كتب مغرّد كردي متوجهاً إلى الشاعر العراقي سعدي يوسف»: لو قال لك أحدهم إنك وشعبك من القرود... فماذا تفعل؟ فيرد «الشيوعي الأخير»: أقول له شكراً... القرد خير من البشر... القرد لا يقتل». ثمة العشرات من النصوص اللاذعة والمستهجنة مثل هذه التغريدة، لنصّ نثري كان يوسف نشره في وقت سابق، وجاء فيه: «الدولة الحديثة، بتأسيسِها الأوروبي، الاستعماري، ليست دولة الفقيه. هي دولةٌ لإدارة كيانٍ جغرافيّ قد يكون متعددَ الإثنيّات، وقد لايكون. لكن العراق ليس مستحدَثاً. اسمُ العراق آتٍ من أوروك!.. إذاً ما معنى السؤال الآن عن أحقيّة العراقِ في دولةٍ جامعةٍ؟ ما معنى أن يتولّى التحكُّمَ في البلدِ، أكرادٌ وفُرْسٌ؟ (...) ما معنى أن تكون اللغة العربية ممنوعةً في إمارة قردستان عيراق البارزانية بأربيل؟ إذاً: نحن في عراق العجم! سأسكن في مصر العربية!». استعارة الشاعر عن «كردستان»، جعلت الإقليم يقرر أخيراً حذف قصيدة له من مناهج التعليم الكردية. ويقول أراس نجم الدين مدير المناهج في وزارة التربية الكردية، إنها قرّرت حذف قصيدته المعنونة ب «وطني» المدرجة ضمن مناهج اللغة العربية لمرحلة التاسع الأساسي في مدارس إقليم كردستان. وغصت مواقع السوشال ميديا الكردية بالردود العنيفة، لكن النخبة في الإقليم استغربت «التحوّل» في مواقف الشاعر. ويقول الكاتب السياسي الكردي شمال عادل سليم: «ما الذي جرى لسعدي يوسف، ألم يكن أول من دان قصف نظام صدام حسين مدينة حلبجة الكردية؟». ويأتي نص يوسف، والردود عليه، مع تفاقم الخطاب الشعبي المتوتّر والعصبي بين العرب والكرد. ويقول الشاعر العراقي عمر الجفال، إن نص سعدي يوسف حظي بقراءة خاطئة، خصوصاً أنه لم يكن يستهدف الشعوب، بل النخب السياسية. ويضيف، «كان النص تأويلياً، ومن يجيد معرفة سعدي يوسف ليس عليه إلا أن يقرأه بالتأويل». ووجد الجفال أن يوسف «يكتب منذ عام 2003 هذا النمط من الكتابة، وهي لاذعة وموجعة، الكثير منها محق تماماً وبعضها الآخر في حاجة إلى إعادة النظر». ومثلما كان رد فعل الكرد على نصّ يوسف، جاء رد فعل شعراء عراقيين جلّهم من الجنوب موازياً، لكنه ظهر عبر حملة «ثقافية» لحرق كتب الشاعر في شارع المتنبي. وحضر أدباء لحرق كتبه احتجاجاً على ما سمّوها «إساءات الشاعر لإهل الجنوب» وما جاء في قصيدته الأخيرة التي نعتت العراق بأنه عراق العجم. لكن فارس حرام، وهو رئيس اتحاد أدباء النجف، يقول: «حرق كتب سعدي يوسف أمر مرفوض، ولكن يجب تعرية نصوصه عبر النقد وتوثيق التجاوزات وكشف أمراضه وعُقده». ويضيف، «يبقى سعدي يوسف من الناحية الشعرية شاعراً عراقياً بارزاً».