مرت اكثر من ست سنوات على تلك الهدية التي نالتها نغم جابر من صديقتها سندس ومازالت تحتفظ بها تذكاراً على رغم انها ليست ذات قيمة مادية كبيرة، لكنها ترى ان تلك الصديقة كانت الوحيدة التي تذكرت عيد ميلادها وأهدتها وردة صغيرة صنعتها بنفسها من قماش جميل، في ظرف عصيب لا يتذكر الناس فيه مثل هذه المناسبات اذ كان عيد ميلادها بعد ايام قليلة من بدء الحرب على العراق. تقول نغم: «انا نفسي نسيت عيد ميلادي، لكن صديقتي قطعت المسافة سيراً من الحي السكني الذي تقطنه بالقرب من حينا وأهدتني الوردة وقالت لي كل عام وأنت بخير». وتقول الفتاة الفخورة بهدية صديقتها ان قيمة الهدية لا تتعلق بثمنها وإنها عندما تختار هدية لصديقتها المقربة تفكر في الأمور التي يمكن ان تحبها تلك الصديقة او ان تثير اعجابها وإن لم تجد الأشياء التي تتمناها لنفسها وتهديها الى صديقتها وهي تشعر بالسعادة عندما تقدم على خطوة كهذه. وترى نغم ان تقويم الهدية يتم بحسب المناسبة وتذكرها، فالأصدقاء لا يتذكرون دائماً تواريخ ميلاد بعضهم بعضاً لاسيما إذا كانوا لا يقيمون حفلة، مثل نغم التي تنتظر من يتذكرها ويهنئها او يهديها شيئاً محدداً بغض النظر عن قيمته وغالباً ما تكون سندس اول من يتذكرها. ولا يملك جميع الشباب في العراق الفكرة ذاتها التي تملكها نغم عن الهدية فبعضهم يفضل غرضاً له نفع ويستخدمه في حياته اليومية لا سيما المتزوجين الجدد الذين غالباً ما تكون هداياهم من الأجهزة المنزلية او الكهربائية او غيرها من الأمور النافعة. فإذا ما اكتفى شخص ما بهدية رمزية قد لا ترضي تلك الهدايا غرور البعض الآخر ويلجأون الى تقديم هدايا يتناسب ثمنها مع الوضع الاجتماعي للمتلقي. ويصنف بعض الشباب الهدايا على انها التزام اجتماعي اكثر من كونها التزاماً انسانياً ازاء الأصدقاء وناتجاً طبيعياً لعلاقة المودة التي تربط الشباب بأصدقائهم فيقدمون هدايا بثمن الهدايا التي قدمها لهم هؤلاء في مناسبات مماثلة. ويقول سالم جميل صاحب محل متخصص في بيع الهدايا ان كثيرين من الشباب يعانون من صعوبة اختيار هدية مناسبة لأصدقائهم او احبتهم فيلجأون الى استشارة اصحاب محال الهدايا. ويضيف: «منذ ان فتحت محل الهدايا قبل عشر سنوات وأنا اقدم المشورة للراغبين في الشراء فيكفي ان اسأل عن طبيعة المناسبة وجنس الشخص المراد اختيار الهدية له حتى اختار لزبوني هدية ترضيه وترضي صاحب الهدية معاً».