احتفلت تونس بمشاركة وفود أجنبية رفيعة المستوى أمس، بإعلان دستور «الجمهورية الثانية» الذي تمت المصادقة عليه بغالبية ساحقة في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) أواخر الشهر الماضي، بعد ثلاثة سنوات من تعليق العمل بدستور «الجمهورية الأولى» إثر سقوط حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وشارك رؤساء السلطات التونسية الثلاث في الجلسة العامة الممتازة للمجلس التأسيسي، بحضور الرؤساء الفرنسي فرنسوا هولاند واللبناني ميشال سليمان والموريتاني محمد ولد عبد العزيز ورئيسا الوزراء الجزائري عبد الملك سلال والكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح والممثل الشخصي للملك المغربي الأمير مولاي رشيد، إضافةً إلى عدد من رؤساء الدول والحكومات والبرلمانات الأفريقية. كما حضر الجلسة رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي ووزيرة العدل والداخلية السويسرية نائبة رئيس المجلس الاتحادي سيمونيتا سومارو ورئيس مجلس الشيوخ الإيطالي ريناتو سكيفاني ورئيس البرلمان التركي جميل جيجك ورئيس المؤتمر الوطني (البرلمان) الليبي نوري بوسهمين. وأعرب رئيس «التأسيسي» مصطفى بن جعفر عن «تقديره للدول العربية والأجنبية لوقوفها إلى جانب تونس ودعمها للمسار الانتقالي»، مؤكداً في الوقت ذاته، أن بلاده تتطلع إلى تفعيل العمل المشترك ودعم التعاون مع هذه الدول. وأضاف أن «نص الدستور الجديد سيُنشر في الجريدة الرسمية في 10 شباط (فبراير) الجاري». كما أعرب الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي عن تقديره لمشاركة رؤساء دول وقادتها وممثلي البرلمانات في احتفال تونس بالدستور الجديد، مشيداً بالدعم الذي قدمته هذه الدول لبلاده بعد الثورة في سبيل إنجاح مسار الانتقال الديموقراطي. وجدد رئيس الحكومة الموقتة مهدي جمعة تعهد حكومته بمعالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، معتبراً أن «نجاح هذه الحكومة يكمن في استرجاع الأمن وتطبيع الوضع الاقتصادي لدفع عجلة الاستثمار، استجابة لتطلعات الشعب التونسي». وألقى الرئيس الفرنسي خطاباً بارزاً باسمه وباسم رؤساء الدول الأوروبية، أكد فيه أن «التجربة التونسية برهنت على أن لا تعارض بين الإسلام والديموقراطية»، معلناً استعداد بلاده لتقديم مساعدة بقيمة 500 مليون يورو لدعم البرامج التنموية في تونس. وأضاف أن «تونس نجحت في كتابة دستور يضمن الحقوق والحريات، بما فيها حرية المعتقد»، لافتاً إلى أنه «أول دساتير العالم التي تعترف بأهمية دور الشباب في بناء الدولة الحديثة». وثمّن رئيس الوزراء الجزائري «التوافقات بين الفرقاء التونسيين في إنجاز الدستور الجديد»، مؤكداً دعم بلاده المتواصل للشعب التونسي. وتعهد بالمضي في تأمين الحدود الجزائرية -التونسية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وشهدت الجلسة انسحاب الوفد الأميركي احتجاجاً على كلمة رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني التي هاجم فيها إسرائيل، واصفاً إياها ب «السرطان». واتهم لاريجاني «القوى الغربية بمحاولة إعادة استعمار الدول العربية عن طريق الاقتصاد»، معتبراً أنها «السبب الرئيسي وراء تثبيت حكم الديكتاتوريات في الدول العربية والإسلامية».