي خصوصًا الشباب». لكن إلى أي مدى ستستقطب القناة قاعدة من الشباب في ظل سطوة أكثر من 70 قناة غنائية على الأثير التلفزيوني؟ يرى القائمون على القناة أن «شبكات الموسيقى تمثل خطراً على الهوية الإسلامية والعربية، لذا توجب إطلاق قناة تكون النواة لتقديم فنًّ راق، شكلاً وموضوعًا، يحمل في طياته السرعة والتشويق، إذ تقدم «فور شباب» فناً وغناءً ودراما وبرامج ومسابقات ورياضة كسواها من الفضائيات، لكنها تقدمها بصورة مختلفة تماماً بهدف التسلية والترفيه لا إهدار الوقت، وبهدف إعلاء العقل لا الترويج للخرافات، وبهدف الانحياز للوسطية لا التطرف، وبهدف ترسيخ الهوية لا تشويش الانتماء، مستعينة بأكثر تقنيات التصوير والإخراج حداثة». وتضم القناة برامج تترجم خطها الإعلامي، هي: «فور شباب على الهوى» وهو برنامج سريع يطرح مواضيع شبابية مختلفة في شكل مرح وخفيف، و«أشواق» من تقديم عادل باناعمة الذي يعالج فيه فكرة «الشوق»، فيتحدث عن مفهومه، ومكانته، ومساراته. وهناك أيضاً «لقطات» الذي يعرض قصة رمزية في كل حلقة مع طرح مقولة وعبرة من هذه القصة، بينما يعرض «صوتك واصل» المواهب الصوتية من خلال الاتصال بالبرنامج لعرض الموهبة في ميزان النقد الفني لضيف الحلقة، ومن ثم عرضها على الجمهور للتصويت للأصوات المشاركة واختيار نجم الأسبوع الذي يترشح لنيل جائزة البرنامج من خلال تنافسه مع مرشحي الأسابيع الأخرى. أما برنامج «كانوا معي» فيتناول تجربة مقدم البرنامج شخصيًّا مع حالات من المدمنين، فيما يناقش «من الآخر» مواضيع جادة وواقعية لأهم القضايا الشبابية من خلال استضافة مجموعة من المفكرين والدعاة الشباب المتميزين. أما برنامج «180 درجة» فيقدّمه علي العمري مع مجموعة من الشباب الذين يحاورونه حول المواضيع المستجدة للوصول لفهم الواقع وأسلوب التعامل مع المستجدات. ويتردد أن تمويل القناة – يترأسها المصري أحمد أبو هيبة - الذي زاد على 3 ملايين دولار جاء بعد عرض كليب مدته 17 دقيقة (عبارة عن خليط من أكثر الكليبات إباحية والتي تبث على القنوات الموسيقية الموجودة بالفعل) على مجموعة من كبار المستثمرين المحافظين، لمواجهة هذا الواقع، وتأسيس قناة من شأنها توجيه نداء للشباب المسلم ضد الفساد والصور الخليعة. ومنذ تأسيسها لم تسلم القناة من الانتقادات، خصوصاً من العنصر النسائي الذي يرى تهميشاً لدور المرأة على هذه المحطة، استناداً الى ندرة إشراكها في الكليبات المعروضة أو في البرامج. لكن القناة تنفي وجود أي محاذير من هذا النوع طالما أن ظهور المرأة يتم وفقاً للمعايير الإسلامية وفي بعض المواقع التي يقتضيها البرنامج.