قدر الله وما شاء فعل، فقد كان المفترض ان تشتري بعد مغرب هذا اليوم او عشائه «الصامولي» او «الصمول» كما يدلعه الخليجيون، استعداداً ليوم دراسي غداً، واحتفاء بعودة الامور الى نصابها في ما يتعلق بحياتك اليومية. لكن الدراسة تأجلت اسبوعاً حتى ال14 من شوال كهدية ابوية حانية من ولي الأمر، ثم هي تأجلت الى ال21 وال28 تبعاً للمرحلة لظروف التوعية الصحية والاستعدادات للانفلونزا الشهيرة اعاذ الله بكلماته التامة الجميع منها. كنت سأقول لك «واحد صفر» للتأجيل الأول، ثم «اثنين صفر» بعد ذلك، لكن وقوفك الليلة امام مخبز الحي وتأملك في حبات «الصامولي» وما تعنيه من عودة الهدوء الى منزلك، وعودة الحجة الاجتماعية الاقوى والاكثر تأثيراً الى قائمة حججك التي تبرر بها «تفليتك» قد جعلتني اشفق عليك. الشفقة ايضاً كانت للقوارير اللاتي أمرنا بالرفق بهن، فذكر هذا النوع من الخبز يحيل الى نظرية زوجية سبق لي الكتابة عنها يتهم الازواج فيها الزوجات، والعكس احياناً، ان حياتهم تحولت الى «صامولي وجبن سايل»، وفاتني ان أسأل الطرفين في حينه، عن الاجازات الطويلة التي يتراجع فيها سوق الصنفين كيف تكون حياتهما. ربما ساهم رمضان في حلحلة الاشكال كونه بدأ يتوسط الاجازة الصيفية فيحيل حياته معها الى «رقاق ولحم مفروم» وحياتها معه الى «شوربة» من دون اللمسات المذكورة في الاعلان عن احد اصنافها المعلبة والمنكهة. اذاً هي الاقدار شاءت ان تتأجل تعاسة الخبز إلى اسبوعين او ثلاثة، لعل البعض يغير مقادير طبخته الزوجية، ويبدأ النظر الى شريكه والتعامل معه باستخدام انواع اخرى أفضل وأرقى من الخبز «الصامولي». هناك الصامولي «الترف» ابو ريالين او ثلاثة تبعاً للشركة المنتجة، وهناك المدهون بالزبدة، وهناك الصغير المخلوط بالبيض والحليب، وهناك الكبير الفرنسي، وهناك ثقافة جديدة يمكنك تعويد ابنائك عليها، وهي استخدام البسكويت بدلاً من الخبز، خصوصاً اذا كانت الثورة العاطفية لحرمكم المصون اسخن من فرن المخبز، ونيران لسانها تحرق أكثر. لعل الاسبوعين فرصة جديدة للاسترخاء العائلي، ولعل الآباء يعتبرونها فسحة اجتماعية لهم، كما انها فسحة اقتصادية، اذ ساهمت في تنظيم مصروفاتهم عقب الاجازة ورمضان والعيد، لكن المهم ان يترك الموظفون الحقد على الطلاب من ابنائهم وابناء غيرهم كونهم يأخذون الاجازة تلو الأخرى فهم في النهاية «مردهم للوظيفة» وسيعانون مثلما تعاني، لكن لن تأتيهم رسائل في مساءات الاسبوع تطلب الخبز والجبن، لان المدارس في حينها ستكون في الفضاء... الطلق. [email protected]