يأمل سكان بلدة بتير الفلسطينية ان يشفع جمال البلدة ذات الطبيعة الخلابة وتأمينهم طيلة 65 عاماً سلامة قطار اسرائيلي يمر عبرها، لوقف قرار اسرائيل ببناء جدار فاصل سيشوه البلدة ويستولي على اراضيها. وتريد اسرائيل ان تبني جداراً فاصلاً متذرعة بالحجج الامنية في هذه البلدة التي كانت تحمي قطار المسافرين الاسرائيليين منذ اتفاقية رودس للهدنة التي عقدت عام 1949 بين الاردن واسرائيل وتقرر فيها ان يحافظ سكان بلدة بتير على امن القطار مقابل ان يقوموا بزراعة اراضيهم خلف سكة الحديد التي باتت ضمن حدود اسرائيل في خط التقسيم. وورثت اسرائيل بقايا قطار الحجاز الذي يمر في اراضي بتير خلال سفره بين القدس ويافا بعد اعلان قيامها عام 1948. وقال نائب البرلمان الاردني السابق ربحي مصطفى من بلدة بتير ان «اسرائيل تريد مصادرة اراضينا خلف السكة، وبناء جدار بحجة الحفاظ على أمن القطار وأمنها، وهي بذلك تنقض معاهدة دولية مسجلة في الاممالمتحدة، وموقعة بين الاردن واسرائيل». واضاف: «وعي اهل بتير طوال هذه السنين على فكرة المحافظة على ارضيهم، ولم يخلوا بالاتفاقية ويمر القطار بسلام حتى يومنا هذا». وبقي سكان البلدة يزرعون اراضيهم خلف سكة الحديد حتى يومنا هذا، ومنهم المزارع رائد قطوش (42 عاما) الذي كان يسقي ارضه المزروعة بالباذنجان البتيري المشهور مع اثنين من ابنائه. وقال رائد: «نحن نزرع ارضنا منذ نشأنا. قبل فترة، بدأت دوريات الجيش الاسرائيلي تحضر وتطردنا وتقول هذه اراض اسرائيلية اخرجوا منها. لكننا نعود في اليوم التالي ونستأنف عملنا». وتابع رائد: «لدي بساتين زيتون احرثها واعتني بها داخل هذا الوادي»، مشيراً الى العمق داخل الحدود الاسرائيلية. واضاف: «انا واحد من المزارعين المتضررين من بناء الجدار وتوجهنا الى المحكمة العليا وفندنا لهم ادعاءاتهم الامنية». تقع بلدة بتير جنوب غربي مدينة بيت لحم، ويسكنها نحو 5 آلاف فلسطيني (بينهم مازن مصطفى وزوجته هامة). وفي البلدة المحبية بجمال اخاذ ينابيع ومدرجات زراعية وقنوات وبرك رومانية قديمة، ومسارات للمشي، ويفكر الفلسطينيون بادراجها في العام المقبل ضمن قائمة التراث العالمي للحفاظ على المشهد الطبيعي وعناصر الثقافة التاريخية فيها. ويخضع نحو 70 في المئة من اراضي البلدة للسيطرة الاسرائيلية بالكامل، وتمنع اسرائيل السكان من البناء او التوسع، كما تسيطر على البلدة امنياً بالكامل لكن يدار جزء منها ادارياً من قبل الفلسطينيين. ويسير القطار في اراضي بتير في الوديان ومنحدرات جبال بتير الحرجية الطبيعية المزروعة بالزعرور والبطم والصنوبر. وضمن مخطط مسيرة الجدار سيقطع الجدار الاسمنتي الرمادي سفوح الجبال الخضراء على طول 3 كيلومتر، ويفتح شارعاً امنياً بعرض عدة امتار لتسيير دوريات للجيش الاسرائيلي ويعزل خلفها آلاف الدونمات في السهول والوادي. ويقول المهندس حسن معمر: «لقد فندنا حجج الاسرائيليين بأنه لا يمكن للجدار، مهما ارتفع، أن يرتفع اعلى من اول بيت في منحدر الجبل. فالبلدة المبنية اصلا على سفوح الجبال وقممها لو القت بيضاً على القطار الذي يمر في الوادي لاغرقته بالبيض. هذا ما اوضحناه لهم». ويضيف: «امنياً واستراتيجياً، لا يمكن للجدار حماية المنحدرات، لكن هذا يعني مصادرة آلاف الدونمات خلف الجدار، في الجانب الاسرائيلي». ويلفت حسن معمر الى ان «خط سكة القطار يقع على بعد تسعة امتار من المدرسة الثانوية للبنين، ولم يضرب حجر واحد من هذه المدرسة خلال الانتفاضة الاولى او الثانية، لأن السكان كانوا يعون طبيعة الاتفاقية، ونشأوا على مرور القطار من اراضيهم، وبالتالي فإن امن القطار حجة واهية». ولفت الى ان القطار لم يمس بسوء خلال كل هذه السنوات، اضافة الى ان خط القطار الجديد والسريع سيغير مساره، وتساءل فلماذا يبنون عندنا الجدار؟». واشار الى ان مسؤولين اسرائيليين قاموا بعدة زيارات الى البلدة، منهم ممثل عن وزارة الاقتصاد وآخر عن وزارة البيئة والزراعة. واعترض على المشروع بحسب قوله «جنرال اسرائيلي اراد بناء مشروع استيطاني على الجبل قبالتنا، لان ذلك سيشوه المشهد الطبيعي وسيسبب له خسارة مادية». وقال المزارع رائد قطوش: «اجتمعوا معنا وأبلغونا بانهم سيقيمون لنا بوابات خاصة لكن من تجارب غيرنا باتت اراضي الفلسطينين خلف البوابات والجدران شبه مصادرة». وقال: «الآن سيمنحونني تصريحاً لدخول ارضي وفي العام المقبل سيمنعونني وسيمنعون اولادي ويقولون لنا لاسباب امنية ممنوع دخول الارض. هذا ما يجري في كل انحاء الارض الفلسطينية». وقال المحامي غياث نصار: «نحن في انتظار قرار لجنة الاعتراضات العسكرية التي تريد مصادرة 2500 دونم خلف السكة ومئات الدونمات داخل بلدة بتير كمقدم لبناء الجدار». في غضون ذلك، افاد الضابط الاسرائيلي الكولونيل عوفر هندي ان الجيش سيستأنف خلال الاسابيع المقبلة اشغال بناء جدار الفصل في الضفة الغربية المتوقفة منذ خمس سنوات، موضحاً ان الاشغال ستستأنف في مرحلة اولى حول مجمع غوش عطسيون الاستيطاني قرب بيت لحم على ان تتواصل الاشغال العام المقبل حول معالي ادوميم احدى اكبر مستوطنات الضفة الغربية الواقعة شرق القدس. وأدلى الضابط المسؤول عن بناء جدار الفصل بهذه التفاصيل خلال جلسة امام المحكمة العليا التي اصدرت عدة احكام في الماضي قضت بتعديل ترسيم الجدار إثر شكاوى قدمها فلسطينيون. وبحسب الاذاعة، فان الاشغال متوقفة منذ خمس سنوات بسبب «مشكلات في الموازنة» وتزايد الشكاوى الفلسطينية. من جهتها، ذكرت صحيفة يديعوت احرونوت ان تجميد الاشغال ناتج ايضا عن ضغوط الاسرة الدولية، مشيرة الى ان المسؤولين الاسرائيليين يتوقعون ان يثير استئناف الاشغال انتقادات في العالم.