لم تمضِ أيام على حلقة برنامج «الثامنة» الذي يقدمه الزميل داود الشريان عبر قناة «إم بي سي»، وناقش فيه ملف دعاة الفتنة الذين يحرضون على الجهاد في سورية، حتى صدر أمر ملكي في السعودية ينص على عقوبة السجن مدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على 20 سنة في حق كل من يشارك في أعمال قتالية خارج المملكة، أو الانتماء للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة، أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها. وتناول الشريان موضوع الجهاد في سورية خلال حلقتين، ووجه أصابع الاتهام إلى عدد من الدعاة المعروفين في المملكة بأنهم السبب الرئيس في ذهاب الشبان السعوديين إلى أماكن الاقتتال. وكانت حلقته الأولى عن «الجهاد» قبل أسبوعين حينما كشف أسماء الدعاة فلقيت رواجاً كبيراً، ما دفع الدعاة المتهمين بالتحريض إلى الظهور عبر قناة خاصة للرد على اتهامات الشريان. إلا إن برنامج «الثامنة» عاود فتح الملف واستضاف ثلاثة دعاة آخرين للتعليق على الموضوع من جوانبه الشرعية. وكشف المشرف على شبكة الإسلام العتيق العالمية عبدالعزيز الريس في برنامج «الثامنة»، أن «أهل الباطل يلبسون الحق بشيء من التضليل بهدف تنفير الناس منه، بواسطة طرق كانوا يدعون فيها إلى النفير، وينفون ويؤكدون مرات أخرى في حرب أفغانستان»، مضيفاً: «قسم منهم يحرّض ثم يتراجع، وقسم نفى الذهاب إلى سورية مع عدم وضوح في خطابه، إذ إن هناك أشخاصاً يلمحون أو يصرحون بقصد التحريض». ووجه الريس نداء إلى الشباب بالعودة إلى أوطانهم، قائلاً لمن يحرض الشباب، «سنشعر بصدقك إذا أرسلت ولدك للجهاد». وبيّن الريس طرق المحرضين في محاولة قصر أخذ إذن الجهاد من الوالدين، وكثير من الذين ذهبوا لم يستأذنوا والديهم، لافتاً إلى الفرق بين علماء الدين وبين الدعاة السياسيين، كما استدل بأحاديث للشيخين البخاري ومسلم عن الالتفاف حول ولي الأمر. وأوضح رئيس مركز الدعوة وتوعية الجاليات في حي العزيزية بالرياض حمد العتيق أن طرق التحريض تكون مباشرة أو غير مباشرة، لافتاً إلى أن دعاة الفتنة حزبيون يعادون لأجل الحزبية، وليس لأجل الدين. وقال الباحث بندر المحياني: «الذين شككوا في قضية المرأة التي ذهب ابنها إلى سورية لأجل الانتصار لأنفسهم لم يشاهدوا ما فعلت لها يا داود، وجلسوا نصف ساعة يرددون للناس أن الجهاد عبادة، وما حدث من تقليل أو سخرية فمن قام به هو يمثل نفسه، ولا يمثلنا. هناك رسالة للشخص الذي سخر بالمرأة: من الأولى أن تنتصر للقريب بدلاً من الانتصار للبعيد»، متسائلاً: لماذا لا يخرج بيان صريح من دعاة التحريض للشباب بعدم الذهاب إلى الجهاد في سورية؟ ولم يتوقف موضوع «الجهاد في سورية» وتحريض الشبان على الاقتتال في مواطن الفتن على برنامج «الثامنة»، بل ناقشت الزميلة نادين البدير القضية في برنامجها «اتجاهات» عبر قناة «روتانا خليجية»، وذكرت أسماء عدد من الدعاة الذين تدور حولهم الشبهات في تحريض الشبان على الذهاب إلى سورية. قضية «الجهاد في سورية» جعلت عدد من الدعاة ينفي تورطه بالتحريض سواءً من خلال حساباتهم الرسمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو من عبر قنوات تلفزيونية خاصة، بعد أن أظهر برنامج «الثامنة» عدد من الأسر السعودية التي تضررت من ذهاب أبنائهم إلى مواطن الفتن في سورية. وأخذ موضوع الجهاد الذي فتحه الشريان في برنامجه حيزاً كبيراً من اهتمام عدد كبير من السعوديين في مواقع التواصل الاجتماعي، ومناقشته والرجوع إلى عدد من أهل العلم، وكذلك تبادل عدد من الفتاوى التي تحرّم التغرير بالشبان ودفعهم إلى مواطن الفتن.