انسحبت هيئة الدفاع عن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وقادة جماعة «الإخوان المسلمين» في أولى جلسات قضية اتهامهم ب «التخابر» اعتراضاً على وضع المتهمين في قفص زجاجي داخل القفص الحديد. ولم تستكمل هيئة المحكمة إجراءات الجلسة التي بدت عاصفة، فأرجأتها إلى الأحد المقبل لمخاطبة نقابة المحامين لندب 10 محامين لتولي الدفاع عن المتهمين في القضية، بعد انسحاب هيئة الدفاع. ويُتهم مرسي و35 من قادة «الإخوان» بارتكاب جرائم «التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وإفشاء أسرار الأمن القومي، والتنسيق مع تنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها، بغية الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية». وتضم القضية 20 متهماً محبوساً يتقدمهم مرسي والمرشد العام للجماعة محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر والقياديون في الجماعة سعد الكتاتني وعصام العريان ومحمد البلتاجي وسعد الحسيني ومساعد الرئيس السابق عصام الحداد ومدير مكتبه أحمد عبدالعاطي ومستشاره حسين القزاز ورئيس ديوانه محمد رفاعة الطهطاوي ونائبه أسعد الشيخة. ومن أبرز الفارين نائب المرشد محمود عزت. وعقدت الجلسة على فترتين، الأولى استغرقت قرابة الساعة، واستغرقت الفترة الثانية 10 دقائق فقط. واستغرقت هيئة الدفاع عن المتهمين طوال الساعة الأولى في سجال طويل ومكرر مع هيئة المحكمة، للاعتراض على مثول المتهمين داخل قفص زجاجي، رغم مثولهم فيه في جلسات عدة في قضايا أخرى. وقامت المحكمة خلال الفترة الثانية بإثبات حضور المتهمين فرداً فرداً ومواجهتهم بالاتهامات المنسوبة إليهم، رغم عدم تلاوة ممثل النيابة أمر الإحالة المتضمن الاتهامات، وأثبتت المحكمة أنهم رفضوا الإجابة عن أسئلتها، إذ كانوا يرددون لدى النداء عليهم هتاف: «يسقط يسقط حكم العسكر». وأثبتت المحكمة انسحاب جميع المحامين عن المتهمين عدا المحامية عن رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق محمد رفاعة الطهطاوي الذي طلب أن يلتقي بها قبل أن يتخذ قراره. وعلى غرار الجلسات الماضية كافة، ردد المتهمون، وعددهم 20 متهماً محبوساً احتياطياً على ذمة القضية، الهتافات المناهضة للقوات المسلحة، ومنها «يسقط يسقط حكم العسكر» و «احنا في دولة مش معسكر»، كما أداروا ظهورهم للمحكمة في أحيان كثيرة تعبيراً منهم عن رفضها. وأثناء قيام المحكمة بإثبات حضور المتهمين المحبوسين والبدء في إجراءات القضية، قاطعت هيئة الدفاع المحكمة ودخلت معها في سجال، اعتراضاً على مثول المتهمين داخل القفص الزجاجي الذي صمم خصيصاً لمنع المتهمين من التشويش خلال المحاكمات. ورفعت الجلسة بعد ساعة كاملة من انعقادها، وعادت هيئة المحكمة إلى غرفة المداولة، غير أنه طوال هذه الساعة لم يتسن للمحكمة أن تباشر أي إجراء من إجراءات المحاكمة حتى أنها لم تستطع استكمال إثبات حضور المتهمين المحبوسين احتياطياً ضمن إجراءات المحاكمة، وذلك نظراً إلى ما أبداه محامو الدفاع من طلبات وإصرارهم على أن المتهمين الماثلين داخل القفص الزجاجي غير قادرين على سماع ما يدور داخل قاعة المحكمة وأن المحكمة بدورها غير قادرة على التواصل معهم بسبب هذا القفص الزجاجي. وتزعم القيادي في جماعة «الإخوان» محمد البلتاجي ومدير مكتب الرئيس المعزول أحمد عبدالعاطي والناطق باسم الجماعة جهاد عصام الحداد ترديد الهتافات من داخل قفص الاتهام. وبدا واضحاً أن المتهمين يسمعون بصورة جيدة ما يدور داخل قاعة المحكمة وأن بإمكانهم التواصل مع ما يحدث ومع حديث دفاعهم للمحكمة، إذ ظهر جلياً موافقتهم بالتصفيق تأييداً لبعض الأحاديث والطلبات التي كان يقول بها الدفاع. وقال محمد سليم العوا بوصفه محامياً عن مرسي: «التمس بالإنابة عن