شددت المملكة على أن الالتزام بالمبادرة التي طرحتها باسم مبادرة السلام العربي يحقق السلام العادل والشامل بين سلطات الاحتلال الإسرائيلية والدول العربية، وأكد مندوب الرياض الدائم لدى منظمة الأممالمتحدة يحيى المعلمي أن «الانتقاص من مكونات هذه المبادرة مثل عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وعاصمتها القدس الشريف، أو التشكيك في حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وفقاً لقرارات الأممالمتحدة، أو المساس بالسيادة الكاملة لدولة فلسطين، سينسف أسس العدالة والإنصاف التي يجب أن تقوم عليها التسوية النهائية للصراع إذا ما أريد لها الاستدامة». وأبرز المعلمي جهود السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وحتى اليوم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسعيها الدائم لتحقيق الأمن والسلم الدوليين وحل الخلافات المحلية والإقليمية. وقال في كلمة المملكة التي ألقاها أمام جلسة مجلس الأمن الدولي أول من أمس (الأربعاء): «إن هذا هو المبدأ الذي عززه الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مؤسس المملكة في مسيرته التوحيدية للبلاد». وأضاف خلال جلسة المجلس الخاصة بمناقشة حفظ السلم والأمن الدوليين بعنوان «الحرب ودروسها والسعي إلى سلام دائم»: «لقد سعت المملكة دائماً إلى تحقيق الأمن والسلام وحل الخلافات وبذل جهودها في سبيل ذلك مع الأطراف المتنازعة، وقدمت في سبيل ذلك العديد من المبادرات، منها مبادرة السلام العربية التي سعت إلى تحقيق سلام عادل وشامل بين سلطات الاحتلال الإسرائيلية والدول العربية»، مؤكداً - بحسب وكالة الأنباء السعودية - أن «الانتقاص من مكونات هذه المبادرة مثل عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وعاصمتها القدس الشريف، أو التشكيك في حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وفقاً لقرارات الأممالمتحدة، أو المساس بالسيادة الكاملة لدولة فلسطين كل ذلك سينسف أسس العدالة والإنصاف التي يجب أن تقوم عليها التسوية النهائية للصراع إذا ما أريد لها الاستدامة». وأكد - بحسب وكالة الأنباء السعودية - أن «المملكة تسعى في الأزمة السورية إلى التوصل إلى تسوية عادلة لجميع الأطراف، إلا أن أي تسوية عادلة يجب أن تبدأ برحيل أولئك الذين تسببوا في إراقة دماء الشعب السوري وتلطخت أيديهم بما ارتكبوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لأنه من غير العدالة أن يكون لأولئك الأشخاص مكان في صياغة مستقبل سورية الجديدة». وأوضح أن «المملكة كانت سباقة في اليمن وفي لبنان وفي الصومال وفي كثير من النزاعات الإقليمية إلى احتضان كل الأطراف المتنازعة واحتواء مطالبها والسعي إلى التوافق في ما بينها»، ممثلاً على ذلك ب «مؤتمر الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، والمبادرة الخليجية التي ساعدت اليمن ومازالت تساعده في الخروج من نفق الصراع إلى آفاق السلم والرخاء، ومؤتمر حكماء الصومال الذي عقد في جدة وكان نقطة البداية لحل الأزمة الصومالية». وأشار إلى أن «المملكة وفي كل تلك الجهود والمبادرات كانت مدركة تمام الإدراك للخلفية التاريخية للنزاعات، وتتعامل مع حلها بما يكفل الاستفادة من عظاتها وعبرها، وهو الأمر الذي لا يمنع أن تشتمل تلك التسويات على عناصر العفو أو الحصانة ولكن بتوافق جميع الأطراف وبإرادتهم». وتابع المعلمي: «إن المملكة ما فتئت تسعى إلى العمل على تجنّب الصراع عن طريق الحوار، ومن هنا جاءت مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، بما في ذلك اللقاء الخاص الذي عقد في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2008، وتبعه إنشاء مركز الملك عبدالله العالمي للحوار في فيينا بالتعاون مع حكومتي إسبانيا والنمسا، الذي كان من أهم إنجازاته أخيراً إنشاء شبكة للسياسات العالمية للحوار مع الآخر تضم عدداً من الخبراء وشخصيات رئيسية حكومية وقيادات سياسية ودينية، بهدف بناء التفاهم المتبادل المشترك، وتعزيز التعايش السلمي ضمن التنوع الثقافي والديني، مما يسهم في إيجاد طرح تاريخي مشترك يكون جوهراً للسلام المستدام». الأمن ومفهوم قوات حفظ السلام أوضح مندوب المملكة الدائم لدى منظمة الأممالمتحدة أن «إغفال الطرح التاريخي في خلفيات وأسباب النزاعات إنما يخفي في طياته بذور صراعات جديدة أو حرباً أهلية أو حتى دولية، الأمر الذي يفسر جلياً دورة النزاعات المستمرة التي تعاني منها بعض مناطق العالم وسرعة نشوب الحروب في مناطق بدت وكأنها مستقرة، وتعثر عملية السلام في مناطق أخرى». وأشار إلى أن «الطرح التاريخي أحد أهم مكونات الهوية الوطنية لطرفي أي نزاع، ويخطئ من يعتقد بأنه أمر ثابت لا يتأثر بمجريات الأمور وموازين القوى، لأنه يعتمد على وقائع وأحداث ماضية من وجهة نظر معينة لكل طرف، بحيث تصبح أحد المحاور الأساسية لرؤيته للحاضر وتحديد المستقبل، وبحيث يصبح الطرح التاريخي هو التاريخ بمعنى الحقيقة المطلقة لذلك الطرف بغض النظر عن صحته، وحينها لا يقتصر هذا الطرح على الماضي بل يصبح صميم الحاضر المعاش والطرح المستقبلي». وقال إن «الإخفاق في إيجاد بيئة مناسبة وآمنة للوصول إلى طرح تاريخي مشترك عند التعامل مع المصالحات الوطنية وعلى الأخص في حالات ما بعد النزاع، إنما هو أمر على قدر كبير من الخطورة ويشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين». وتابع قائلاً: «من ذلك المنطلق فإن الأمن يتعدى ولا يلغي المفهوم التقليدي لقوات حفظ السلام ونزع السلاح وتعزيز التحول الديمقراطي والإسهام الاقتصادي، وإنما يصبح الأمن مرتبطاً بتجربة الآخر وفهمه وتفسيره لأحداث تاريخية أساسية». وأكد أنه «على رغم الأهمية القصوى للوصول إلى توافق وتفاهم حول الطرح التاريخي بين أطراف النزاعات وصولاً إلى طرح تاريخي مشترك بينهم، إلا أنه من الحيوي والضروري جداً أن تتضمن مساعي تسوية النزاعات عنصراً مهماً لتأكيد استدامة تلك التسويات واستمرارها، وهو عنصر العدالة الذي سيضمن أن التسوية التي تم التوصل إليها لا تحمل في طياتها بذور خلافات مستقبلية»، مضيفاً أن «تحقيق العدالة الكاملة على رغم أنه قد يكون متعذراً في بعض حالات تسوية النزاعات إلا أنه من الضروري على أقل تقدير أن تحمل التسويات قدراً معقولاً من التوافق بين مختلف الأطراف». رؤى سعودية لتحقيق السلام قدم المندوب الدائم للمملكة جملة من الرؤى والأفكار التي أمل أن تحظى بحيز من النقاش والمداولة لأهميتها في ما يتعلق بالطرح التاريخي والمصالحة والسعي نحو سلام مستدام، وقال: «إن التوصل إلى طرح تاريخي مشترك بما يشمل الإفصاح عن الحقيقة في ما يخص أسباب الصراع والانتهاكات التي ارتكبت لحقوق الإنسان هو أحد الأوجه المهمة لتحقيق العدالة التي معها تزداد فرص الاستقرار والوصول إلى السلام المنشود غير الهش، ومنها أن هناك حاجة ماسة إلى الموازنة بين كشف الحقائق وتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية والبحث عن السلام بين أبناء الوطن الواحد بما يحقق التوافق الوطني ويكون رادعاً لتكرار أخطاء الماضي، وأن كل حال وطنية فريدة في نوعها وهذا لا يعني عدم الاستفادة من تجارب الآخرين، ولكنه يحذر من خطورة التعميم وفرض سيناريوات غير مناسبة ربما تعقد فرص حل النزاع». وشدد على أن مشاركة الأممالمتحدة بأجهزتها المختلفة في حل النزاعات يجب ألا تتعدى إرادة أصحاب الشأن، وأن تعمل على مساندة عملية المصالحة والطرح المشترك للأطراف المحلية بما يتوافق مع تطلعاتهم وثقافتهم وتاريخهم، موضحاً أنه من هنا تكمن أهمية التعاون مع المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية لصون السلم والأمن الدوليين، بخاصة في ما يتعلق بعمليات حفظ السلام. وخلص السفير المعلمي في كلمته إلى أن الأممالمتحدة ومجلس الأمن على وجه الخصوص تتحمل المسؤولية الأخلاقية لبذل كل ما من شأنه منع تفاقم النزاعات والتوصل إلى سلام مستدام، معرباً عن ترحيب المملكة بالأفكار الخلاقة التي طرحها الأردن على المجلس، وبخاصة ما يتعلق بضرورة تكليف فريق استشاري تاريخي من الأممالمتحدة للعمل بالتعاون مع سلطات الدولة في مناطق النزاع في سبيل استعادة الوثائق التاريخية المهمة وحمايتها، وتسجيل إفادات الشهود وجمع البيانات والإحصاءات، وإنشاء أرشيف وطني وتأسيس لجنة تاريخية وطنية أو دولية تتولى توثيق السجل التاريخي وحمايته من التزوير أو الاندثار.