ألقى الأمير خالد بن سلطان كلمة في المحتفين بانتهاء مسابقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود السنوية لحفظ القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية على مستوى دول آسيان والباسفيك، في جاكرتا. وشدد على أن منهج والده «في الحياة كان الدعوة إلى وسطية الإسلام»، لافتاً إلى أنه كان «يرى أن الوسطية لا تعني التشدد كما لا تعني التفريط، بل إنها دعوة إلى مبدأ التوازن، مشيراً إلى أن الإسلام الصحيح تطبيق عملي لوسطيته في كل القضايا الدينية والدنيوية، العبادات والمعاملات، بمعنى لا إفراط ولا تفريط، فالوسطية تغلق أبواب التطرف إيجابياً كان أم سلبياً». وأكد أن «التعايش بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى في إندونيسيا يعتبر نموذجاً للتسامح الإسلامي ولا عجب في ذلك فإن سماحة الإسلام جعلت المعايشة أمراً طبيعياً، سهلاً وميسوراً، لا تعقيد ولا مشاحنات، ولا تكفير ولا عدوان». وهنا نص الكلمة: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الذي أنعم علينا بالقرآن العظيم، بلسانٍ عربيٍّ مبين. والْحَمْدُ لِلَّهِ، الذي أرسل رسوله الأمين، رحمة للعالمين. والصلاةُ والسلامُ على المتخلِّق بالقرآن، الذي أبلغنا أنه ترك فينا أمرين، لن نضل ما تمسكنا بهما: كتاب الله وسُنَّة نبيه. فخامة الرئيس الدكتور الحاج سوسيلو بامبانق يودويونو رئيس جمهورية إندونيسيا. Dr. Susilo Bambang Yudoyono. أصحاب الفضيلة العلماء. أصحاب المعالي الوزراء. أصحاب المعالي سفراء الدول العربية والإسلامية. أصحاب السعادة مديري الجامعات والمعاهد الإسلامية. الإخوة الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يُسعدني، في مستهل خطابي، أن أحيي جمهورية إندونيسيا، رئيساً وحكومة وشعباً، لاستضافتها «مسابقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود السنوية لحفظ القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية على مستوى دول آسيان والباسفيك». أحيِّي إندونيسيا، الدولة التي يعيش في كنفها أكبر عدد من المسلمين في العالم، ويعيش معهم في سماحة وقبول وتفهم واحترام، مواطنوها من أتباع الديانات الأخرى. ولا عجب في ذلك؛ فإن سماحة الإسلام جعلت هذه المعايشة أمراً طبيعياً، سهلاً وميسوراً، لا تعقيد ولا مشاحنات، ولا تكفير ولا عدوان. واسمحوا لي قبل أن أسترسل في خطابي، وأشارككم هذه المناسبة العظيمة، أن أدعو بالمغفرة والرحمة لسيدي ووالدي، الذي تبنَّى مشروعات خيرية وإنسانية، أحبها إلى نفسه مسابقات حفظ القرآن الكريم والحفاظ على السُّنَّة النبوية الصحيحة المطهرة. فلقد كان سيدي، في حياته، إلى الدينِ القويمِ مُبَادِراً، ولكلِّ مجتهدٍ مُعَضِّداً، ولكلِّ غيورٍٍ على دينِهِ مُكَرِّماً، ولكلِّ آمرٍٍ بمعروفٍ ناصراً، وناهٍ عن منكرٍ مُؤازراً. رحمَك اللهُ يا سلطانَ الخيرِ، وأسكَنُك فسيحَ جنّاتِهِ. اطلعت على أهداف الجائزة، فأسعدني ما فيها من شمول رؤية، أمَّتِنا الإسلامية في أشدِّ الحاجة إليها؛ لتستعيد دورها الريادي، وتصبح، بحقٍّ، «خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ». أهداف ظلّت تشغل من اقترنت المسابقة باسمه الكريم، وتشكِّل جزءاً من رؤيته الاستراتيجية، في كلِّ ما يُعِين على شؤون الدعوة، ويعمل على إعلائها، فبذل جهده لتحقيقها، وكان يرددها على مسامعنا، تعليماً وإرشاداً، توجيهاً وتقويماً. واسمحوا لي أن أتناول بعض سمات تلك الرؤية، مبيناً ما تعلمناه من حكمته وتجربته. أولاً: حفظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله * كان يرى أن الحفظ ليس هو تمام الغاية، إنما الغاية الأكمل هي إعداد الحافظ لحمل رسالة القرآن وفهمها بوعيٍ وتدبرٍ. * ومن فضل الله علينا في هذا العصر، أن الركب تواصل سيره في اتجاه تلك الغاية، فلم يقف ولم يفتر، وما تزال هذه الروح العظيمة تسيطر على المسلمين، وتنتقل فيهم من جيل إلى جيل يورثه الآباء للأبناء، وستظل كذلك، إن شاء الله، حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. وما أراه من جهود فخامة الرئيس يؤيد ذلك ويعضده. * كان سموّه يدرك أثر حفظ القرآن وتلاوته على الجانب النفسي والسكون الروحي للفرد والمجتمع. إذ في تلاوته: راحة للنفس، واطمئنان للروح، وتهذيب للنفوس، وتقوية للإيمان، وشحذ للعزائم، وتثبيت في المواقف. وإن طمأنينة النفس وسكينة الروح، ينتج منهما العمل الجاد والعطاء المبدع. فالقرآن حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، يهدي من اتبعه إلى كل خير عميم. * كان يؤمن أن العمل بالقرآن العظيم، والتحلِّي بصفاته، هو طريق هذه الأمة إلى استعادة مجدها؛ والسبيل إلى لحاقها بالركب الحضاري والتقدم الإنساني، والتفوق العلمي. وكان يؤكد أن ليس بالحفظ وحده نرقَى، إنما بالحفظ والعمل به نسود؛ حتى يأتي يوم على الأمة الإسلامية تأكل فيه مما تزرع، وتلبس مما تصنع، وتذود عن ديارها بسلاح من إنتاجها. * وإنَّ تَعَهُّدَ الله - سبحانه وتعالى - بحِفْظِ كتابه الحكيم، لا يُسقط مسؤولية الأمة وعلمائها في المحافظة عليه والدفاع الموضوعي عنه، الدفاع المُعْتَمِد على الأسانيد والحُجَجِ الشرعية، والخالي من السِّباب والشَّتْم، واتهامات الكفر والإلحاد، والزَّنْدقة والارتداد. * لقد أفاد العلم من القرآن الكريم، وأفاد منه العقل والدِّينُ، والقانون والتشريع، والاقتصاد والمال، وأفادت منه الفنون والفلسفة، والسياسة والحُكم، وأفاد منه كلّ مظهر من مظاهر النشاط الإنساني: الفكري والعملي. * كان أمل سموّه أن يضحى القرآن، في الدول الإسلامية قاطبة، دستوراً ومنهج حياة. يتأدب المسلمون بآدابه، ويعملون وفق أحكامه. ثانياً: السُّنَّة النبوية الشريفة * لقد أنزل الله على رسوله الأمين كتاباً: مَنْ قالَ بِهِ صدقَ، ومَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، ومَنْ عَمِل بِهِ أُجِرَ، ومن دعَا إليهِ هُدِيَ إلى صراطٍ مُستقيمٍ. وقال - سبحانه وتعالى - فيه: «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ»، «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا». لذا، فلا عجب أن يكون رسولُهُ «خلقه القرآن». * كان النبي قرآناً يمشي على الأرض، قرآناً عملياً، يحوّل الغضب إلى رضا، والكره إلى حبٍّ، والكفر إلى إيمان، والضلال إلى هدى. كان المعلِّم الأول، الذي علَّم الناس الرحمة والتراحم. * كان رسولنا، عليه الصلاة والسلام، يعيش في جو قرآني، ويصدر في سلوكه عن قِيَم القرآن. وأن عقله الظاهر والباطن مع الله عندما يكون الحديث عن الله؛ ومع الكون سياحة عريضة وتأمل وتدبر لآلاء الله عندما يكون الحديث عن الكون وقواه وأسراره؛ ومع الماضين في الموعظة والاعتبار بمصارعهم ومصائرهم ومسالكهم، عندما يكون الحديث في قصص القرآن؛ ومع الآخرة والنعيم والجحيم، عندما يكون القرآن وصفاً للجزاء الأخروي وما أَعَدّ لهؤلاء وأولئك. كان النبي، عليه الصلاة والسلام، يحيا في جو قرآني وهذا ما حمل الإمام الشافعي، يرحمه الله، على القول: إن السُّنَّة هي فهم النبي للقرآن، أو نضح فهمه للقرآن. * أمّا ما يخص الأحاديث النبوية الشريفة، فقد كان سمّوه شديد الاهتمام بالتي تركز في المعاملات، وكان يرى أن هذا ما ينقصنا حقيقة. شرط أن يكون الاختيار لأحاديث صحيحة: صحيحة المتن صحيحة الإسناد. والأهمُّ من ذلك، أن تزرع هذه الأحاديث، من خلال حفظها