لتبدأ القصة من بدايتها: الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يدعو إلى الانتقال من مرحلة التعاون بين دول الخليج العربي إلى مرحلة الاتحاد مجابهةً للتحديات الراهنة التي تمر بها تلك الدول. وكان الملك حمد بن عيسى آل خليفة الوحيد الذي أيد الملك عبدالله بين قادة دول المجلس. بعضهم تكلم وبعضهم صمت ولم ينبت ببنت شفة طوال الجلسة، ثم حدثت اتصالات حثيثة بين دول المجلس قادتها المملكة العربية السعودية. وتغيرت المواقف... مع مرور الوقت. ففي الكويت تنامى تيار وحدوي بين نخبة من شبابها، بخاصة أن ذكرى الغزو الصدّامي ما زالت ماثلة في الأذهان، والعراق لم يستقر بعد، هذا إضافة إلى المخاطر الإيرانية التي تلوح في الأفق. والأهم من ذلك كله إن الحلف القطري- العماني لم يعد فاعلاً ضد الاتحاد. وينص ميثاق الاتحاد على أن الهدف توحيد دول المجلس، فكيف لم تقرأ القيادة العمانية هذه الفقرة. وقد جرت العادة أنه عندما تتخذ قطر موقفاً فإن سلطنة عمان تسارع إلى دعمه، ويقف البلدان الموقف ذاته في أغلب الأحيان. ولكن ما حدث في حالة الاتحاد أن وزير الشؤون الخارجية بسلطنة عمان أدلى بحديث ضد فكرة الاتحاد... ولم ترد قطر ولم تدعمه. أما البحرين فإنها قيادة وشعباً مع فكرة الاتحاد، وقد تحول رئيس مجلس الوزراء البحريني الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة إلى داعية للاتحاد، ولا تمر مناسبة إلا ويحض على الاتحاد ويشيد بفكرته. ودولة الإمارات العربية المتحدة التي تأسست على رؤية زايد بن سلطان آل نهيان، لا يمكن أن تقف ضد أية رؤية أخرى للاتحاد في أي موقع من جزيرة العرب، وبالتالي فهي دولة اتحادية. وفي اليمن، توصلت الأطراف المعنية إلى تصور فيديرالي بين شمال اليمن وجنوبه، باشر فيه الرئيس عبد ربه منصور هادي وبتأييد من السعودية ودول المجلس، بعكس الحالة الأولى التي فرض فيها علي عبدالله صالح الرئيس السابق لليمن الاتحاد بالقوة. وفي الأردن، لا تبدي القيادة الأردنية أية مقاومة لفكرة الاتحاد، والأردن إذا دخل في الاتحاد انحلت الكثير من مشاكله. والمغرب يريد الحفاظ على هويته العربية الإسلامية، وعلى خطه المالكي السني، وهو بانضمامه إلى الاتحاد الخليجي يقرب المسافات بين الوطن العربي. هذه الدول المرشحة للدخول في الاتحاد، وكلها دول ملكية وراثية منسجمة من هذه الناحية. ومن الطبيعي أن إيران لا تريد اتحاداً عربياً بين دول الخليج العربي يضاف إليه دعم من اليمن والأردن والمغرب. وعلينا أن نتوقع مقاومة إيرانية، سياسية أو ديبلوماسية، أو حتى عسكرية حيال محاولتنا هذه. ومن المنتظر عقد قمة اتحادية استثنائية في الرياض، بإشراف الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وسيتضح عندئذ إن كانت هذه الافتراضات والتوقعات واردة أم لا. وعلى مسمع قادة المجلس نكرر الآية الكريمة: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا». وإذا تأملنا في الوحدة الأوروبية نجد أن كل دولة احتفظت بسيادتها ودخلت الوحدة في الوقت ذاته... أليس هذا ما نتطلع إليه؟ * أكاديمي وكاتب من البحرين