أكد محافظو المصارف ومؤسسات النقد العربية بدء تعافي الاقتصادات العربية من سلبيات أزمة المال العالمية، وشددوا في اجتماع الدورة العادية الثالثة والثلاثين لمجلس محافظي المصارف ومؤسسات النقد العربية، الذي عقد في قصر المؤتمرات في أبوظبي أمس، على عدم الإفراط في التفاؤل، والاستعداد للتأقلم مع مرحلة وأوضاع اقتصادية جديدة. وأكد المحافظون ضرورة تحقيق استقلال أكبر للمصارف المركزية العربية، للقيام بدور أكبر في الرقابة على مؤسسات المال والنقد في الدول العربية، بهدف منع حصول أزمات في أسواق المال والعقارات. وتبنوا الدعوة إلى إيجاد نظام دفع إقليمي مشترك ترعاه المصارف المركزية والمؤسسات تكون له آثار إيجابية على حركة الاستثمارات البينية العربية ويعزّزها. وأكد محافظ المصرف المركزي الإماراتي سلطان بن ناصر السويدي في كلمة الدولة الراعية للاجتماع، أن التسهيلات التي اتخذتها الحكومة الاتحادية والمصرف المركزي بعد الأزمة المالية العالمية أدت إلى استقرار وضع المصارف في الإمارات وتحسن السيولة لديها، وقال:ساعد احتفاظ المصرف المركزي بسياسة نقدية في صيغة توسعية، على استقرار الأوضاع الاقتصادية. وأضاف، أن دولة الإمارات كانت من بين الدول التي تأثرت في شكل جوهري خلال المرحلة الأولى من أزمة المال العالمية، بسبب انفتاحها على أسواق المال العالمية. وأكد أن الحكومة أدركت منذ البداية أهمية اتخاذ إجراءات سريعة لحماية نظامها المصرفي. وسعت إلى التخفيف من حدة الآثار السلبية للأزمة، فوضعت أسساً لضمان الودائع لدى المصارف، التي لديها عمليات كبيرة وجوهرية في الدولة، وأمنت تسهيلات لدعم السيولة لدى المصارف الوطنية بقيمة 70 بليون دولار . وأمّن المصرف المركزي تسهيلات بتقديم 50 بليون دولار للسحب على المكشوف، لدى المصارف العاملة في الدولة من خلال حساباتها الجارية لدى المصرف المركزي وتسهيلات مقايضة في مقابل 100 في المئة من ممتلكات المصارف من شهادات إيداع المصرف المركزي وتسهيلات بخصم سندات وأدوات دين الحكومات المحلية ومؤسساتها. وأكد السويدي أن هذه التسهيلات أدت بعد فترة وجيزة، إلى تحسن وضع السيولة لدى المصارف ومن ثم إلى استقرار وضعها في شكل عام. وقال محافظ البنك المركزي السوداني رئيس الدورة الحالية لمجلس محافظي المصارف المركزية العربية ومؤسسات النقد العربية الدكتور صابر حسن، أن الدروس المستفادة من أزمة المال العالمية وتأثيراتها على الدول العربية، تؤكد ضرورة إيلاء مزيد من الاهتمام للرقابة والإشراف على مؤسسات المال مع تدعيم سلطة المصارف المركزية واستقلالها، وزيادة التعاون والتنسيق بين الدول في هذا المجال المهم. وقال: إن اقتصاد السوق، بمقدار ما يؤمن مزيداً من الحيوية والدينامية، فإنه يحتاج إلى الرقابة والإشراف والمحاسبة، ولعل لقاء اليوم في هذا الاجتماع السنوي، يمثل فرصة لتدارس ما تواجهه منطقتنا من مشكلات ولتبادل الخبرات. ولفت إلى أن جدول أعمال الاجتماع تضمن قضايا مهمة في المجالين النقدي والمالي، من بينها التقرير الاقتصادي العربي الموحد وتوصيات اجتماعات اللجنة العربية للرقابة المصرفية واللجنة العربية لأنظمة الدفع والتسوية ودراسة إنشاء آلية أو ترتيبات لمقاصة المدفوعات العربية البينية وتسويتها، ويمثل نقلة نوعية في تسوية المدفوعات العربية البينية، بما يساعد في تنفيذ زيادة أحجام التبادل وتحقيق مزيد من الكفاءة في السرعة والتكلفة في تنفيذ هذه العمليات، إضافة إلى تقليل الحاجة إلى مراكز المال العالمية. وقال المدير العام، رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الدكتور جاسم المناعي، إن أزمة المال وتداعياتها ما تزال تمثل الهم الشاغل للأوساط المالية والاقتصادية في دول العالم، على رغم مؤشرات أمل بقرب انتهاء الأزمة. ونوّه بالسياسات النقدية والمالية التي اتبعتها الدول العربية في مواجهة الأزمة ما مكن الاقتصادات العربية من تخفيف التداعيات واستيعابها . ونصح بعدم الركون إلى الاسترخاء، إذ من المبكر الاعتقاد بأن الاقتصاد العالمي تعافى تماماً، ومن الحكمة عدم الإفراط في التفاؤل. واعتبر ان الأزمة خلفت دروساً مهمة جديرة بالتمعن والاهتمام، بحيث أصبحت مسؤوليات المصارف المركزية أكبر بكثير مما كانت قبل الأزمة. ونقلت وكالة «رويترز» من أبو ظبي عن محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي محمد الجاسر قوله: «لا توجد دلائل على انكماش في البيانات الاقتصادية السعودية». وأكد الجاسر على هامش اجتماع محافظي المصارف المركزية العربية، إنه لا يتوقع انكماشاً في المؤشرات الاقتصادية السعودية.