تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الصمود «في وجه التحديات» وعدم «الرضوخ لضغوط الغرب»، والتراجع عن مواقف روسيا في شأن أزمة أوكرانيا، وفي مقدمها ضم بلاده شبه جزيرة القرم ، التي وصفها بأنها «مقدسة لدى الروس مثل الحرم القدسي للمسلمين واليهود». لكنه شدد على أن موسكو «لا تعتزم قطع علاقاتها مع أوروبا والولاياتالمتحدة» (للمزيد). وأشار بوتين إلى أنه على رغم انفتاح روسيا كان خطر تقسيمها قائماً وفق سيناريو يوغوسلافيا بكل ما يترتب عليه من عواقب مأسوية، مشيراً الى «حراك انفصالي مدعوم من الخارج إعلامياً وسياسياً ومالياً وعبر قنوات استخباراتية». واعتبر أن خطط واشنطن لنشر «درع صاروخية» في أوروبا تهدد الأمن الاستراتيجي الدولي، «لأنها تخلق وهماً خطراً لدى واشنطن بأنها في أمان مطلق، ما يدفعها نحو قرارات أحادية الجانب وغير مدروسة». في المقابل، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري على هامش اجتماع منظمة الأمن والتعاون الأوروبية في بازل، حيث التقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن «الولاياتالمتحدة والبلدان التي تدعم سيادة أوكرانيا لا تسعى إلى مواجهة مع روسيا». وتابع: «لا نتطلع ولا نرغب في رؤية روسيا معزولة بسبب أفعالها، ونرى أنها تستطيع استعادة الثقة والعلاقات الجيدة عبر تهدئة الأجواء» في شرق أوكرانيا، حيث أعلن الجيش الأوكراني تعرضه لأكثر من 70 هجوماً من الانفصاليين الموالين لموسكو خلال الساعات ال24 الأخيرة. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما استبعد أول من أمس، إمكان تغيير موقف بوتين من أزمة أوكرانيا «طالما لم تؤد العقوبات إلى تأثير حقيقي في اقتصاد روسيا»، أما رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر فاعتبر أن روسيا تشكل «مشكلة استراتيجية» للاتحاد الأوروبي في إطار أزمة أوكرانيا، مؤكداً أنه سيفعل كل ما في وسعه كي تعود «شريكاً استراتيجياً، لأن رقصة التانغو تحتاج إلى شخصين». وتضمنت رسالة بوتين السنوية أمام الهيئة الاشتراعية الروسية، خطاباً حماسياً هدفه تعزيز الجبهة الداخلية وحشد أوسع تأييد لسياساته الخارجية، خصوصاً في أوكرانيا، وسط المواجهة مع الغرب. وأكد الرئيس الروسي «صلابة الشعب في وجه الصعوبات»، مشدداً على أن بلاده «لن تُهزَم أبداً، ولن تسمح لأي طرف بالتفوق عليها عسكرياً». لكنه استدرك أن روسيا «لا تسعى إلى خوض سباق تسلح جديد، لكنها ستكون قادرة على ضمان أمنها في ظل الظروف الجديدة»، منتقداً محاولة الغرب «بناء ستار فولاذي جديد». واعتبر بوتين أن العقوبات ورد فعل الغرب على روسيا «لا ترتبط بموقفنا في أوكرانيا ومسألة ضمنا القرم، بل تعكس قلق الغرب ومحاولته ردع تقدمنا وتحجيم قدرتنا على مواجهة الصعوبات». اقتصادياً، أعلن بوتين أن الحكومة ستتخذ تدابير لتخفيف وطأة الأزمة الناتجة من العقوبات الغربية المشددة على روسيا بسبب أزمة أوكرانيا، وذلك بسنّها إجراءات لتخفيف القيود «البيروقراطية» على الاستثمارات وقطاعات الأعمال ودعم الروبل. كما دعا المشرّعين الروس إلى اتخاذ قرارات بالعفو عن الرساميل المهربة لحض رجال الأعمال على توسيع نشاطهم في السوق الروسية.