تريد الولاياتالمتحدة، رغم انها زادت الضغط على روسيا، تقديم مخرج للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الازمة الاوكرانية بالتعاون مع حلفائها الاوروبيين. وقال مسؤول كبير في البيت الابيض رافضا الكشف عن اسمه ان الفكرة التي اشار اليها الرئيس باراك اوباما خلال الاتصال الهاتفي مع نظيره الروسي السبت الماضي، تقضي بالرد نقطة بنقطة على القلق الذي عبرت عنه موسكو حيال الوضع في اوكرانيا, وأبدى وزير الخارجية الأوكراني لهجة تصالحية تجاه روسيا، قائلا إنه يريد حل المأزق بين الدولتين «سلميا». وقالت مجلة «التايم» الأميركية في تقرير ان أربعة أسباب تجعل بوتين يخسر في حال قرر التدخل في أوكرانيا بشكل مباشر. وفي التفاصيل, قال المسؤول الامريكي, ان الرئيس اوباما تطرق ايضا الى هذا المخرج خلال محادثات هاتفية اجراها مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، لافتا الى العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية الوثيقة بين المانياوروسيا، الامر الذي من شأنه ان يسهل اجراء حوار. وأشار البيان الرسمي لهذه المحادثات الذي اصدره البيت الابيض الى ان اوباما وميركل اتفقا على «اهمية نزع فتيل التوتر مع نشر مراقبين دوليين» واطلاق حوار بين موسكو وكييف. وقال اوباما في اجتماع لجمع اموال ان «الروس انتهكوا بشكل واضح القوانين الدولية» مضيفا: «يمكننا التوصل الى نزع فتيل التوتر». ونزع فتيل التوتر في الجانب الروسي يتضمن ايضا عودة الجنود الى قواعدهم الى القرم بحسب المسؤول. وبالاضافة الى ذلك، فان مسألة شرعية الحكومة الانتقالية في كييف التي رفضها بوتين سوف تحل من خلال الانتخابات المقررة في مايو كما قال مسؤول البيت الابيض. وردا على سؤال حول مضمون المكالمة الهاتفية السبت بين بوتين واوباما والتي استغرقت 90 دقيقة، اكد المسؤول ان الرئيس الاميركي عرض على نظيره هذا المخرج من الازمة. واضاف المصدر نفسه ان الرئيس الروسي اخذ علما بها مشيرا الى ان البيت الابيض يتوقع مكالمات اخرى بين الرئيسين حول هذه الازمة. زيادة الضغط وفي موازاة هذا الانفتاح، ستواصل الولاياتالمتحدة زيادة الضغط على روسيا في مجال العقوبات الاقتصادية كما اكد هذا المسؤول، محذرا من عواقب اشد اذا توسعت تحركات القوات الروسية من القرم الى شرق اوكرانيا. وقدر المسؤول الاميركي عدد الجنود الذين قدموا من روسيا الى القرم في الايام الماضية بعدة الاف. وتحدثت حكومة كييف عن رقم ستة الاف عسكري اضافي وهو ما يتطابق تقريبا مع تحاليل الاميركيين كما اضاف المسؤول. قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن زعماء الاتحاد الأوروبي الذين سيعقدون اجتماعا اليوم الخميس لمناقشة الأزمة في أوكرانيا ربما يفرضون عقوبات على روسيا اذا لم «يتوقف التصعيد» بحلول ذلك الوقتواعتبر هذا المسؤول الاميركي ايضا ان الاقتصاد الروسي هش وسوف يعاني من العقوبات. وردا على سؤال حول رد محتمل من الروس الذين هم شركاء للولايات المتحدة في ملفات دولية مهمة مثل سوريا والملف النووي الايراني وخطوط امداد العمليات العسكرية في افغانستان، قال المسؤول الاميركي انه ليس قلقا حيال هذه الامور. واعتبر ان موسكو تخشى