تقدم الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعدة اقتراحات ملموسة لتسريع النمو الاقتصادي، داعياً الى أن يكون العام الحالي عام العمل والفعل وتوفير الفرص. وأعلن أوباما دعم المعارضة السورية التي ترفض أجندة الشبكات "الإرهابية"، وذكر انه سيستعمل حق النقض ضد أي عقوبات جديدة يفرضها الكونغرس على إيران في المرحلة الراهنة، مشيراً إلى انه ينبغي أن تشهد هذه السنة إغلاق معتقل غوانتانامو في ظل التركيز المستمر على مكافحة "الإرهاب". وخصص أوباما جزءاً من خطاب حال الاتحاد للحديث عن الشؤون الخارجية، واستهله بالحديث عن أفغانستان، فقال انه "بفضل الجهود والمدنيين الاستثنائيين الذين يعرضون حياتهم للخطر للحفاظ على حريتنا، نحن اليوم اكثر أماناً". وأضاف: "عندما وصلت إلى سدة الرئاسة كان 180 ألف أميركي يخدمون في العراقوأفغانستان، واليوم كل قواتنا عادت من العراق، وأكثر من 60 ألفاً عادوا من أفغانستان، ومع تسلم القوات الأفغانية المسؤولية الأمنية أصبحت قواتنا تقوم بدور داعم". وذكر ان عملية الانسحاب من أفغانستان ستنجز مع نهاية هذه السنة، "وستنتهي أخيراً أطول حرب أميركية"، مشيراً إلى انه بعد العام 2014 "سندعم أفغانستان الموحدة فيما تتسلم مسؤولية مستقبلها، وإذا وقّعت الحكومة الأفغانية الاتفاق الأمني الذي تفاوضنا حوله، يبقى عدد صغير من القوات الأميركية في أفغانستان مع قوات الناتو للمشاركة في التدريب ومساعدة القوات الأفغانية وفي عمليات محاربة الإرهاب". وقال: "فيما ستتغير علاقتنا مع أفغانستان، شيء واحد لن يتغير وهو تصميمنا على ألا يشن الإرهابيون هجمات ضد بلدنا". وأضاف: "الحقيقة هي ان الخطر ما زال موجوداً، ففيما وضعنا قادة القاعدة الأساسية على طريق الهزيمة تغير التهديد، إذ بات لأتباع التنظيم والمتطرفين الآخرين جذوراً في أنحاء العالم". وتابع: "في اليمن والصومال والعراق ومالي، لا بد أن نعمل مع الشركاء لإعاقة هذه الشبكات". أما في سورية، فأردف الرئيس الأميركي: "سندعم المعارضة التي ترفض أجندة الشبكات الإرهابية"، وفي الداخل الأميركي "سنستمر في تعزيز دفاعاتنا ونحارب التهديدات الجديدة مثل الهجمات الإلكترونية". وقال: "فيما نعمل على إصلاح موازنتنا الدفاعية، لا بد أن نبقي على إيماننا بالجنود والجنديات، ونستثمر في القدرات التي يحتاجونها للنجاح في المهمات المستقبلية". لكن أوباما أوضح قائلاً: "لن أرسل جنوداً إلى طريق الأذى ما لم يكن ذلك ضرورياً فعلاً، كما لن أسمح لأبنائنا وبناتنا بأن يتورطوا في نزاعات لا زمن محدد لها، لا بد من المشاركة في معارك لا بد من القتال فيها وليس معارك يريدها لنا الإرهابيون، انتشار واسع يستنفذ قوتنا ويغذي التطرف". ورأى انه "حتى عند ملاحقة الشبكات الإرهابية بشدة... لا بد لأميركا أن تبتعد عن الحرب الدائمة، ولهذا فرضت حدوداً دقيقة على استخدام طائرات الاستطلاع. ولهذا، بالعمل مع الكونغرس، سأعمل على إصلاح برامج المراقبة". هذا واعتبر أوباما انه لا بد للكونغرس هذه السنة أن يرفع القيود المتبقية على نقل المعتقلين "وأن نغلق معتقل غوانتانامو لأننا نحارب