لم يتمكن محمد حمدان (30 عاماً) من مخيم عقبة جبر قرب أريحا شرق الضفة الغربية، من إتمام زفافه على عروسه التي ارتبط بها منذ عام بسبب ضيق ذات اليد. لكن حفلة الزفاف الجماعية التي بادر إليها المكتب التنفيذي للاجئين في الضفة، ورعاها الرئيس محمود عباس، وفرت له فرصة الزواج في فندق خمس نجوم (إنتركونتننتال)، من دون أن يدفع مليماً واحداً. يعمل محمد في قوات الأمن الفلسطينية براتب يقل عن 600 دولار شهرياً، وتمكن خلال سنوات عمله ال13 الماضية من بناء شقة صغيرة في المخيم فوق بيت العائلة مساحتها مئة متر مربع، وحصل على قرض مصرفي بقيمة 14 ألف دولار لفرشها. لكنه توقف عند هذا الحد، ولم يستطع التقدم خطوة واحدة في مشروع الزواج وتكوين أسرة. «لولا هذه المبادرة لما تمكنت من الزواج سوى بعد سنين طويلة، فدخلي متواضع، وأدفع نصفه للبنك لسداد القرض، ولا أستطيع تدبر أمري في الباقي»، قال محمد وهو يستعد للمشاركة في حفلة الزفاف الجماعية التي ضمت 300 عريس و300 عروس من الضفة الغربية وقطاع غزة، جميعهم من ذوي الدخل المحدود، ومن أبناء الشهداء والأسرى وذوي الاحتياجات الخاصة. وبادر المكتب التنفيذي للاجئين في الضفة إلى إقامة حفلة زفاف جماعية لمساعدة الأزواج الشباب في المخيمات، غير القادرين على إتمام الزواج بسبب الفقر. وتبرع مكتب الرئيس بتمويل الحفلة التي بلغت كفلتها أكثر من مليون دولار. وتضمن ذلك بدلات زفاف للعرسان، وأثواب زفاف تقليدية مطرزة للعرائس، وحفلة موسيقية، ومساعدة نقدية لكل زوجين قيمتها أربعة آلاف دولار. ويعاني المجتمع الفلسطيني من تزايد مضطرد في معدلات البطالة والفقر وارتفاع الأسعار. ووفق الجهاز المركزي للإحصاء، فإن نسبة البطالة في الضفة وقطاع غزة بلغت حوالى 24 في المئة. وأدت الأزمة الاقتصادية ليس فقط إلى تراجع معدلات الزواج، وإنما إلى ازدياد معدلات الطلاق. وقال رئيس ديوان قاضي القضاة الشيخ يوسف ادعيس ل «الحياة»: «إن نسبة الطلاق بلغت العام الماضي 20 في المئة، بزيادة مقدارها 4 في المئة عن العام السابق». وأضاف: «أن نصف حالات الطلاق وقع بين شبان مخطوبين لم يتمكنوا من توفير الأموال اللازمة لاستكمال الزواج، وهذا يعود إلى البطالة والفقر». وأخفقت السلطة الفلسطينية في السنوات الأخيرة في جذب الاستثمارات الأجنبية وإقامة مناطق صناعية بسبب سيطرة السلطات الإسرائيلية على أكثر من نصف مساحة الضفة، بما فيها من موارد وعلى المعابر. وتنشط جمعيات خيرية في الضفة وقطاع غزة في إقامة حفلات زفاف جماعية لمساعدة الأزواج الشباب على مواجهة أعباء الحياة المتزايدة. وكثيراً ما تأخذ هذه الأنشطة بعداً سياسياً، إذ تجرى بمبادرة وتحت إشراف قوى سياسية أو جمعيات خيرية تتبع إلى قوى سياسية، خصوصاً الإسلامية منها.