فعليا ان يضع متطرفون ايديهم على الاسلحة الكيميائية في سوريا وليس لديها اي سبب لوقف التعاون. وبخصوص ايران فان مصلحة الروس تقوم قبل كل شيء على تجنب زعزعة استقرار منطقة الخليج. وبخصوص وصول الامدادات الى افغانستان، فإن اتفاق النقل يفيد الروس بقدر ما يفيد الاميركيين كما اكد المسؤول الاميركي معتبرا ان المصالح الامريكية في كل مجالات العلاقات الثنائية ستكون محمية. ونفى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إرسال موسكو قوات إلى شبه جزيرة القرم. وقال لافروف امس الأربعاء عقب لقائه مع نظيره الأسباني خوسيه مانويلجارسيا-مارجايو في مدريد إن المليشيات الموالية لروسيا في القرم عبارة عن مجموعات دفاع ذاتي ليس لروسيا أي سلطة قيادية عليها. وأكد لافروف أن روسيا لم تنشر أي جنود في شبه جزيرة القرم خارج قواعدها البحرية هناك. واتهم لافروف الغرب بالتصرف بصورة متأخرة فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، وقال: «أزمة أوكرانيا مشكلة معقدة. على كافة الأطراف الالتزام بمبادئ القانون. لن نسمح أن تحدث إراقة دماء في أوكرانيا». ومن جانبه قال جارسيا-مارجايو: «حان وقت الدبلوماسية»، مؤكدا ضرورة أن تبحث روسيا والاتحاد الأوروبي عن حل سلمي وودي من خلال الحوار. لهجة تصالحية اوكرانية أبدى وزير الخارجية الأوكراني أندريه ديشتشيتسيا لهجة تصالحية تجاه روسيا، قائلا إنه يريد حل المأزق بين الدولتين «سلميا». وقال ديشتشيتسيا قبيل اجتماعات رفيعة المستوى بشأن أوكرانيا في باريس من بينها اجتماع مع نظيره الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف: «نرغب في تسوية الموقف سلميا. لا نرغب في محاربة الشعب الروسي"» وذكرت مصادر دبلوماسية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن لافروف ونظيره الاوكراني سيعقدان محادثات ثنائية. ولم يؤكد أي طرف عقد هذا الاجتماع. اجتماع اوروبي من جهته, قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن زعماء الاتحاد الأوروبي الذين سيعقدون اجتماعا اليوم الخميس لمناقشة الأزمة في أوكرانيا ربما يفرضون عقوبات على روسيا اذا لم «يتوقف التصعيد» بحلول ذلك الوقت. لكن وكالة الإعلام الروسية قالت: إن المشرعين الروس يعملون على صياغة مشروع قانون يسمح بمصادرة ممتلكات وأصول وحسابات مصرفية لشركات أوروبية أو أمريكية اذا فرضت عقوبات على روسيا. وقال فابيوس لقناة بي.إف.إم. التلفزيونية إن الاجراءات الاوروبية قد تشمل فرض قيود على التأشيرات وأصول الأفراد ومناقشات حالية للعلاقات الاقتصادية مع روسيا. وأضاف: «دعونا نبدأ الشروع في مسار الحوار، لكن في نفس الوقت هناك قمة للاتحاد الأوروبي غدا، وقد يجري التصويت على فرض عقوبات غدا إذا لم يحدث وقف للتصعيد. أتوقع وآمل أن تقول لنا روسيا اليوم إن هناك إمكانية للحوار مع مجموعة اتصال» في اشارة إلى مقترحات لتشكيل «مجموعة اتصال» من قوى فاعلة في الأزمة الأوكرانية. