ينظر القضاء الاسرائيلي اليوم في قضيتيْن تتعلقان بمسار الجدار الفاصل في موقعيْن جنوبالضفة الغربية، احدهما قرية بتير الشهيرة بمنظومة الري الفريدة التي تعود الى العصر الروماني، والآخر في وادي كريمزان. وفي حال الموافقة على بناء الجدار في قرية بتير الواقعة غرب بيت لحم، سيؤدي مساره الى فصل المزارعين عن اراضيهم الواقعة داخل اسرائيل، وسيضر بمنظومة الري الفريدة فيها. اما مرور الجدار في وادي كريمزان القريب من بيت جالا، فسيؤدي الى اقتطاع اراض زراعية، وتقسيم دير مسيحي. وتصر وزارة الدفاع الاسرائيلية على ان الجدار الذي بدأ بناؤه عام 2002 خلال الانتفاضة الثانية، ضروري لامن اسرائيل، في حين يقول مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للامم المتحدة (اوتشا) ان 15 في المئة فقط من الجدار مبني على طول «الخط الاخضر» الذي يعترف به المجتمع الدولي كحدود لاسرائيل، ويمتد معظمه داخل الضفة. ويقع 85 في المئة من الجدار الفاصل في الضفة، ويعزل 9,4 في المئة من الاراضي الفلسطينية، من بينها القدسالشرقية . ومن المقرر ان تصدر المحكمة العليا الاسرائيلية اليوم قرارها المتعلق بقرية بتير. وتقع القرية ذات الطبيعة الخلابة بمحاذاة خط الهدنة الذي حددته الاممالمتحدة عام 1949، وتطل على خط قطار القدس يافا. وسمح لأهلها بزراعة أراضيهم في مقابل الحفاظ على أمن القطار. ويقع ثلثا قرية بتير في الاراضي الفلسطينية، بينما يقع الثلث الأخير داخل اسرائيل. وقال رئيس بلدية بتير اكرم بدر لوكالة «فرانس برس» ان «بناء الجدار سيتلف اجزاء من نظام الري القديم الموجود لدينا منذ 2500 عاما، كما سيتلف السلاسل الحجرية الرومانية» الموجودة في القرية. ويحظى القرويون بدعم من سلطة البيئة والحدائق الاسرائيلية التي قالت ان بناء الجدار سيؤدي الى ضرر لا رجعة فيه في المصاطب. وتسعى وزارة الدفاع الاسرائيلية الى استكمال بناء الجدار الفاصل عند القرية، ما سيؤدي الى عزل الاراضي الزراعية واقتطاع ملعب المدرسة. وسعت منظمات بيئية ودولية واهالي القرية الى منع اقامة الجدار على اراضي القرية. وقال الدكتور نادر الخطيب، مدير جمعية اصدقاء الارض في الشرق الاوسط - فرع فلسطين، وهي منظمة بيئية قدمت الالتماس للمحكمة العليا لوكالة «فرانس برس» ان «بتير منطقة مصنفة كضمن لائحة التراث الفلسطيني كتراث عالمي، وتجمع بين حضارة نظام للري عمره آلاف السنين، وفيها المصاطب الحجرية، وبناء الجدار الفاصل سيدمر المنطقة وسينهي تراثاً عالمياً عمره آلاف السنوات». ونفت وزارة الدفاع الاسرائيلية في بيان ان يكون لبناء الجدار اي اثار على نظام الري، وقالت: «تقدر وزارة الدفاع حماية كل من حياة الانسان والبيئة ... لكن الوزارة تلتزم اولا وقبل كل شيء الحفاظ على سلامة مواطني اسرائيل وأمنهم». واضافت: «ستتم اعادة نقل مسار الجدار الى منطقة سيكون فيها الأثر على المصاطب اقل»، مشيرة الى ان «الصفوف الاولى من المصاطب (قرب خط القطار) ستتأثر، لكن نظام الري لن يتأثر ببناء الجدار». وقد تصدر المحكمة قرارها ايضا في قضية وادي كريمزان الذي يبعد كيلومترات عن بتير. واعتاد مسيحيو بلدة بيت جالا ومدينة بيت لحم على العمل في اراضي وادي كريمزان الشاسع مع جيرانهم المسلمين خلال ايام الاسبوع، والتوجه اليه آخر الاسبوع للقيام بنزهات عائلية منذ عقود طويلة. الا ان مسار جدار الفصل الذي تبنيه اسرائيل سيقطع الوادي ليضعه على الجانب الاسرائيلي بعيدا عن متناولهم، وهو ما يقول السكان إنه صمم للاستيلاء على اراضيهم. وسيقوم الجدار ايضاً بشطر دير السالزيان حيث سيترك الرهبان على الجانب الاسرائيلي، بينما سيبقى دير الراهبات في الجانب الفلسطيني، علماً ان الدير يدير كروم العنب الشهيرة. وقالت الناطقة باسم دير سانت ايف المهدد بالاقتطاع أنيكا هنيلن لوكالة «فرانس برس»: «سيتم اقتطاع الدير عن الرهبانية، وسيكون الرهبان في الجانب الاسرائيلي». من جهته، اشار كاهن رعية اللاتين في بيت جالا الأب إبراهيم الشوملي أن بناء الجدار «خطر على كل أهل بيت جالا، مسيحين ومسلمين ... لكن تأثيره سيكون أكبر على المسيحيين لأن 99 في المئة من الأراضي تملكها 58 عائلة مسيحية». ويضيف أن «الأمر قد يدفع المسيحيين الى الهجرة لأنه بعد فقدانهم للأرض لن يكون لديهم اي شيء هنا للبقاء من اجله». وأكدت وزارة الدفاع الإسرائيلية لوكالة «فرانس برس» أنها أخذت بالاعتبار طلبات الأطراف المعنية ببناء الجدار.