أكد محامون ومستشارون قانونيون ل«الحياة» أن أبرز أسباب إطالة أمد النظر في القضايا المرفوعة إلى المحاكم، جهل المتخاصمين باللوائح والأنظمة، ما يصعب موقفهم القانوني، إضافة إلى الضغط الكبير الذي تشهده المحكام المختلفة وكثرة القضايا التي تنظرها. وأكد المحامي والمحكم أحمد جمعان المالكي ل«الحياة» أن القضاة يضطرون إلى مخاطبة جهات أخرى لإيضاح الملابسات أو الشواهد التي قد توضح القضايا، نظراً إلى جهل أطرافها بها، وهذا يستدعي بقاء القضايا مدة من الوقت في المحاكم بحثاً عن العدالة. واتفق المستشار القانوني ثامر أحمد ل«الحياة» مع المالكي في التوصيف حول جهل أطراف القضايا التي تنظرها المحاكم بالأنظمة واللوائح الصادرة من ولي الأمر، مشيراً إلى أن هذا الجهل يضع المطالب بالحق في موقف صعب، نظراً لعدم وجود مستند شرعي، خصوصاً في ظل وجود أطراف خصومة يحررون عقوداً تتضمن بنوداً من الممكن تأويلها لصالح الطرفين، فيدعي كل طرف أن هذا البند لصالحه، ما يدفع القاضي إلى طلب بينات ومراسلة بعض الجهات ومحاورة الخصوم، حتى يطمئن إلى تحديد صاحب الحق. وقال أحمد: «في هذه الحال لا يمكن أن نقول إن هذا التأخير بسبب القاضي أو كثرة القضايا، لأن جهل الخصوم بالثقافة الشرعية والقانونية قبل إقامة أي علاقة يترتب عليها حقوق، هو السبب في إطالة أمد التقاضي»، موضحاً أن الكثير من القضايا تحتاج إلى مخاطبة جهات أخرى كالأدلة الجنائية لتحديد واقعة تزوير مثلاً، أو أن يطلب أحد الخصوم شهادة شخص من خارج المنطقة التي توجد فيها المحكمة ناظرة الدعوى، وهذا يأخذ وقتاً، و«كان يمكن للخصم إحضار الشاهد من المدينة الموجود فيها لاختصار الوقت». وطالب المستشارون بالإسراع في إنشاء مراكز تحكيم متخصصة تتولى وزارة العدل الإشراف الكامل عليها، لحل هذا التأخير، ونشر ثقافة التحكيم في الأوساط الحقوقية على أنها قضاء مستقل مرجعيته الشريعة الإسلامية، ما سيسهم في تسريع الفصل في الدعاوى المنظورة أمامه. وأكدوا عدم قدرة المجتمع على استيعاب قوة التحكيم باعتباره قضاء خاصاً منوطاً بالفصل في منازعاتهم وفق ما اتفقوا عليه قبل النزاع أو بعد النزاع. وقال أحمد: «يسود الاعتقاد لدى بعض الخصوم أن المحكمين ليسوا سوى وكلاء عن الخصوم، وهذا بلاشك يعتبر جهلاً كبيراً بدور التحكيم واستقلاله وحياده». فيما أضاف المحكم المالكي أن عدم وجود تحكيم مؤسسي بمعنى وجود مؤسسات خاصة تتولى التحكيم في النزاعات، كما هو حال بعض مراكز التحكيم الموجودة في دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك في مصر وفرنسا والمملكة المتحدة ،أسهم بالتأكيد في تأخر البت في القضايا، خصوصاً وأن الكثير من الإجراءات التي يتخذها المحكمون في سبيل الفصل في الدعوى، لا تكتسب النفاذ والحجية أمام الخصوم وأمام بعض الجهات الحكومية، إلا بعد مصادقة المحكمة المختصة بنظر الموضوع أصلاً على هذه الإجراءات، «وفي اعتقادي أن ذلك أسهم في تعطيل التحكيم السعودي».