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن أندريه كليشاس رئيس لجنة التشريعات الدستورية في مجلس الاتحاد الروسي وهو المجلس الاعلى في البرلمان قوله ان مشروع القانون «سيتيح للرئيس والحكومة فرصا للدفاع عن سيادتنا في مواجهة التهديدات». وأضاف إن محامين يدرسون ما إذا كانت مصادرة أصول وممتلكات وحسابات الشركات الأجنبية ستتوافق مع الدستور الروسي، لكنه قال إن مثل هذه الخطوات «ستكون متمشية مع المعايير الأوروبية بشكل واضح». الفرصة للدبلوماسية من جهته, قال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس ان الدبلوماسية لا يزال أمامها فرصة في أزمة شبه جزيرة القرم، حتى لو كان خطر اندلاع حرب هناك لا يزال قائما. وأعرب شولتس عن أمله في أن تنجح منظمة التعاون والأمن في أوروبا في جلب كافة الأطراف إلى مائدة الحوار. وقال شولتس: «عندما تقف قوى مسلحة في وجه بعضها - وهذا هو الحال الآن - تسري القاعدة القديمة، وهي: الذين يتحدثون سويا لا يطلقون النار على بعضهم البعض». وذكر شولتس أن الحوار هو مطلب الساعة، مضيفا ان خطر حدوث مواجهة عسكرية ليس بعيدا عنا حتى الآن»، وقال: «آمل أن تعي روسيا أن سلامة أراضي الدول جزء من القانون الدولي». 4 أسباب لخسارة بوتين وأوردت مجلة «التايم» الأميركية في تقرير لها أربعة أسباب تجعل بوتين يخسر في حال قرر التدخل في أوكرانيا بشكل مباشر، مشيرة الى أن «على بوتين في الأيام والأسابيع المقبلة أن يقرر ما إذا كان سيتدخل بالفعل أم لا، وما إذا كان مستعداً لهذا التدخل أم لا، علماً بأن تحقيق الانتصار الكامل في هذا الصراع غير ممكن»، بحسب المجلة. ومن بين الأسباب الأربعة التي تتحدث عنها المجلة ان قرار التدخل في أوكرانيا سوف يكون واحداً من القرارات الأقل شعبية في تاريخ بوتين السياسي، حيث إن الكرملين نشر استطلاعاً للرأي مؤخراً يُظهر أن 73% من الروس يرفضون الانزلاق نحو أوكرانيا. أما السبب الثاني الذي يجعل بوتين يخسر في أوكرانيا فهو الخسائر الاقتصادية التي بدأت موسكو بالفعل تدفعها، حيث هبطت البورصة في موسكو بنسبة 10%, اضافة الى ان العملة الروسية المحلية (الروبل) هوت أمام الدولار الأميركي الى مستوى تاريخي متدن. أما السبب الثالث فهو تخلي الحلفاء، وعدم رغبتهم في أن يكونوا طرفاً في الصراع الأوكراني, وتمثل العزلة الروسية والقطيعة المتوقعة مع الغرب عاملاً رابعاً لفشل بوتين في التدخل العسكري بأوكرانيا، حيث كان من المقرر أن يستضيف بوتين في شهر يونيو المقبل قادة دول مجموعة الثماني في مدينة «سوتشي» الروسية، إلا أن كافة هذه الدول، وهي الدول الغربية واليابان أعلنوا مقاطعة الاجتماعات التمهيدية لقمة الثماني المرتقبة في الصيف. وتمثل العزلة الروسية المتوقع أن تتزايد في حال التدخل العسكري، ضربة قاسية لبوتين الذي كافح طويلاً من أجل الحصول على مقعد له على الطاولة. كما يتوقع أن تمتد العزلة الروسية لتصل الى فرض عقوبات اقتصادية وتجارية يمكن أن تتحول الى أزمة في روسيا، وهو ما لا يتوقع أن يقبل به بوتين. من ناحية ثانية، أخفقت محاولة الولاياتالمتحدة وبريطانيا الجمع بين روسياوأوكرانيا في اجتماع عقد في باريس لمجموعة تشكلت لضمان أمن كييف بعد ان تخلت عن اسلحتها النووية في التسعينات. وقال وزير الخارجية الامريكي جون كيري للصحفيين: انه "للأسف" لم يظهر عضو -روسيا- للمشاركة في اجتماع ما يعرف باسم مجموعة اتفاق بودابست التي تضم واشنطن ولندن وموسكو وكييف.