توقع مسؤولون فلسطينيون ان يعرض وزير الخارجية الاميركي جون كيري على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال لقائهما اليوم في باريس، صيغة معدلة من «اتفاق الاطار» الذي يقترحه أساساً لمفاوضات فلسطينية - اسرائيلية مقبلة. وكان كيري طرح مسودة الاتفاق على كل من الرئيس عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في زيارته الاخيرة الى المنطقة مطلع الشهر الماضي، وقوبلت بالرفض من الجانبين. ونصّ مشروع الاتفاق الذي اتسم بالعمومية على إقامة دولة فلسطينية على مساحة من الارض تساوي المساحة التي احتلت عام 1967، واعتراف فلسطيني باسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي، مقابل اعتراف اسرائيل بفلسطين دولة قومية للشعب الفلسطيني، وعلى تفهم الادارة الاميركية لحق الفلسطينيين في اقامة عاصمة لهم في القدسالشرقية، وعلى ضم الكتل الاستيطانية الى اسرائيل في عملية تبادل للأراضي، وعلى وجود قوات أمن رباعية أميركية - اسرائيلية - أردنية - فلسطينية على الحدود الشرقية خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، وعودة عدد محدود من اللاجئين الفلسطينيين الى اسرائيل وفق خطة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون . وبحسب مصادر ديبلوماسية غربية، عارض نتانياهو معظم ما جاء في مسودة الاتفاق الذي قدمه كيري بخاصة منح الفلسطينيين مساحة من الارض تساوي نفس مساحة الضفة الغربية عند احتلالها عام 67، واقامة عاصمة لهم في القدسالشرقيةالقدس، وانتشار قوات رباعية على الحدود مع الاردن، وعودة عدد من اللاجئين الى اسرائيل وفق خطة كلينتون. وبحسب مسؤولين فلسطينيين فإن الرئيس عباس عارض أيضاً جميع النقاط التي حملتها مسودة المشروع مثل الاعتراف باسرائيل دولة يهودية، واقامة عاصمة فيما بدا انه اجزاء من القدسالشرقية، وعودة رمزية للاجئين، واقامة دولة على مساحة تساوي مساحة الضفة من دون ذكر نسبة تبادل الاراضي، وضم الكتل الاستيطانية من دون تحديد مساحتها، وعدم اشتمالها على تفكيك المستوطنات الباقية. وطالب عباس أن ينص مشروع الاتفاق على اقامة دولة فلسطينية على حدود العام 67 مع تبادل طفيف للاراضي متساوي المساحة والنوعية، وان تكون القدسالشرقية كلها عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، او جعل كل القدس مدينة مفتوحة على ان يقام في الجزء الشرقي منها بلدية فلسطينية وفي الجزء الغربي بلدية اسرائيلية، مع اقامة إطار تنسيقي بينهما. ووجّه عباس رسالة الى الرئيس الاميركي باراك اوباما ووزير خارجيته قبل اسبوعين حدد فيها اسس الاتفاق الذي يمكنه قبوله. وقال مسؤولون فلسطينيون ان عباس ابلغ اوباما وكيري في رسالته هذه، التي حملها كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات ومدير الاستخبارات العامة ماجد فرج، انه لا يمكنه قبول اي اتفاق ينتقص من الحقوق الاساسية للفلسطينيين في الدولة على حدود العام 67 وعاصمتها القدسالشرقية او الاعتراف باسرائيل دولة يهودية. وأجل كيري زيارتين سابقتين له الى المنطقة: الاولى قبل منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي، والثانية في النصف الاول من شباط (فبراير) الحالي بسبب عدم حدوث اختراق في اتصالاته مع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، يمكنه من عرض «اتفاق الاطار» رسمياً. لكن فريقه المقيم