الإرهاب ليس عبر العمل الاستخباراتي والعسكري وحده، بل عبر الالتزام بمثلنا الدستورية، فنكون مثالاً لباقي العالم". وشدد أوباما على انه في عالم تكثر فيه التهديدات المعقدة، "يعتمد أمننا وقيادتنا على كل عناصر قوتنا، بما في ذلك الديبلوماسية القوية والقائمة على مبادئ". ولفت إلى ان "الديبلوماسية الأميركية، المدعومة بتهديد القوة، هي السبب وراء التخلص من الأسلحة الكيماوية السورية، وسنستمر في العمل مع المجتمع الدولي لنسهم في السير نحو المستقبل الذي يستحقه الشعب السوري، مستقبل خال من الديكتاتورية والإرهاب والخوف". وأضاف ان الديبلوماسية الأميركية تدعم الفلسطينيين والإسرائيليين فيما يجرون محادثات صعبة وإنما ضرورية لإنهاء النزاع وتحقيق الكرامة، ودولة للفلسطينيين وسلام وأمن دائمين لدولة إسرائيل، الدولة اليهودية التي تعلم ان أميركا ستبقى دائماً إلى جانبها. وتابع انه بفضل الديبلوماسية الأميركية مدعومة بالضغوط توقف تقدم البرنامج النووي الإيراني للمرة الأولى منذ عقد. وأقر بأن المفاوضات مع إيران ستكون صعبة وقد لا تنجح، "ونحن نعي دعم إيران لمنظمات إرهابية مثل حزب الله... لكن هذه المفاوضات لا تقوم على الثقة وأي اتفاق طويل الأمد نتفق عليه يجب أن يستند إلى أفعال تم التأكد منها وتقنعنا وتقنع المجتمع الدولي بأن إيران لا تبني قنبلة نووية". ولفت إلى العقوبات التي فرضت على إيران هي التي قادت إلى ما تحقق الآن، "لكن إذا أرسل إليّ الكونغرس عقوبات جديدة تهدد بإخراج هذه المحادثات عن مسارها، فسأستعمل الفيتو ضدها، ومن أجل أمننا القومي لا بد أن نعطي الديبلوماسية فرصة للنجاح". وقال: "إذا لم يغتنم القادة الإيرانيون الفرصة، فسأكون أول من يدعو الى مزيد من العقوبات وأقف جاهزاً لتطبيق كل الخيارات لضمان ألا تبني إيران قنبلة نووية". وشدد أوباما على قوة العلاقة مع أوروبا، وعلى "دعم الراغبين بالعمل لبناء الديموقراطية من تونس إلى بورما". وأضاف انه في أوكرانيا "نحن نقف مع مبدأ حرية الجميع بالتعبير بحرية وسلمية". وذكر ان أميركا تقوم بكل هذه الأمور لأنها تساعد في الترويج لها، لأنها على المدى الطويل تؤمن بالكرامة والمساواة بين كل البشر بغض النظر عن عرقهم أو دينهم أو ميلهم الجنسي. وختم أوباما معترفاً بأن الحرية والديموقراطية لم تكن يوماً سهلة، وأحياناً يتم ارتكاب أخطاء ويسود شعور بالإحباط. وكان الرئيس الاميركي استهل الخطاب بالشؤون الداخلية والاقتصادية، فقال انه بفضل الجهود التي بذلت في أميركا، باتت معدلات البطالة حالياً هي الأدنى منذ أكثر من 5 سنوات، وسوق الإسكان ينتعش وقطاع التصنيع يزيد عن الوظائف للمرة الأولى منذ التسعينات، كما انه يتم إنتاج النفط محلياً بكميات أكبر مما يتم شراؤه من الخارج وهي المرة الاولى منذ قرابة ال20 سنة. وأضاف أوباما ان العجز تراجع، وللمرة الأولى منذ أكثر من عقد أعلن رجال الأعمال في العالم ان الصين لم تعد المكان رقم واحد للاستثمار بل أميركا. وتابع: "لهذا اعتقد ان هذه السنة يمكن أن تكون سنة الاختراقات وبالنسبة الى أميركا، فبعد 5 سنوات من الجهود والعزيمة، باتت