بلغة العصر الإلكتروني، فإن مشروع كيري الذي يتم تسويقه في هذه المرحلة هو من المشاريع الأكثر خطورة التي يتم الحديث عنها خلال العقد الأخير، والذي بدوره يتمم مشروع التسوية الذي يجرى في العقود الثلاثة الأخيرة بين الاحتلال والسلطة. لكن الأخطر في هذا المشروع تسوية بعض القضايا والملفات كتمهيد لنجاح هذا المشروع. يتجاهل طرفا التفاوض المتغيرات الميدانية، ويعتمدان على ما تحقق خلال السنوات الماضية من تغيرات على الأرض بتنسيق أميركي، يرى فيها وزير الخارجية الأميركي أنها يمكن أن تنضج هذا الاتفاق. الأمر الأكثر خطورة هو إخضاع بعض الجهات والأطراف، وهذا يتطلب تحركاً ميدانياً، وفي مقدمها الرافض الرئيس، قوى المقاومة في غزة، وضمان كسر شوكتها في حال إنجاز هذا الاتفاق، وكذلك تقديم تطمينات الى بعض الأطراف العربية، ومن بينها الأردن، حول قضية الجار الغربي وطبيعة هذا الكيان المراد إنشاؤه، وكذلك مستقبل اللاجئين في الأردن، وهي مصادر قلق أردنية رسمية وشعبية. مشروع كيري مرفوض فلسطينياً علناً، وهذا الأمر تطور ايجابي، خصوصاً أن الجيل الفلسطيني رفع شعاراً شعبياً وسلمياً هو إسقاط مشروع كيري في المنطقة، في حملة بعنوان «كيري لن يمر»، سرعان ما انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الالكتروني ولاقت تفاعلاً عربياً وإسلامياً واسعاً. الحملة هي تكرار لتجارب ناجحة حديثة، حيث أطلقت حملة «برافر لن يمر» وقد نجحت في حشد التحركات الشبابية والجماهيرية لمقاومة المشروع الصهيوني في مصادرة الأراضي الفلسطينية في منطقة النقب الفلسطيني. مشروع كيري لا يقل خطورة عن مشروع برافر، حيث يتساويان ويتبادلان الأدوار معاً لمصادرة الأراضي الفلسطينية تحت مسمّيات متنوعة وأماكن مختلفة. فالنقب في مشروع برافر هو الهدف، والجليل والمثلث هما الهدف في مشروع التسوية العنصري في مشروع كيري. ما يميز التحركات الشعبية هو التحرك الشبابي الفلسطيني الذي ينجح في التوعية والتثقيف ضد حملة التجهيل والتطبيع التي من خلالها يحاول بعض المسؤولين والشخصيات والمؤسسات والهيئات التطبيعية العربية، وبعضها فلسطيني، تمرير مشاريع التسوية، لكن في ظل الحملات الشبابية يمكن الاطمئنان الى أن مشروع كيري مصيره مصير مشروع برافر.