أطلق ناشطون ومواطنون صحافيون إيرانيون أخيراً، صفحة على الموقع الأزرق «فايسبوك»، تحمل اسم «نامه شام» أو «رسائل من سورية»، مقرر أن تتحول إلى موقع إلكتروني قريباً. الصفحة تنشر باللغتين الفارسية والإنكليزية، وتهدف إلى إعلام المواطن الإيراني بسياسات طهران و «تدخلها المباشر» في سورية. ويفيد القائمون على المشروع، المعارض للنظام الإيراني، بأنهم سيعملون على نشر «الأخبار المستقلة والمقالات الموثوق بها عن الثورة السورية، ودور طهران في قمعها»، وفق بيان وصلت «الحياة» نسخة منه. ويشير مضمون البيان إلى أن نسبة كبيرة من الشعب الإيراني تفتقر إلى معلومات واضحة عن الحدث السوري، في بلد يفرض نظامه قوانين تمنع استخدام الصحون اللاقطة. وفي السياق، يقول أرتين، وهو عازف غيتار إيراني، إنه لا يملك رؤية واضحة عما شهدته سورية منذ ثلاثة أعوام. ويوضح ل «الحياة»، أن معظم معلوماته هي حصيلة متابعته الإعلام الرسمي. ويضيف أرتين أنه «لطالما أكد الإعلام الإيراني الرسمي، أن النظام السوري يحارب مجموعات إرهابية مرتبطة بالقاعدة، وأن الرئيس بشار الأسد يحمي شعبه وبلاده من هذه الجماعات». ويعاني مستخدم الإنترنت في إيران من رقابة صارمة وبطء شديد في الشبكة. لكن، وعلى رغم ذلك، ربما كانت هذه الوسيلة مصدراً للعازف الشاب، كما لغيره في إيران، لمعرفة المزيد حول التطورات الجارية في سورية. يقول أرتين، الذي وصل العاصمة التركية أنقرة أخيراً، إن شبكة الإنترنت في إيران «وسيلة يتيمة لمعرفة معلومات أوضح وأكثر شفافية للمهتمين بالشأن السياسي». لكن في الواقع، الوضع السوري اليوم، مربك ومعقد، يقول كوهيار كودرزي، وهو عضو، ورئيس سابق، في «لجنة مراسلي حقوق الإنسان» الإيرانية (CHRR). ويعود كودرزي إلى وراء، ليوضح وجهة نظره حول موقف المجتمع الدولي من الحدث السوري، الذي يقول إنه لم يول اهتماماً كافياً لهذا «الوعاء الذي يغلي»، في وقت كان الأجدر به أن يكون أكثر تأثيراً منذ أن استخدم النظام العنف ضد الشعب. ويقول الناشط الإيراني ل «الحياة»، إنه في البداية «كانت هناك احتجاجات سلمية وبسيطة»، لكن مع مرور الوقت، أوجد المتشددون من «السلفيين والقاعدة» أماكن لهم في سورية، وتالياً، يمكن وصف الوضع حالياً، بأنه «حرب المتمردين الأصوليين» في هذا البلد المنكوب. كما يعتقد كودرزي، الذي سجن عدة مرات في إيران، وحكم عليه بالسجن لخمس سنوات، أن الأزمة السورية «مستحيلة الحل»، في ظل المشاركة الفعالة من قبل النظام الإيراني. فخلال السنوات الثلاث الفائتة، أشرفت إيران على تدريب مقاتلين، موالين للنظام السوري، كما فعلت ذلك مع الفروع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، لمساندة قوات النظام في سورية، بحسب قوله. ويعلن حزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، مشاركة مقاتليه إلى جانب قوات النظام السوري، في حين تنكر طهران الانخراط المباشر للقوات الإيرانية في القتال داخل سورية. ويظهر مقطع فيديو، بث على شبكة الإنترنت، مقاتلين إيرانيين يشاركون في المعارك إلى جانب قوات النظام السوري، بحسب القسم الفارسي في شبكة (BBC). ويظهر مقطع الفيديو مقاتلين إيرانيين في سورية، وهم، غالباً، من «فيلق القدس»، التابع للحرس الثوري، وفق مراسل الشبكة البريطانية. في السياق، ترى لاليه محسن زاده، وهي ناشطة سياسية إيرانية، إن ما حدث في سورية «كان احتجاجاً على عدم المساواة وغياب الحرية». وتضيف ل «الحياة»، أن السوريين حاولوا «إزالة الظلم، واحتجوا على ظروف المعيشة». وتشير الناشطة إلى أن هناك تشابهاً بين الوضع في إيران وسورية، والاختلاف يمكن في طريقة الاحتجاج والتحرك ضد النظام، على رغم أن المخاوف هي نفسها في البلدين، نظراً للأسباب التي تكمن خلف الإضرابات والتظاهرات، أو حتى الثورات. وفور نجاح حسن روحاني بالانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران الفائت، تسلّم الرئيس الجديد رسالة من «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، تضمنت دعوة روحاني إلى مراجعة موقف بلاده حيال النظام في دمشق، ومعالجة «الأخطاء» التي سبق للقيادة الإيرانية أن وقعت بها. وقال الائتلاف: «لقد أساء صناع القرار في إيران إلى بلادهم حين قرروا التدخل في سورية إلى جانب الظالم، كما أساؤوا للشعب الإيراني من قبل في قمع ثورته الخضراء عام 2009». ويتفق كل من لاليه وكودرزي، المقيمان في تركيا، على أن الشعب الإيراني يريد أن يتغير النظام في سورية، بخاصة بعد الانتهاكات التي ارتكبها، خلال السنوات الثلاث الفائتة. ويقول كودرزي: «الإيرانيون، حقيقة، لا يحبون نظام الأسد بسبب دعمه، كما دعم والده سابقاً، للنظام الإيراني. كما إن كرههم للنظام السوري تضاعف» بعد ما أرتكب، ولا يزال، من مجازر بحق شعبه. وكانت المحامية الإيرانية شيرين عبادي، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 2003، أوضحت أخيراً، أنها تشعر بالخجل كونها مواطنة من دولة تدعم حكومتها النظام السوري. وأعربت عبادي، عبر وكالة «الأناضول»، عن اعتذارها، كإيرانية، من الشعب السوري؛ بسبب دعم بلادها لنظام الأسد. كما أكّدت أن الشعب الإيراني يرفض ما ترتكبه الدولة الإيرانية في سورية. والواقع أن ليس هناك دور يذكر للمنظمات الحقوقية الإيرانية، في ما يخص الوضع السوري. وفي هذا السياق، يعود كودرزي إلى شرح الحال في بلاده، ويقول إن المجتمع المدني الإيراني استعاد روحه ببطء بعد الانتخابات الرئاسية عام 2013، مشيراً إلى أن منظمات حقوق الإنسان الإيرانية هي الأكثر قبولاً لفكرة إجراء انتخابات حرة في سورية، كما إنها كانت، ولا تزال، ضد التدخل العسكري في هذه البلاد.