هناك شمعة أمل كانت تستضيء بها «رحمة» وتتشبث بها لعلها تخرجها من المصاعب التي اعترضت حياتها في مقتبل عمرها ولكن لم تستمر الشمعة إذ انطفأت وانجرفت حياتها إلى مسار شديد جعلها رهينة المرض والإعاقة والمسؤولية في عمر مبكر ما زالت حادثة السير تتراءى في مخيلتها وتفزعها في أحلامها الوردية التي تحطمت جميعها على المقعد المتحرك لتصبح ملازمة لها بقية شبابها،على رغم أنها تعيش في ريعانه، بعد حادثة السير التحقت بمدينة الأمير سلطان الإنسانية لتقضي فترة وصفتها بالذهبية للعلاج والتأهيل والتدريبات اليومية ولكن ما ان خرجت من هذه المدينة الإنسانية حتى اصطدمت بواقع الحياة وخوض غمارها التي لم تتوقع أن تواجهها، خصوصاً أنها أكبر إخوانها بين أفراد الأسرة. لم تفارق الدموع عينيها وهي تحكي للحياة قصة شللها النصفي الذي أعاقها عن الحركة وانتكاستها الصحية وعدم مغادرتها للمنزل لتلازمه ولا تخرج منه حتى في أحلك الظروف تقول :«كنت مداومة في حضور بعض المناسبات والدورات الخاصة بمجالات الإعاقة وبعض الدروس التي تمكنني من الخروج للعالم الخارجي والاندماج فيه ولكن لم يعد لي أحد الآن إذ أصبحت طريحة الفراش وحبيسة الألم واليأس تحطمت داخلياً وتردت حركتي وأصبت بالضعف، وما زاد من آلامي هو رؤيتي لوالدتي المصابة بالتهابات حادة من الدرجة الأولى في اللثة، إذ قرر الأطباء ضرورة إزالة أسنانها بشكل كامل لأن أحد الأطباء قام بتركيب أسنانها بطريقة خاطئة واحدث لها مضاعفات، وهو الأمر الذي عجزنا عنه لعدم توافر المبلغ لأن الجراحة حساسة للغاية»، وتضيف: «أرى والدتي لا تستطيع النوم ليلاً وأسمع أنينها وأنا على الكرسي المتحرك إضافة إلى خروج رائحة كريهة وعاجزة عن الأكل والشرب أو حتى الإيماء بالوجه، ولا أستطيع فعل أي شيء تجاهها، لأن المستشفيات تعذرت عن علاجها اذ إن مجمع الملك سعود الطبي «الشميسي» قالوا لي إنهم أوقفوا جراحات زراعة الأسنان من أربعة أعوام لأنها مكلفة، فالسن الواحد يكلف 600 ريال! ولم استطع فعل شيء سوى إعطائها الأودية المسكنة». معاناة رحمة تتجسد في افتقادها لمن يعتني بها ويدفع الكرسي لها أو يرافقها في تنقلاتها وقضاء أدنى حاجاتها الشخصية والمنزلية، تقول بمرارة: «أحلم بخادمة تلازمني وتهتم بنظافتي أيضاً». إعانة الضمان التي يأخذها والدها المريض لا تكفي لمصروفات إخوتها وأبناء أختها الأيتام الذين توفي والدهم منذ فترة وتركهم يقاسون الفاقة مع الأسرة. ضيق الحال وحالة الفقر دعت رحمة وهي في العقد الثاني من عمرها إلى محاولة مساعدة أسرتها والطلب من أهل الخير في إخراجها بجزء لو يسير من معاناتها وتكاليف النفقة التي لا تستطيع تحملها لوحدها، خصوصاً وهي في هذه العمر الصغيرة التي كان من نتائجها عدم إكمال الدراسة وتحقيق طموحاتها التي كانت ترغبها.