ذكرت أنباء كويتية أن الجانب الكويتي يتجه إلى إغلاق حقل «الوفرة» النفطي المشترك مع السعودية الذي ينتج نحو 200 ألف برميل يومياً في المنطقة الحدودية الواقعة بين البلدين في شهر كانون الثاني (يناير) المقبل، غير أنه لم يصدر أي تأكيد رسمي من الجانبين السعودي والكويتي تعليقاً على هذه الأنباء، فيما نفى خبيران نفطيان ل«الحياة» وجود أي تأثير في أسعار النفط العالمية في حال إغلاق الحقل. وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة أن اجتماعاً عقد نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بين الجانبين السعودي والكويتي في الكويت، لبحث حل «أزمة» الخفجي، بيد أنه لم يتم خلال الاجتماع التوصل إلى صيغة اتفاق مرضٍ للطرفين، مشيرة إلى أن تسريبات من داخل الاجتماع ألمحت إلى أن الجانب الكويتي قد يلجأ إلى إغلاق حقل الوفرة مطلع الشهر المقبل. وحقل «الوفرة» يتم تشغيله بواسطة مشروع مشترك يضم شركة نفط الخليج وشركة شيفرون السعودية، وهما شركتان تابعتان للشركات الوطنية في الدولتين، وهما مؤسسة البترول الكويتية وأرامكو السعودية. ويأتي هذا في الوقت الذي ذكرت فيه وسائل إعلام نقلاً عن مصدر كويتي رفيع المستوى، أن الكويت أوقفت عمليات الإنشاء في مشروع تحديث مركز تجميع الوفرة الرئيس، الذي تقدر كلفته ب200 مليون دولار، بعد أن أصدرت الشركة الكويتية لنفط الخليج مذكرة توقيف تبلغ فيها المقاول المنفذ شركة «أس كيه» للهندسة الكورية بالأمر، مشيرة إلى أن الشركة الكويتية لنفط الخليج أبلغت الشركة الكورية بالتوقف عن إتمام المشروع، الذي تمت ترسيته على أساس الهندسة والتوريد والإنشاء، وعزت السبب في ذلك إلى وجود خلاف في المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية، فيما توقفت أعمال الإنشاء والتوريد بالكامل، وتتابع الشركة حالياً الأعمال الهندسية والإدارية. واستبعد الخبير النفطي الكويتي حجاج بوخضور في تصريحه ل«الحياة»، إغلاق حقل الوفرة الحدودي، بسبب العلاقات القوية التي تحكم البلدين، مشيراً إلى أن الطرفين يمتلكان إمكانات فنية وقدرات إنتاج نفطية واتفاقات مع شركات عالمية، ونهج إداري معين خاص بهما، وهذا ينطبق على الكويت، التي لديها أيضاً قدرات وإمكانات قد تقل عن السعودية، بيد أن هناك حقائق فنية تحكم أي قرار يؤدي إلى اتفاق، وهي مرتبطة بجوانب وإمكانات الطرفين اللذين قد يتفقان أو يختلفان. ولفت إلى أن هناك تفاصيل فنية لهذه القدرات والمواصفات للجانب الكويتي، والاتفاق على قرار الإغلاق يحتاج إلى وقت للوصول إلى صيغة ترضي الطرفين، مشدداً على أن بعض وسائل الإعلام الكويتية قد تخطئ وقد تصيب في ما يتعلق بهذه الأنباء على غرار ما حدث في قرار إغلاق حقل الخفجي. وأكد أنه في حال إغلاق حقل الوفرة، فإن ذلك لن يؤدي إلى حدوث إشكال بين الطرفين، إضافة إلى أن توقف الإنتاج من الحقل لن يؤثر في الطرفين، حتى لو استمر عامين. وأضاف أن حصة الكويت من الحقل لا تتجاوز 100 ألف برميل، وهذا لن يؤثر فيها أبداً، وقد تلجأ إلى تعويضها من حقول أخرى. وألمح إلى تدخل بعض الأطراف والنقابات الكويتية لافتعال «أزمة» بين البلدين، وهو ما حدث في حقل الخفجي، موضحاً أن هناك بعض الأطراف من الجانبين تقوم بتسريب بعض الوثائق والخطابات إلى بعض وسائل الإعلام بهدف افتعال «أزمة»، وهو ما حدث بالضبط في قضية إغلاق حقل الخفجي. وكشف بوخضور أن إغلاق حقل الخفجي عائد إلى أسباب «بيئية» و«إدارية» و«فنية» و«تشغيلية»، ملمحاً إلى ضغوط كبيرة تمارس لتغيير الهيكل الإداري في لجنة العمليات المشتركة، وهناك أنباء ترددت عن تغيير رئيس الشركة المسؤولة، فيما اتهم بعض وكلاء الشركات النفطية بالضغط على الصحافة، لنشر مثل هذه الأخبار لخدمة مصالحهم الخاصة. من جانبه، أكد الخبير النفطي سداد الحسيني، أن الطاقة الإنتاجية لحقل الوفرة تبلغ 200 ألف برميل، وأن منشآته قديمة، ونوعية النفط التي ينتجها الحقل من النوع الثقيل، وهو مشابه لمادة «الأسفلت»، ولا يحقق عوائد مالية كبيرة، وفي حال خفض الإنتاج سيتم إيقاف هذا النوع من النفط، إضافة إلى أن عملية إنتاجه «شاقة» وتختلف عن الأنواع الأخرى، وفي حال الإغلاق سيكون بالتأكيد بالتنسيق بين الجانبين، لوجود عمالة من الطرفين. وأوضح أن إنتاج النفط من حقلي الخفجي والوفرة، يبلغ تقريباً نصف مليون برميل، ويتقاسمها الطرفان السعودي والكويتي، وفي حال أُغلق الحقل يستطيع الطرفان، زيادة إنتاجهما من حقول أخرى، لتعويض النقص، إضافة إلى أن الآن موسم الشتاء، ويقل فيه استهلاك النفط في هذه الفترة. وذكرت وسائل إعلام كويتية نقلاً عن مصادر نفطية عن اتجاه الجانب الكويتي لإغلاق حقل الوفرة بحلول كانون الثاني (يناير) المقبل، إذا لم يتم حل أزمة الخفجي، مشيرة إلى أن الاتصالات بين الطرفين وصلت إلى طريق «مسدود». بيد أنها قالت إن الكويت لا ترغب في التصعيد، وإنها سعت إلى حل ودّي خلال الأسابيع الماضية، لكن الحلول استنفدت، دون الوصول إلى حلول. وأشارت إلى أن وقف الإنتاج من منطقة الوفرة المشتركة، من شأنه أن يخفض الإنتاج النفطي الكويتي بنحو 230 إلى 240 ألف برميل يومياً من الوفرة وحقل الخفجي المتوقف عن الإنتاج منذ أكثر من شهر، ما يؤدي إلى خسارة موارد مهمّة للخزانة العامة في توقيت حرج، انخفضت معه أسعار النفط إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل. وأشارت إلى أن القمة الخليجية في الدوحة، والتي ستعقد خلال الفترة المقبلة ستكون فرصة للوصول إلى حل ودّي للخلاف بين البلدين.