انتهجت الشركات العقارية المدرجة في بورصات المنطقة العربية استراتيجيات متنوعة متوسطة وطويلة الأجل، داخلية وخارجية، بهدف الحفاظ على وجودها وتحسين قدرتها على تجاوز الآثار التي حملتها تداعيات الأزمة المالية على القطاع العقاري عموماً والشركات العقارية خصوصاً. إذ لفتت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي إلى أن «تأثيراتها لا تزال واضحة حتى الآن». وأشارت إلى أن جهود إدارة هذه الشركات «تركّزت على رفع هوامش الربحية لديها من خلال ضبط النفقات الإدارية والعامة ورفع كفاءة العمليات التشغيلية». واعتبر التقرير، أن نمو هوامش الأرباح أو تماسكها عند حدود معينة «يعكس أثراً إيجابياً كبيراً على المراكز المالية لهذه الشركات، إذ يشكل عامل استقرار هوامش الأرباح ونموها خلال فترات الضغط والتراجع، مؤشراً مهماً إلى قدرة الشركات على التماسك، وإلى دخول قطاع البناء مراحل جيدة من النمو». ورصد «تحسناً لدى الشركات على مستوى التحصيل، ما أفضى إلى خفض حجم المخصصات في مقابل الديون المصنفة هالكة، وعلى رفع قيمة النقد الناتج من النشاطات التشغيلية خلال الفترة المقبلة». وسينعكس النمو والانتعاش المحققان أخيراً «في شكل إيجابي لكن متفاوت» على نتائج أداء الشركات العقارية المدرجة في البورصات، استناداً إلى قدرة الشركات على الحصول على عقود جديدة وارتفاع قيمة المشاريع التي تنجزها حالياً، والدخول في مشاريع البناء التي تتسم بارتفاع هوامش الأرباح فيها، وتحديداً البنية التحتية ومشاريع الإسكان والمشاريع التنموية. وسيكون لوضوح الاستراتيجيات المعتمدة من الشركات الهادفة إلى تنويع أعمالها وانتشارها جغرافياً على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي أو خارجها، «أثر كبير على قوة نتائج الأعمال وزيادة العائدات». فيما سيكون لقدرة الشركات العقارية المتداولة على إعادة تنظيم أعمالها ورفع مستويات الكفاءة في عملياتها التشغيلية الرئيسة، وضبط الإنفاق والحد من التكاليف والنجاح في تطوير أدوات تنفيذ المشاريع وآلياتها، «أهمية كبيرة على تمتع هذه الشركات بمراكز مالية قوية ومعدلات مرتفعة من السيولة النقدية اللازمة للاستمرار والنمو». وأكد تقرير «المزايا» أن هذه المؤشرات «ستصبّ في نتائج الأداء في الفترات المالية المقبلة، نظراً إلى اعتماد تحقق الإيرادات لدى الشركات العقارية والتطوير العقاري، على نسب إنجاز المشاريع قيد التنفيذ». وعن أداء شركات التطوير العقاري المدرجة في السوق السعودية، أفادت «المزايا القابضة»، بأن نتائج الأداء «عكست استمرار الضغوط على بعض الشركات، إذ سجلت أرباح خمس شركات من أصل ثمانٍ انخفاضاً في النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بنتائج أدائها في الفترة ذاتها من العام الماضي». وعزت التراجع إلى أسباب كثيرة، منها «تسجيل شركات تابعة وشقيقة خسائر أثرت في الأرباح الصافية للشركة الأم، فيما برّرت شركات أخرى الانخفاض في أرباحها بتراجع مبيعات الأراضي والعقارات. في المقابل تأثرت نتائج شركات التطوير بارتفاع بند نفقات التشغيل والتمويل وتقلّص إيرادات أخرى غير تشغيلية». وفي مقلب الشركات الرابحة، نقل التقرير عنها العوامل التي أفضت إلى الربحية، ومنها «نمو بيع الأراضي وزيادة إيرادات التأجير للمحال التجارية، فضلاً عن اختلاف آليات احتساب مخصص الزكاة الشرعية لدى بعض الشركات، أدت إلى تحقيق وفورات. في حين سجلت الشركات الرابحة نمواً ملحوظاً في إيراداتها التشغيلية وكذلك انخفاضاً في تكاليف التشغيل». وعلى صعيد شركات التطوير العقاري المدرجة في أسواق الإمارات، أورد تقرير «المزايا» أن الشركات المدرجة في سوق دبي المالية «حققت زيادة في أرباحها في النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بنتائج أدائها في الفترة ذاتها من العام الماضي». وربطت الشركات الإماراتية ارتفاع أرباحها بمجموعة من العوامل، منها «التحسن في إيراداتها التشغيلية وتسارع عملية تسليم قطع الأراضي والوحدات السكنية ونمو الإيرادات المتكررة الناتجة عن محفظة العقارات الاستثمارية». وكان لإعادة تعديل القيمة العادلة لبعض الاستثمارات العقارية لدى بعض الشركات «تأثير في مستوى الأرباح فضلاً عن تحقيق إيرادات نتيجة تسوية التزامات مع المقاولين على بعض المشاريع، ما يعني أن الأرباح غير التشغيلية حافظت على استقرارها في السوق العقارية الإماراتية». وعن نتائج أداء شركات التطوير العقاري المدرجة في بورصة قطر، لفت التقرير إلى أن ثلاث شركات من أصل أربع «سجلت زيادة في أرباحها». واعتبر مراقبون أن «نسبة نمو الإيرادات الإجمالية في السوق القطرية البالغة 13.8 في المئة جيدة، لكن تباين الأداء بين الشركات المدرجة كان لافتاً وحاداً». ولاحظ أن نتائج أداء القطاع العقاري «تراجعت بنسبة 7.61 في المئة، وكذلك قطاع السلع الاستهلاكية بنسبة 3.8 في المئة. في حين سجلت بقية قطاعات السوق ارتفاعاً في أرباحها». وخلُص تقرير «المزايا إلى أن الأداء العام لشركات التطوير العقاري جاءت إيجابية وعكست تحسناً ملحوظاً في كفاءة التشغيل والتوسع، على رغم استمرار الضغوط». في المقابل أشار إلى أن «التحدي الكبير لدى شركات التطوير العقاري المدرجة في بورصات المنطقة، يكمن في قدرتها على تعزيز إيراداتها التشغيلية والتركيز على المشاريع ذات العائدات المرتفعة، على حساب إيراداتها غير المتكررة التي تتسم بالتقلّب بين فترة مالية وأخرى». واعتبر أن هذا الأمر «يؤثر في مستويات تقويم رسملة الشركة وأسهمها، الذي يؤدي في أحيان كثيرة إلى ارتفاع نطاقات التقلّبات على أسعار أسهمها وتصنيفها ضمن أسهم المضاربة، بالتالي إخراجها من الخيارات الاستثمارية المتوسطة والطويلة الأجل»، على رغم أن أرباحها التشغيلية «كانت إما مستقرة وإما مرتفعة بنسبة جيدة».