وفَهْمِها، ثقافة العمل بها. فنحن لا نريد لأبنائنا أن يحفظوا الأحاديث، من دون فهم أو عملٍ بها، بل ينبغي أن تكون الغاية تطبيق ما نَصَّت عليه، من قِيَمٍ تدعو إلى تأسيس ثقافات تفتقدها مجتمعاتنا؛ فمن يحفظ حديث «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ»، نريده أن يطبق ثقافة الصدق، في القول والفعل، وفي التعاملات والتداولات؛ ومن يحفظ «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، نريد أن يُغْرَس في نفسه ثقافة الإتقان في كلِّ عمل يوكل إليه؛ ومن يستذكر حديث «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ»، فعليه تطبيق ثقافة احترام العمل والإنتاج، وعدم احتقار أي عمل مهما كان؛ وبالمثل من يردد حديث «تَحْلُمُ على من جَهِلَ عليك، وتعفو عَمَّن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك»، فعليه اتباع قِيَم ثقافة التسامح والحوار وقبول الآخر. ومن يستذكر «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، نسأله ألا يشير هذا الحديث إلى ثقافة عِظَم المسؤولية والأمانة في معناهما الواسع الشامل، وثقافة حفظ العهود والوعود؟ وهكذا، فإن السُّنَّة المطهرة كلَّها قِيَمٌ ودعوةٌ إلى إصلاح المجتمع، ما يجعله مجتمعاً عصرياً متطوراً مُعَافىً، مُنْتِجاً مُبْدِعاً، تنهل من عِلْمِهِ الأمم، مجتمع علمٍ ومعرفةٍ وفكرٍ، يكون قدوة لغيره من المجتمعات. لذا، كانت المسابقة تدعو إلى «حفظ كتاب الله وسنة رسوله». وكان حِفْظُ السُّنَّة المطهرةِ هو الهدف الثاني من هذه المسابقة. ثالثاً: وسطية الإسلام * كان منهج سموّه، في حياته، دعوة إلى وسطية الإسلام، مصداقاً لقوله تعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا». وسطية لا تعني التشدد، ولا تعني التفريط، بل هي دعوة لمبدأ التوازن، الذي أراده الله وفق نظام ربَّاني محكم. * إن الإسلامَ الصحيحَ تطبيق عملي لوسطيته في كلِّ القضايا: الدينية والدنيوية، العبادات والمعاملات؛ وسط بمعنى الاعتدال والقَصْد، بمعنى الحَسَن والفَضْل، بمعنى لا إفراط ولا تفريط؛ فالوسطية تغلق أبواب التطرف إيجابياً كان أم سلبياً. وهكذا كانت الدعوة أن نكون أمة وسطاً في تناسق واعتدال، في التفكير والشعور، في العمل والعبادة، في عمارة الأرض وتقدمها، بما يحقق مقاصد ديننا الحنيف، خاتم الأديان والرسالات. وها هو رسولنا يوجهنا: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ». * إنَّ الأُمَّةَ الإسلاميةَ، ببعدها عن الوسطية، يَعْتَرِيها إهمالُ العقلِ، وتعطيلُ الفكرِ، وتَوَقُّفُ الإبداعِ. فارتفعتْ نبراتُ التكفيرِ والتخوينِ، وعَلاَ صوتُ المُفْتِينَ مِن دُونِ عِلْمٍ، والمتحدِّثينَ بلا خِبْرَةٍ، والمعلِّقينَ مِن دُونِ دِرايةٍ. ولإعادة الأمر، إلى نصابه، يلزم علماء المسلمين إعادة ترتيبِ هَرَمِ أولوياتِ الدعوةِ. وينبغِي لهم ألاّ يَرْكَنُوا إلى مبرراتِ الفشل، وإلقاءِ التبعاتِ على الآخَرينَ، بدلاً من البحثِ عن الأسبابِ، واستنباطِ الحلولِ، ووَضْع خُطَطِ البناءِ والتصحيحِ. رابعاً: الإرهاب والأمن الفكري * إن الإرهاب، الذي يبدِّد الأمن والأمان، التدمير دستوره، والقتل بلا حدود هدفه، والعمل في الخفاء، والغدر في الظلام، هما وسيلتاه. لم تَسْلَمْ منه أُمَّة، ولا دولة. فالإرهاب، حتى الآن، في كثير من الدول، يسرح ويمرح، والتشديد والتضييق على الناس يتفاقمان، والتعصب والتطرف يتسعان، وظلام العقول وفوضى الفتاوى يسودان، والأعداء يصفقون ويشجعون؛ فقد أضحى بأس المسلمين بينهم، أشد بكثير من بأس أعدائهم عليهم. * إن الإرهاب أتاح لأعدائنا أمضَى سلاح، يُشهر في وجه الإسلام والمسلمين. وعلى علمائنا ومفكرينا