هيئة الدفاع وعن المتهمين إزالة القفص الزجاجي كونه يمنع المتهمين من متابعة الإجراءات التي تتم في القاعة، كما أنه يحول بين المتهمين وقضاة المحكمة والمحامين أيضاً، وهو ما يبطل إجراءات المحاكمة كافة ويخل بالحق في الدفاع وهو الحق الذي يمارسه المتهم ودفاعه». وعقب رئيس المحكمة القاضي شعبان الشامي على حديث هيئة الدفاع بالقول: «أنا متأكد من أن المتهمين يستمعون إلينا بصورة جيدة وواضحة». وأذنت المحكمة بدخول المحامي خالد بدوي عضو هيئة الدفاع إلى داخل قفصي الاتهام اللذين يتواجد فيهما محمد مرسي وبقية المتهمين، حيث أجرت المحكمة تجربة لوضوح الصوت، بدا منها أن من في داخل القفص يسمع بوضوح ما يحدث في القاعة وأن من يتواجدون في القاعة يسمعون بدورهم كل ما يدور داخل قفصي الاتهام. وقال بدوي من داخل القفصين لرئيس المحكمة: «أنا سامعك كويس»، فرد رئيس المحكمة «وأنا أيضاً سامعك كويس». وقال مرسي من داخل قفص وضع فيه منفرداً: «إحنا في مهزلة دلوقتي. إنتوا خايفين روحوا أحسن. الجمهور عاوز يلتحم بالرئيس وأنا أوجه كلامي للمحامين إذا استمرت المهزلة دي ما تكملوش المحاكمة. سامعني يا دكتور العوا أنا بطلب من المحامين أنهم ما يكملوش الجلسة وسط هذه المهزلة لأنهم خايفين أني أظهر وسط الناس، لأنهم ليس لهم سند جماهيري». وقام المحامون من هيئة الدفاع عن المتهمين في أعقاب كلمة مرسي بالتصفيق له في شدة، معربين عن ترحيبهم واستحسانهم لكلماته، وهو الأمر الذي عقبت عليه المحكمة بالقول إن «هذا الأمر لا يصح أن يحدث داخل المحكمة». وقام المتهمون من داخل قفص الاتهام بالطرق والضرب بأياديهم في شدة على الألواح الزجاجية للقفص الزجاجي أثناء انعقاد الجلسة مرات عدة، مثيرين حالاً من الجلبة والفوضى العارمة وتزعمهم في ذلك الحداد وعبدالعاطي. وظهرت حال من التخبط والتردد بين هيئة الدفاع بعد طرح أمر انسحابهم وتنحيهم إذا استمر بقاء القفص الزجاجى، فبينما قال العوا إن «هيئة الدفاع في ضوء ما تشهده ترى أنه يستحيل عليها أداء مهمتها حتى يزال القفص الزجاجي»، قال كامل مندور ونبيل عبدالسلام المحاميان في هيئة الدفاع إنهما يريان «أن تقوم المحكمة برفع الجلسة والسماح للدفاع بلقاء المتهمين في القفص ثم السماح للدفاع أيضاً بلقاء هيئة المحكمة داخل غرفة المداولة للوصول إلى حل لهذا الأمر». وعقب تلويح هيئة الدفاع بأمر تنحيهم صفق المتهمون في شدة من داخل قفص الاتهام ورددوا هتافات تعبيراً عن موافقتهم على تنحي هيئة الدفاع عن المحاكمة. وتزعم الكتاتني من داخل القفص تحريض بقية المتهمين على التلويح لهيئة الدفاع للخروج من قاعة المحكمة والتنحي عن مباشرة مهمة الدفاع في القضية. وقال المحامي عبدالسلام إن «هيئة الدفاع تلتزم في حال إزالة القفص الزجاجي بموافقة المحكمة على أي إجراءات تقوم باتخاذها إعمالاً لتصحيح حكم القانون بإخراج أي متهم يخل بنظام الجلسة من قفص الاتهام وقاعة المحكمة»، مطالباً المحكمة بأن «تنفذ القانون وتزيل القفص الزجاجي الذي يضر بمصلحة العدالة». وانفعل المحامي مندور وقال إن «إزالة القفص الزجاجي ليست أمراً من سلطات المحكمة، وإنه قرار يعود إلى سلطات الانقلاب»، موجهاً حديثه إلى المحكمة قائلاً: «أنت لن تستطيع أن تأمر بإزالة القفص الزجاجي إلا بعد الحصول على أمر وموافقة سلطات الانقلاب، ونحن لن نعود إلى الجلسة إلا بعد إبلاغنا من نقابة المحامين بإزالة السلطات لهذا القفص الزجاجي». وتدخل ممثل النيابة العامة تامر فرجاني بالقول ان «هيئة الدفاع تماطل في الإجراءات، وهذا القفص الزجاجي تمت تجربته مراراً وتأكد أن المتهمين بداخله يسمعون جيداً وبوضوح ما يحدث داخل قاعة المحكمة، والدليل على ذلك أنهم قاموا بالتصفيق في شدة عقب إعلان هيئة الدفاع قرارها بالتنحي عن مواصلة المحاكمة».