في مثل هذا الوقت من كل عام، يستعيد اليهود وبخاصة من يتواجد منهم داخل إسرائيل ذكرى المحرقة اليهودية التي تعرف عالمياً باسم ال"هولوكوست". وتطلق كلمة "هولوكوست" على عملية الإبادة التي قام بها النازيون خلال فترة حكم ادولف هتلر بحق اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، وتشير بعض الأرقام إلى وصول عدد ضحايا المحرقة إلى نحو 6 ملايين يهودي في معظم أنحاء أوروبا. وعلى رغم الحيز الكبير الذي تحتله المحرقة من الإعلام والتاريخ بوصفها واحدة من أكبر الجرائم ضد الانسانية، غير أنه ليس هناك من تاريخ دقيق لبدء عملية الإبادة تلك، وإن كان عدد من المؤرخين اعتمدوا ربط التوقيت بمرحلة تولي النازيين زمام الحكم في المانيا أي كانون الثاني (يناير) 1933. غير أن دراسات كشفت لاحقاً أن عملية القتل الجماعية المنظمة بدأت بعد وقت قصير من الغزو الالماني للإتحاد السوفياتي في حزيران (يونيو) 1941. ولم تكن عملية القتل الجماعي لليهود، تتم بمجرد إطلاق النار عليهم. بل أن أساليب القتل تنوعت وكانت تهدف الى الحصول على "عرق نقي من البشر قوي خال من طبقة من هم دون البشر مرتبةً"، أي الغجر والبولنديون واليهود والسلافييون والألطيون والأفريقيون، وبعض المجموعات داخل العرق الآري نفسه كالمثليين جنسياً والمجرمين والاشخاص المعوقين جسدياً أو عقلياً، إضافة الى الشيوعيين والليبراليين والمعارضين لفلسفة النازية وشهود يهوه. ويدخل في إطار ال"هولوكوست" أيضاً أعمال لا تؤدي الى القتل، كإجراء عمليات جراحية أو طبية لمنع 400،000 شخص معوّق عقلياً ومريض نفسي من الإنجاب، كما استعملت أساليب أطلق عليها اسم "القتل الرحيم" لإنهاء حياة 200،000 - 300،000 من المصابين بعاهات لا أمل للشفاء منها، وأشخاص معوقين، ومرضي نفسيين. ويرى مؤرخون أن ال"هولوكوست" لم تبدأ من فراغ، بل كانت ردة فعل على ما حصل ليلة 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 1938 حين اجتاحت تظاهرات غاضبة ضد اليهود عدداً من المدن في ألمانيا وتم كسر وتخريب المحلات التجارية لليهود. وقُتل في تلك الليلة 100 يهودي واعتقل 30،000 وتم إتلاف 7000 محل تجاري و 1،574 معبد يهودي وسميت تلك الليلة، ب"ليلة الزجاج المهشم". اليوم وبعد سنوات على ذكرى الهولوكوست، ما زال هناك تباين في الآراء حول ما حصل فعلياً آنذاك، فالرئيس السابق لإيران محمود أحمدي نجاد كان حاملاً لراية التشكيك في المعلومات التاريخية عن المحرقة. فأشار في أكثر من مناسبة، وبخاصة في ندوات عن المحرقة، إلى أنه يثير تلك القضية "التي كسرت ظهر الرأسمالية"، من جانب إنساني دفاعاً عن الفلسطينيين في وجه ما يتعرضون له من الإسرائيليين. أما موقف إيران الرسمي اليوم ، فتغير مع انتخاب رئيس جديد للبلاد، إذ أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف سابقاً على تويتر أن إيران تدين "مجزرة النازيين ضد اليهود"، مضيفاً أن "ايران لم تنكر يوماً الهولوكوست، والرجل الذي اعتبر انه ينكر ذلك رحل الآن". وإلى ذلك، عقدت تونس منذ بضعة أيام مؤتمراً حول ال"هولوكوست"، ليكون بذلك أول مؤتمر يقام بصورة رسمية في دولة عربية. وتناول المشاركون في كلماتهم انقاذ المسلمين في تونس لابناء بلادهم من اليهود خلال الفترة المذكورة. يذكر ان كلمة "هولوكوست" هي من أصول يونانية، وتعني "الحرق الكامل للقرابين المقدمة لخالق الكون"، وانتشرت هذه الكلمة في شكل واسع لوصف معاملة هتلر لليهود في السبعينيات، في حين كانت كلمة "شواه" تستعمل في الأربعينيات بدلاً من "هولوكوست" من قبل اليهود انفسهم وهي كلمة مذكورة في التوراة وتعني الكارثة.