أصدر مصرف ليبيا المركزي بياناً أعتُبر بمثابة «براءة ذمة» لإدارته والعاملين فيها، ينبئ بتحول البلاد المنتجة للنفط والعضو في»أوبك» دولة مفلسة، بعد ثلاث سنوات ونيف من إطاحة حكم العقيد معمر القذافي. تزامن ذلك مع أجواء خيبة رافقت تأجيل الحوار الذي دعته إليه الأممالمتحدة، نتيجة خلافات بين الأطراف المتصارعة (للمزيد). وحمّل بيان المركزي الليبي، مسؤولية «الكارثة» إلى الفساد وسوء التصرف بالمال العام اللذين أديا إلى ضياع أرصدة قدرت بنحو 300 بليون دولار كانت في حوزة الدولة الليبية قبل سقوط القذافي في انتفاضة شعبية بدأت في 17 شباط (فبراير) 2011. وسرعان ما دخلت البلاد في حرب أهلية أدت إلى تصنيفها «دولة فاشلة»، وهي اليوم تتحول «دولة مفلسة» بسبب الهدر المترافق مع انخفاض مستمر في إنتاج النفط نتيجة سيطرة مجموعات مسلحة على الحقول وموانئ التصدير وانخفاض الأسعار عالمياً. وأشار بيان «المركزي» إلى أن إيرادات الدولة خلال هذا العام الذي يشارف على نهايته، بلغت حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، 19.2 بليون دينار ليبي فيما بلغت المصاريف 38.5 بليون دينار، أي بعجز قدره 19.3 بليون دينار (نحو 14.8 بليون دولار). وتوقف مراقبون أمام أمر ملفت في بيان المصرف المركزي وهو إشارته إلى أن حجم الإنفاق على مشاريع التحوّل (التنموية) هذا العام، بلغ 2.2 بليون دينار ليبي، علماً أنه لم تُبن وحدة سكنية واحدة في 2014 ولم ترصف طريق في أي مدينة أو قرية، بل إن كثيراً من الوحدات السكنية والمطارات والمباني الخاصة والعامة في مدن مختلفة، دُمّر نتيجة القصف المتبادل بين المجموعات المتحاربة. والأمر الأخطر، أن احتياط الموازنة االبالغ 8 بلايين دينار في نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2013 تبخّر في نهاية تشرين الثاني الماضي، وأصبح صفراً، ما يشير إلى «استنزاف حاد للمدخرات»، كما رأى اقتصاديون ليبيون. وأوضح المصرف في البيان الذي نشر على موقعه الرسمي الإثنين، أن «الإيرادات السيادية لمصلحة الدولة بلغت حتى نهاية تشرين الثاني 1.5 بليون دينار، مقارنة ب 2.9 بليون دينار عام 2013. وأوصى «المركزي» باعتماد إجراءات فورية ضرورية للتخفيف من حدة الأزمة وتداعياتها، من خلال استخدام «الرقم الوطني» لدفع المرتبات لتفادي الازدواجية والتكرار، إضافة إلى حماية حساب «الاحتياط» وعدم التصرف به إلا بقانون. وطالب بإعادة النظر في سياسات الدعم كافة والتقليل من الإنفاق الاستهلاكي، للمحافظة على رصيد العملة الصعبة. وأشار المصرف إلى أنه سيتخذ إجراءات وقائية موقتة للحد من استنزاف أرصدة النقد الأجنبي حتى عودة الأمور إلى طبيعتها. وكان «المركزي» أشار في تقريره للسنة المالية 2013 إلى انخفاض كبير في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، معتبراً أن الانخفاض الكبير في الناتج المحلي لقطاع النفط هو السبب الرئيسي لذلك.