الولاياتالمتحدة في موقع أفضل في القرن ال21 من اي دولة أخرى على وجه الأرض". وأردف: "بصفتي رئيساً، أنا ملتزم بجعل واشنطن تعمل بشكل افضل، وبإعادة بناء ثقة الشعب بنا...". وإذ لفت إلى إقرار الكونغرس الشهر الماضي، بفضل جهود الديموقراطيين والجمهوريين، إلى موازنة، أوضح انه لم يحصل الجميع على ما يريدونه وما زلنا قادرين على الاستثمار في مستقبل هذا البلد فيما نخفض عجزنا بطريقة متوازنة. ودعا الى إحراز مزيد من التقدم في الأشهر المقبلة، داعياً الى أن يكون العام 2014، "عام الفعل فهذا أكثر ما يريده الأميركيون، أن نركز نحن جميعاً على حياتهم وآمالهم وتطلعاتهم". وأضاف: "ما أعتقد انه يوحد الشعب في هذا البلد، بغض النظر عن عرقهم أو ديانتهم أو حزبهم، أو إن كانوا شباناً أو مسنين، أغنياء أو فقراء، هو الإيمان البسيط والعميق بالفرصة للجميع، وهي الفكرة التي تمكنكم من المضي قدماً إذا عملتم بجد وتحملتم المسؤولية". وتابع الرئيس الأميركي "فلنواجه الأمر: طوال 3 عقود، وحتى قبل الكساد العظيم، ألغت التغيرات الهائلة في التكنولوجيا والتنافس العالمي الكثير من وظائف الطبقة الوسطى وأضعفت الأسس الاقتصادية التي تعتمد عليها العائلات". ولفت إلى انه "بعد 4 سنوات من النمو الاقتصادي، زادت أرباح الشركات وارتفعت أسعار الأسهم إلى مستويات غير مسبوقة، لكن متوسط الرواتب لم يشهد تغييراً ملحوظاً، وتعمق انعدام المساواة... والحقيقة الصعبة هي انه حتى في خضم التعافي، يعمل كثير من الأميركيين أكثر من أي وقت مضى لتأمين حاجاتهم، فيما الكثيرون ما زالوا لا يعملون على الإطلاق". وشدد على ان "مهمتنا هي قلب هذه الموجة، وهذا لن يحصل فوراً ونحن لا نتفق على كل شيء". وقال الرئيس الأميركي: "ما أقدمه اليوم هي مجموعة اقتراحات ملموسة وعملية لتسريع النمو، وتعزيز الطبقة الوسطى، وبناء سلالم جديدة من الفرص لهذه الطبقة". وأضاف ان بعض مقترحاته تتطلب تحركاً من الكونغرس، "وأنا أتوق الى العمل معكم جميعاً"، مشدداً على ان أميركا لن تقف جامدة، تماماً كما هي حاله هو. لذا تعهد باتخاذ خطوات لا تتطلب تشريعات في أي مكان وزمان حتى يوسع الفرص للعائلات الأميركية. وقال ان "الفرصة هي هويتنا، والمشروع المحدد لجيلنا هو استعادة هذا الوعد". وتابع: "نحن نعلم أين نبدأ: وأفضل الفرص هي توفير وظيفة جيدة، ففيما يتحسن الاقتصاد، قالت الشركات انها تعتزم استخدام عدد اكبر من الناس هذه السنة...". ورأى الرئيس الأميركي انه "إذا كنا جديين في شأن النمو الاقتصادي، فقد حان الوقت لدعوة قادة الأعمال والعمل وقادة الإيمان والعناصر الأمنية، وإصلاح نظام الهجرة". ولفت إلى ان اقتصاديين مستقلين قالوا ان إصلاح الهجرة سيسهم في نمو الاقتصاد الأميركي ويقلص العجز بنحو تريليون دولار خلال العقدين المقبلين. وشدد على ان ما يطرحه من أفكار يسرع النمو ويوجد مزيداً من الوظائف في مختلف المجالات، داعياً أيضاً إلى المساواة بين النساء والرجال في سوق العمل بحيث لا يكون هناك فارق بين الأجور التي يتقاضونها، والعمل لتوفير تقاعد أفضل، وبتركيز الاهتمام بالعائلة والأولاد، والرعاية الصحية.