«انقلب السحر على الساحر»، فبعد أن حاول منتمون إلى التنظيمات الإرهابية توظيف التقنية إلى صفهم، ها هم الآن يفاجأون بأن النسبة الأكبر ممن قبضت عليهم وزارة الداخلية كانوا يقبعون خلف تلك الشاشات ليبثوا سمومهم إلى المجتمع، من تحريض للشباب المندفع ليسلكوا طريق الضلال. بات أمراً معتاداً أن يرى زائر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» معرفات تحضر في «أوسمة» محاولة بث أفكارها إلى المجتمع، متوقعين بأنهم مؤمّنين، والواصل بينهم وبين المستهدفين هي بيانات تترجم ب«الصفر والواحد»، لم يعلموا أن تلك التقنية التي استخدموها عادت إليهم لتطيح بهم، بعد أن وظفت وزارة الداخلية هذه التقنية لإيقاعهم. يقول مدير إدارة أمن المعلومات في مدينة الملك فهد الطبية المهندس فهد الحسين في حديث له مع «الحياة»: «الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر، من الممكن أن يتم الاطلاع على محتوياتها ومراقبتها». وأضاف: «نظام الخصوصية في غالبية الدول يبيح الوصول للمعلومات الشخصية، في حال كان العمل يتعدى على أمن المجتمع». وشبه الخبير التقني هيثم أبوعايش عملية معرفة المتجاوزين خلف برامج الاتصال مثل «واتساب» و«تلغرام» ب«خريطة كنز» تجمع من جهات عدة، وهو ما قامت به وزارة الداخلية بإتقان، وأضاف: «تشفير التطبيقات في الهواتف الذكية مكلف وشبه مستحيل على شركات تقدمه مجاناً»، ويستطرد: «وزارة الداخلية لديها خامات ونخب في المجال التقني، ولن يصعب عليها أبداً إيجاد المتجاوزين أينما كانوا». وعلى رغم أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أو شركات الاتصال، لا يمكنها الاطلاع على الحسابات المشفرة والمحمية في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن إدارة «تويتر» صرحت في وقت سابق أنها تمكن الحكومات من الدخول إلى الحسابات المشبوهة أو الحسابات التي تستخدم من المحرضين. يذكر أن إحدى الشركات الموردة والمشغلة للأنظمة التقنية، كشفت ل«الحياة» في نسيان (أبريل) الماضي أنه أضحى بالإمكان توظيف نظام تقني رقابي، يستهدف وسائل الإعلام التقليدية، إلى جانب شبكات التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها. وتتيح هذه النظم تصنيف كل ما يطرح عبر هذه الشبكات، سواء أكان سلبياً أم إيجابياً، وتسهّل الوصول إلى الأفراد والجهات التي تعمل على زعزعة الأمن واختراق الفكر. وأوضح الخبير التقني أنس السلمان أن نظام «معمل التحقيق الرقمي والجنائي ومراقبة وضبط الإعلام التقليدي والجديد»، يتيح التوصّل إلى النقطة الأولى لأي حدث، سواء أكان في الوسائل التقليدية أم الجديدة، من خلال الإمكانات الرقابية التي يتمتع بها، ومنها قدرته على قراءة 13 لغة، مع تزايدها باستمرار، و570 لهجة عربية، و278 لهجة سعودية، بحيث يتمكن من تصنيف المفردات بناء على معانيها، ليتم بعد ذلك إعطاء إشارات تنبيه للجهاز الأمني الحكومي بوجود خطر ما تم رصده في مواقع التواصل الاجتماعي، ما يتيح السيطرة عليه والتفاعل معه خلال وقت باكر قبل تفاقمه.