ومثقفينا، أن ينيروا لشبابنا الطريق إلى حياة البناء والارتقاء، لا حياة الهدم والتدمير؛ ويحثونهم على نبذ العنف، ويُكَرِّهُوا إليهم التطرف؛ ويحبِّبُوا إليهم الحياة في سبيل الله، والعلو بأُمَّتِه، امتثالاً لأوامره ونواهيه. * من المؤكد أن الحدّ من العمليات الإرهابية رهن بالقضاء على العوامل الدافعة إلى ارتكابها. وما لا شك فيه أن هذا لا يقع على عاتق دولة بعينها؛ ولكنه يقع كذلك على عاتق المجتمع الإقليمي، الذي يغض البصر وهو يظن أنه في منأى من ذلك الإرهاب. وعلى عاتق المجتمع الدولي، الذي يوحد صفوفه إذا ضرب الإرهاب أحد دوله العظمى، ويستنهض الهمم، ثم يَعْقِد معه الصفقات ليواصل عدوانه في الدول الأقل تقدمًا، حتى يُؤْمن شرُّه. وكذلك، على عاتق المنظمات الإقليمية والمنظمات العالمية، من دون تحيز، ومن دون ممالأة الدول الراعية لذلك الإرهاب. وعلى عاتق المؤسسات الاجتماعية والمؤسسات الأمنية، وتفعيل كافة القوانين والاتفاقيات المحلية والعالمية. وأخيراً: يقع على عاتق كلِّ فردٍ بالغ رشيد، بصفته الأسرية والمهنية والاجتماعية، في إطار من التعاون على البر والتقوى، والتعاضد ضد الإثم والعدوان. * إن من أخطر العوامل المقترنة بالإرهاب: غياب الحوار، لأنه أشدّها خطراً. فعندما تفتقد الأُمَّة الحوار؛ ولا يُسمح به في الأُسْرة أو المدرسة؛ ويُمنع في وسائل الإعلام؛ يكون البديل هو سيطرة الرأي الواحد، وهيمنة القوة والسلاح، من دون الحجة والبرهان. فالفكر الذي لا يُناقش، ولا يَقْبَل الحوار، تنمو داخله نبتة التطرف، وتخرج من أحشائه جحافل الإرهاب. ويعتقد الإرهابيون أنهم الضحية، وما يقترفونه من أعمال إرهابية، هو دفاع عن الذات، وعن قِيَم العدل والحق. كما أنهم لا يعرفون ثقافة محاورة الآخرين، بل يحرِّمُونها؛ فهم لا يسمعون إلاّ صدى أصواتهم، ولا يؤمنون إلاّ برأيهم. * لقد شرَّع المولى - عزَّ وجلَّ - لرسوله الكريم، وللمسلمين من بعده، كيف يكون الحوار المجدي وأساليبه وآدابه، مع الأعداء والأصدقاء، ومع الكافرين والمؤمنين، فهو يوجه رسوله: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا»، «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ»، «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»، «وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ». * وأخيراً، لا ننسى أن وصية الرسول، عليه الصلاة والسلام، في خطبة الوداع، كانت تأكيداً على المحافظة على حرمات المسلمين وعلى أمنهم واستقرارهم، إذ قال: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ألاَ هَلْ بَلَّغْت». كما يتوعد القرآن الكريم الذين يشيعون الإرهاب والعدوان على النفس، فيقول المولى - عزّ وجلّ - «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا». في الختام، يُسعدني أن أكرر الشكر والتقدير الخاص لفخامة رئيس الجمهورية لاحتضانه هذه المسابقة منذ بداياتها، والعمل على تطويرها واتساعها لتشمل مواطني دول آسيان والباسفيك. كما أنوه بعمق العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إندونيسيا، في المجالات كافة، خاصة مجال الدعوة إلى الإسلام الوسطي الصحيح، والتعاون على البرِّ والتقوَى، والبعد عن أسباب الانحراف الفكري والسلوكي، ومجابهة الفتن والضلال. كما أتوجه بالشكر لكل العاملين على شؤون الجائزة، في سفارة خادم الحرمَيْن الشريفين، في جاكرتا، وفي المؤسسات الدينية في كلا البلدَيْن. يقول السميع العليم: «وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ». اللهُمَّ اجْعَلْنَا لِكِتَابِكَ مُتَّبِعِينَ، ولِجَلالِكَ خَاشِعَينَ، وَلِعَظَمَتِكَ سَاجِدِينَ. والسلام عليكم ورحمة الله.