لم يتمالك كثيرون ممن حضروا أمسية «قصة نجاح»، حين عُرضت ليل أول من أمس في مقر الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في الدمام، دموعهم، وهم يستمعون إلى كلمات أغنية «غدار يا بحر»، من الثلاثي الذي أبدع الأغنية التي شكّلت «نقطة انعطاف» في تاريخ الأغنية الخليجية، وعلى رغم مرور 36 عاماً على ظهورها، إلا أن كلماتها لا تزال محفورة في ذاكرة أجيال متعاقبة. وجمعت «فنون الدمام» الثلاثي الذي كان وراء الأغنية محروس الهاجري وجواد الشيخ وعبدالرحمن الحمد، في أمسية «قصة نجاح»، التي اختارت لها منظراً بحرياً، وجزءاً من مركب صغير، ومنظراً عن «حظار» النخيل من السعف والعصي الخضراء، معلقة عليها حروف النوتة الموسيقية، وجزء منها مكتوب عليها عناوين الأغاني: «غدار يا بحر»، و«بعدك حبيب»، و«عذاب»، و«راحت»، و«توقعنا». ولاستكمال المشهدية كانت الإضاءة الزرقاء الخافتة، قبيل البدء، فيما يعمل ممثلون في الكتابة والتعليق، وعازف كمان يقدم مجموعة من الأغاني تصاحب المشهد الصامت، إذ يدخل الفنان الهاجري، على وقع «غدار يا بحر»، مرحباً بالضيوف والجمهور، ومقدماً زميله ورفيق دربه الملحن عبدالرحمن الحمد، مكملاً جزءاً من الأغنية، ثم يرحب بزميلهما الثالث الذي صاغ كلمات الأغنية الشاعر جواد الشيخ، الذي يدخل مردداً الكلمات شعراً. وأخرج الأمسية وأعدّ السيناريو وأدار الأمسية المخرج راشد الورثان، الذي أعلن للجمهور بدء «قصة النجاح» لهؤلاء الثلاثة منذ منتصف السبعينات الميلادية، كأمسية فنية من أنشطة المنتدى الثقافي في فرع جمعية الثقافة والفنون في الدمام. وشكّلت «غدار يا بحر» في الفترة الممتدة منذ العام 1978 «نقلة نوعية» للأغنية الخليجية، لتكون واحدة من الأغاني التي ما زال أبناء جيل السبعينات يتذكرونها بكل تفاصيلها. وقُدمتْ ضمن ألبوم غنائي للفنان الهاجري، الذي تحدث في بداية الأمسية عن التعاون بينهم كثلاثي في أغنية «غدار أعرفك يا بحر»، موضحاً أنها «لم تكن الأولى، لكنها الأغنية التي لاقت رواجاً وانتشاراً من بدايتها»، لافتاً إلى تصويرها في شاطئ بلدة دارين. واستعرض العوائق خلال مرحلة التسجيل والسفر إلى مصر، وانتقاله من وظيفته التعليمية إلى وظيفة مدنية، وتنازله عن 30 في المئة من الراتب من أجل الفن، ومحاولة إيجاد الوقت للسفر والتسجيل، منوهاً إلى أنه سجّل للإذاعة السعودية 10 أغنيات فقط، أما البقية فكانت على حسابه الخاص في مصر. بدوره، أوضح الملحن الحمد أنه عرف زميليه الشيخ والهاجري منذ بداية تأسيس «جمعية الفنون الشعبية»، قبل تأسيس فرع جمعية الثقافة والفنون في الأحساء. والحمد، ملحن أغانٍ، وكاتب لعدد من المسرحيات التي عُرضت داخل المملكة وخارجها، وأقرّ بأنهم لم يستفيدوا من الأغنية مادياً، لأنها «سُرّبت ووُزعت في الأستوديوات، فيما كنا نبحث عن شركة توزيع في الرياض، لنُفاجأ بإعلاناتها في جميع الأستوديوات». أما كاتب الأغنية الشاعر الشيخ فذكر أن كتابتها «لم تستغرق ربع ساعة، ولمرة واحدة، ولم تعدّل، ولم يُعدْ صوغها»، موضحاً أن «إلهام هذه الكلمات جاء من خلال سماعي أغنية الفنان الكويتي عوض الدوخي عن معاناة البحر، فقررت تقديم معاناة الإنسان مع المجهول»، مشيراً إلى قدرة الحمد التلحينية. وتحدث الثلاثة حول تفاصيل رحلاتهم التي لم تغب عنها «الطرافة» في الذكريات، خلال التسجيل والتنقل في السفر. وأشاروا إلى تحملهم مشاق السفر وكلفة التسجيل. ويبلغ عدد الأغاني المسجلة التي ارتبطت بأسمائهم الثلاثة معاً 6 أغانٍ. كما تحدثوا عن أغنيتي «بعدك حبيب»، و«ياللي تزفونه».