في المنطقة اجرى اتصالات مع الجانبين طيلة الفترة الماضية للبحث عن أرضية مشتركة بينهما. وقال مسؤولون فلسطينيون ان الوفد الاميركي ابلغهم بأن كيري يسعى لعرض «اتفاق اطار» يتسم بالعمومية ليكون اساساً لاطلاق مفاوضات نهاية لفترة محدودة من الوقت، مع اتاحة المجال امام كلا الطرفين لابداء تحفظات عنه. لكن المسؤولين الفلسطينيين يقولون انه لا يعقل تقديم اتفاق يبدي الطرفان تحفظاً عن جميع بنوده. وكان اوباما أعلن في تصريح له الشهر الماضي ان فرص كيري في التوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين تقل عن خمسين في المئة. وأبدى الرئيس الفلسطيني مرونة تجاه قضية اللاجئين والامن، لكنه رفض بشدة اي اعتراف باسرائيل دولة يهودية. وقال عباس مخاطباً عدداً من الشبيبة الاسرائيلية في مقر الرئاسة في رام الله الاحد الماضي انه لا يسعى الى اغراق اسرائيل باللاجئين الفلسطينيين على نحو يؤدي الى تغيير تركيبتها. لكنه اعتبر الاعتراف باسرائيل دولة يهودية مطلباً تعجيزياً، داعياً الحكومة الاسرائيلية الى حمل هذا الطلب الى الأممالمتحدة وليس الى الجانب الفلسطيني. وعرض عباس وجود قوات من حلف شمال الاطلسي (ناتو) في الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح لتبديد المخاوف الامنية الاسرائيلية. وتبدو فرصة كيري في التوصل الى «اتفاق اطار» مقبول من الطرفين ضئيلة. لكن من غير المستعبد ان يلجأ الى طرح ورقة اكثر عمومية من الورقة الراهنة كأساس للتفاوض حتى نهاية العام. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ل»الحياة» ان فريق جون كيري المقيم في البلاد بحث في الآونة الاخيرة في فرصة تمديد المفاوضات حتى نهاية العام. واضاف ان الفريق الأميركي يحاول اقناع الجانب الفلسطيني بقبول تمديد المفاوضات الى ما بعد الانتخابات النصفية للكونغرس قبل نهاية العام، معتبراً ان حصول الحزب الديموقراطي على عدد اكبر من المقاعد سيعزز من ادارة الرئيس باراك اوباما في السياسة الخارجية والداخلية. ويرى بعض المراقبين ان الرئيس عباس ربما يقبل تمديد المفاوضات في حال حصوله على ثمن سياسي مقابل ذلك مثل تجميد الاستيطان في اجزاء من الضفة الغربية، واطلاق سراح الاسرى الذين يعانون من امراض خطيرة وعددهم 80 أسيراً، والاسرى كبار السن والنساء وغيرها. يذكر ان نتانياهو الاثنين الماضي جدد رفضه اقتراح عباس نشر قوة للحلف الاطلسي في اراضي الدولة الفلسطينية المقبلة. ونقلت الاذاعة الاسرائيلية العامة عن نتانياهو الاثنين ان «اسرائيل لن تساوم على أمنها». وقال نتانياهو في كلمة له امام مسؤولي ابرز المنظمات اليهودية الاميركية المجتمعين في القدس انه في حال التوصل الى اتفاق سلام من دون ضمان امن اسرائيل «فان الاتفاق سينهار وكذلك السلطة الفلسطينية». ودعا نتانياهو الى «مقاطعة جميع من يدعون الى مقاطعة اسرائيل»، معتبراً ذلك «نوعاً جديداً من معاداة السامية». ويبدي نتانياهو قلقه من تزايد المقاطعة الدولية لاسرائيل. وخصصت حكومته مئة مليون شيقل (30 مليون دولار) لمواجهة حملة المقاطعة المتزايدة. يشار الى ان اوباما سيستقبل نتانياهو في واشنطن في الثالث من الشهر المقبل ليبحث معه خصوصاً موضوع ايران وعملية السلام في الشرق الاوسط كما اعلن البيت الابيض. وعملياً المفاوضات الفلسطينية متوقفة بحسب مسؤولين فلسطينيين مع الجانب الاسرائيلي منذ أكثر من شهرين.