منذ سنتين أقرت وزارة التخطيط الاسرائيلية قراراً يقضي بتهجير السكان من القرى الفلسطينية من صحراء النقب , بهدف تجميعهم في تجمعات تسمى بلديات التركيز , وهو ما يمثل نكبة جديدة لأهلنا داخل الأراضي المحتلة , لأن إسرائيل بموجبه ستستولي على أكثر من 800 ألف دونم من أراضي النقب , إضافة إلى تهجير 40 ألفاً من أهالي النقب و تدمير قرى غير معترف بها إسرائيلياً. ويمثل هذا القرار خطوة تصعيدية ذات معنى كبير , وله ابعاد استراتيجية خطيرة , أقره اليمين الإسرائيلي لتهويد ما تبقى من أراضي النقب المحتلة في وقت تتمتع الحكومة الاسرائيلية بغطاء أميركي يساعدها في استكمال مشروع برافر دون أن يواجهها أي استهجان أو استنكار دولي يعيق مشاريعها التهويدية .. إن عملية تهويد ما تبقى من أراضي فلسطين " النقب " , ليس قراراً وليد هذه المرحلة , بل هي عملية متراكمة ومتواصلة منذ النكبة 1948 , من خلال اقامة المستعمرات والمدن اليهودية الخالصة مثل اشكلون و هرتزليا و ليتسيون و ناتانيا ... ولكن جميع تلك المشاريع تخضع لحكم الوقت المناسب لتنفيذها على أرض الواقع , أما الآن فهي داخل أدراج العنصرية والكراهية , و تهويد النقب بحجة تطويل الجليل والنقب ما هو إلا مسعى اسرائيلي لتفتيت مناطق الوجود العربي داخل الخط الأخضر , لصالح أكثرية يهودية مطلقة على حساب الشعب الفلسطيني , أما الاختلاف الأبرز حول هذا المشروع , هو أنه يأخذ طابعاً مشرعناً أكثر داخل اسرائيل و أيضاً على منحى دولي , باعتباره يحدث داخل أراضي الدولة الاسرائيلية , وليس على أراضي فلسطين المستقبلية أو الأراضي الفلسطينيةالمحتلة ,و عذر اسرائيل في قرار برافر يكمن في هدفها لإعادة تنظيم واقع الناس والديمغرافيا البشرية وتنظيم الواقع العمراني والحضاري كشأن اسرائيلي داخلي .. أهم أهداف الاحتلال في تشريع قرار برافر هو توطين المزيد من القادمين الجدد بموجات الهجرة في الجليل والنقب , كما يهدف الى دعم المدن والتجمعات اليهودية ذات الاصل الامريكي الذين يحملون صفة التطرف والتعصب ضد الوجود الفلسطيني في القرى والبلدات التي لطالما افتقد الدعم الانساني وتوفر الاحتياجات الضرورية للوجود البشري , حيث تعمدت سلطات الاحتلال ان تهمل مطالب السكان العرب في النقب وان تزيد الخناق على الفلسطينيين اكثر من اللازم وقد حدث العديد من المواجهات بينهم وبين سلطات الاحتلال بسبب الوضع الصعب الذي يعيشه فلسطينيو النقب .. قانون "برافر" استمرار لحملة الاقتلاع التاريخي للفلسطينيين من وطنهم وإحداث نكبات متتالية بحقهم بهدم مئات البيوت، وسلب ما تبقى لأبناء الداخل المحتل عام 1948 من أراض بمنطقتي النقب والجليل , وهو يشكل انتهاكا صارخا للمواثيق والمعاهدات الدولية، خاصة منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمعاهدات الدولية بخصوص حقوق الشعوب الأصلية في أوطانها , ولكن ايمانا منا بشعبنا الذي يقف دائما بوجه الخطط الاسرائيلية العنصرية في كافة ارجاء فلسطين , وايمانا بشعبنا الذي يتضامن و يتكاثف في وقت الازمات وباستمرار ايام الغضب ضد صوت القهر و الظلم , فأن قرار برافر مصيره الزوال و الفشل , وبرافر لن يمر ....