نظم آلاف الليبيين مسيرات في طرابلس وبنغازي الجمعة للمطالبة بحل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) المؤقت الذي كان من المقرر أن تنتهي ولايته اليوم الجمعة وسط انقسامات عميقة في البلاد في شأن مستقبله. وملأ المحتجون الذين كانوا يلوحون بأعلام ليبيا ويرددون هتافات تعارض تمديد ولاية البرلمان ساحة الشهداء في العاصمة طرابلس والساحة الرئيسية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا وفي مدن أخرى، وجرت التظاهرات بشكل سلمي ولم تتخللها أي حوادث. وفي ساحة الشهداء في وسط طرابلس وامام فندق تيبستي في بنغازي تجمع مئات المتظاهرين للمطالبة بحل المؤتمر واجراء انتخابات عامة. وهتف المتظاهرون الذين تجمع البعض منهم حاملين مكانس "لا للتمديد". ورفع آخرون يافطات كتب عليها "07/02: انتهت المهلة". وكان رئيس الوزراء الليبي علي زيدان دعا مواطنيه الى التظاهر سلمياً، مؤكداً أن "كل شيء يمكن أن يتحقق سلمياً وعبر الحوار". وبما يعكس عمق الغموض السياسي في البلاد، طالب معظم المحتجين الجمعة بإجراء انتخابات جديدة أو أن تحل لجنة رئاسية أو المحكمة العليا محل البرلمان إلى حين إجراء الانتخابات. وانتخب المؤتمر الوطني العام عام 2012 وكان من المفترض أن تنتهي ولايته في السابع من شباط (فبراير). لكن أعضاءه مددوا ولايته لإتاحة مزيد من الوقت للجنة خاصة لوضع مسودة الدستور الذي يعتبر خطوة أساسية في عملية الانتقال السياسي في ليبيا. ويشعر كثير من الليبيين بأن المؤتمر الوطني العام لم يحرز تقدماً في ظل حالة الاستقطاب بين تحالف القوى الوطنية القومي وحزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. وفي رد فعل على تظاهرات الجمعة، أعلن النائب المستقل جمعة الصياح استقالته عبر قنوات التلفزيون الليبية مؤكدا انه يخضع بذلك "لارادة الشعب". كما أعلن عضور المؤتمر توفيق الشهيبي على صفحته على فيسبوك انه استقال بعد ان قال "الشعب كلمته". وأعلنت وسائل اعلام ليبية استقالة نائبين اثنين آخرين يمثلان مدينة الزنتان في المؤتمر الوطني العام الذي يضم نحو 200 عضو. وتمر عملية التحول الديمقراطي في ليبيا بأزمة حيث تعرقل المواجهات بين الإسلاميين والقوميين عمل الحكومة كما لا يتمكن الجيش الذي أنشئ حديثاً من بسط سيطرته في كثير من الأحيان. وأوقفت ميليشيا في شرق البلاد تصدير النفط وهو مصدر الدخل الرئيسي للبلاد ولا يزال الملف الأمني مصدر قلق وتجلى هذا في خطف رئيس الوزراء علي زيدان نفسه لفترة قصيرة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. ونجح زيدان في النجاة من محاولات خصومه سحب الثقة منه في البرلمان غالباً بسبب الانقسامات بين المشرعين. وكان المؤتمر الوطني العام وافق الاثنين بعد أشهر من الخلافات على أن تضع لجنة خاصة مسودة الدستور. ويقول مشرعون في المؤتمر إنه إذا أظهرت اللجنة تقدما خلال 60 يوماً فإنه سيبقى لضمان الاستقرار حتى تنتهي اللجنة من وضع مسودة دستور وإذا فشلت في ذلك فستجرى انتخابات جديدة لانتخاب برلمان مؤقت. وتعثرت عملية الانتقال السياسي في ليبيا نتيجة تحالف عشرات من كتائب المعارضة السابقة التي قاتلت للإطاحة بالقذافي وترفض التخلي عن أسلحتها مع فصائل سياسية متنافسة تلجأ كثيرا للقوة العسكرية للضغط من أجل تنفيذ مطالبها. ويحتل قائد سابق لمقاتلي المعارضة مرافىء نفطية رئيسية في شرق البلاد مما أدى الى انخفاض صادرات ليبيا الى النصف وذلك للمطالبة بمزيد من الحكم الذاتي لهذه المنطقة ونصيب اكبر في الثروة النفطية. وفي تجسيد لهذا الاستقطاب تحالفت كتيبة الزنتان مع تحالف القوى الوطنية بينما تحالفت كتيبة مصراتة مع اسلاميين. ولعبت الكتيبتان المتناحرتان دوراً رئيسياً في المعارضة السابقة. وأبرز هجوم لمسلحين مجهولين الخميس، تردي الوضع الأمني الذي لم تسلم منه العاصمة حين حاولوا اقتحام مقر قيادة الجيش الليبي في طرابلس وتبادلوا اطلاق النار مع الجنود ثم سرقوا بنادق ومركبات عسكرية.