بعيداً من صخب المدن الكبيرة وناطحات السحاب، يحتفي الإماراتيون بثقافتهم البدوية وبولعهم بالإبل في مهرجان سلطان بن زايد التراثي في مدينة سويحان بإمارة أبوظبي، في إطار يمزج بين التراث العريق والتقاليد الأصيلة. وفي سويحان التي تضم عدداً من المزارع والقصور، يلتقي الآلاف من أبناء القبائل من مختلف دول الخليج العربية، وخصوصاً من الإمارات. أرتال من سيارات الدفع الرباعي، آلاف الرؤوس من الإبل الأصايل، سوق للمنتجات التقليدية، وخيام بدوية على امتداد النظر تحت أشعة الشمس الشتائية الناعمة في هذه المنطقة الصحراوية. ويقول محمد المنصوري الذي قدم مع إبله للمشاركة في مسابقات المزاينة، وهي مسابقة جمال الإبل، «نأتي لنُري الملاّك الآخرين جودة الإبل الأصيلة التي لدينا وجمالها، وبالطبع نشارك في المسابقات الكريمة جداً بالجوائز». وعلى مدى أسبوعين في مهرجان الشيخ سلطان بن زايد للتراث الذي انطلق الأحد الماضي، تتوالى المسابقات، أما الجوائز فهي كناية عن عشرات سيارات الدفع الرباعي الفخمة التي تتجاوز قيمة الواحدة منها مئة ألف دولار، فضلاً عن الجوائز النقدية. ويوضح المنصوري: «إذا وفقنا، نحصل على سيارة رانج روفر، وإلا فسنحصل على سيارة باترول». وفي حضور الشيخ سلطان، وهو أخ رئيس دولة الإمارات وممثله الشخصي، تعلن نتائج المزاينة، وهي أشبه بمسابقة ملكة جمال الإبل، فتعلو هتافات القبليين تشجيعاً لإبلهم التي تعرض أمام الجمهور في وسط باحة المهرجان التي تحيط بها خيام بدوية ضخمة. وما إن تعلن النتيجة، يتجه أبناء القبلية إلى الإبل الفائزة ويرشّون عليها خلطة الزعفران، وينتظرون قدوم الشيخ لتهنئتهم ومنحهم جائزتهم القيمة. والشيخ سلطان بن زايد نفسه من اكبر مربي الإبل في العالم، ورئيس نادي تراث الإمارات. ويضم المهرجان أيضاً مسابقات تقليدية هي سباق الهجن وسباق كلاب السلوقي، واليولة، وهي رقصة تقليدية بالبنادق، وغيرها من التقاليد البدوية. لكن المهرجان التقليدي هو في الواقع منصة تشهد تداولات مالية ضخمة. ويقول سعيد الهاملي، وهو من أبناء القبائل المشاركة في المهرجان: «الإبل قيمة جداً، لاسيما الأصيلة التي يعرف نسبها من الأب والأم لأجيال». ويشير إلى أن «بعض الإبل يباع بملايين الدولارات، وفي مهرجان كهذا، قد تُعقد صفقات ضخمة وتباع الإبل من مالك إلى آخر، كما أن الإبل الفائزة في المسابقات يتضاعف سعرها عشرات المرات». والقادم من دبي أو أبوظبي حيث ناطحات السحاب والطرق الواسعة وصخب الحياة، قد يخيل له في سويحان انه في بلد آخر. إلا أن روح المهرجان تساعد الإماراتيين الذين يشكل الأجانب غالبية في بلدهم، على صَون نمط حياتهم التقليدية. ففي باحة المهرجان، وأمام منصة الشيخ والوجهاء، يصطف الرجال في صفين متوازيين ويتبارزون بالرقص وبغناء أبيات الشعر النبطي، حاملين عصي الخيزران. وخلفهم فتيات يرقصن رقصة الشعر التقليدية، بينما يتوالى ممثلو القبائل على إلقاء قصائد المديح.