فيما تستمر المراوحة الحكومية على حالها في ظل عقدة المداورة في الحقائب الوزارية، فإن الأيام القليلة المقبلة قد تكون حاسمة في ملف تشكيل الحكومة ما لم تذلل العقبات، مع الإشارة إلى تحذير لنائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، الذي أشار إلى أنه «إذا لم تتألف الحكومة وفق الاتفاقات خلال ثلاثة أيام، فرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بالتعاون مع رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، سيصدر مراسيم الحكومة بالطريقة التي تناسب البلد»، موضحاً «أننا نتحدث في هذا الإطار عن حكومة جامعة ولكن بالطريقة التي تناسب الدولة». وإذ شدد على «أننا لا نستطيع إبقاء ملف الحكومة معلقاً من أجل شخص أو حقيبة ما»، لفت إلى أن «هناك قضايا تتطلب حلولاً، وهناك مصلحة وطنية عليا، وعلى كل الفرقاء أن يساهموا في تأليف الحكومة وتسيير عجلة الدولة». من جهة أخرى، تخوف وزير البيئة ناظم الخوري من «عدم تشكيل حكومة جامعة، نظراً إلى العقد التي تزداد كل يوم أكثر فأكثر، لأن هناك بعض الأفرقاء يرفضون ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، وآخرين يتمسكون بها»، لافتاً إلى أن «هناك طرحاً لتشكيل الحكومة أولاً ثم البحث في البيان الوزاري»، ومستغرباً «فرض شروط تعجيزية لتشكيل الحكومة، علماً بأن الاستحقاق الرئاسي بات قريباً». وأكد «أن الهاجس الأول للرئيس هو تأمين المناخ لإجراء هذا الاستحقاق في موعده لانتخاب شخص بالطرق الديموقراطية التي نتغنى بها». وأمل في أن «يشارك رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في الحكومة»، معتبراً أن «مشاركتهما مهمة مع الفرقاء المسيحيين الآخرين كافة». واستبعد «دخول حزب الله حكومة لا يشارك فيها العماد عون». وقال: «لا أتفق مع البعض الذي يقول إن الدور المسيحي يجب أن يكون قوياً في الشارع المسيحي»، مضيفاً: «أنا أحترم الإرادة الشعبية ولكن الدور المسيحي في لبنان هو حاجة للمسلمين والدروز في لبنان، إلا أنه يجب تبرير الحاجة»، مشدداً على أن «قوة رئيس الجمهورية هي في دوره وانفتاحه وليست في شارعه، والدور المسيحي القوي في لبنان ليس في الشارع». وأكد الخوري أن «التنسيق بين بعبدا وبكركي قائم ومستمر في كل الشؤون الوطنية، لأن بكركي مرجعية وطنية وهناك تبادل وجهات نظر بين البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس الجمهورية» . من جهته، أعلن وزير الاقتصاد نقولا نحاس أنه «متفائل بعض الشيء بتشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن». ورأى أن «العقبات المتبقية لن تكون عائقاً أمام التأليف»، لافتاً إلى «حاجة البلد إلى حكومة تنقذه من المأزق»، وآملا في أن «يكون لدينا حكومة خلال الأسبوع المقبل». ورأى عضو كتلة المستقبل» النائب جان أوغاسابيان، أن «العماد عون ظاهرياً يتمسك بحقيبة الطاقة تحت عناوين عديدة، ومنها حقوق المسيحيين، وفي الوقت ذاته يعلن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أنه لا يمكن أن نشارك في حكومة لا يكون فيها مكون أساسي من المسيحيين، وبالتالي فإن مسألة العماد عون هي مسألة شكلية وتحرك صوري لحزب الله، وإلا كيف قَبِلَ بالتمديد للمجلس النيابي من دون هذا المكون الأساس، وهو كتلة عون؟». وقال: «كانت الفرصة سانحة لتأليف الحكومة ولكننا فوتنا هذه الفرصة». ولاحظ عضو الكتلة ذاتها النائب محمد الحجار، أن «هناك عقبات مستجدة أمام تأليف الحكومة، والجميع يعلمون حجم التسهيلات التي قدمناها أمام تأليف حكومة يتشارك فيها الجميع لمواجهة التحديات والأخطار المتعددة التي تواجه الواقع اللبناني، إضافة إلى بعض التنازلات التي قدمها فريق 8 آذار، وتحديداً حزب الله في مواضيع دستورية أساسية بالنسبة إلينا، كالثلث المعطل وصلاحيات الرئيس»، لافتاً إلى أنه «تبين أن العماد عون يرفض الالتزام بمبدأ المداورة في الحقائب الوزارية». وقال الحجار: «رئيس المجلس النيابي نبيه بري قال لنا عند لقائنا معه، إن «حزب الله» ملتزم أيضاً بموضوع المداورة، وإنهم سيتكفلون بموضوع إقناع العماد عون، وما طمأننا في هذا الأمر هو أنه عندما التقى الوزير جبران باسيل رئيس الجمهورية وأبلغه أن «التيار الوطني الحر» موافق على تأليف هذه الحكومة لم يأت على ذكر رفضه مبدأ المداورة، وبالتالي رفض مبدأ المداورة من جانب ميشال عون مستجد». وأكد أنه «حتى لو كان هناك عقبات أمام تأليف هذه الحكومة فيجب الإقدام على التأليف، لأن البلد لا يمكن أن يستمر بلا حكومة أمر واقع أو واقع الأمر أو مصلحة وطنية أو غيرها». وأوضح عضو الكتلة نفسها النائب عاطف مجدلاني، أن «موقف الرئيس سعد الحريري في شان الحكومة نابع من اقتناعه بأهمية إنقاذ لبنان في ظل الظروف المحيطة بعد تدخل «حزب الله» في القتال السوري وفشل الحكومة الأخيرة في إدارة شؤون البلد، ما أدى به إلى حافة الانهيار على المستويات كلها، فكان لا بد للحريري من إنقاذ البلد، خصوصاً بعد تراجع «حزب الله» عن مقولة الثلث المعطل وصيغة 9-9-6 وقبوله بصيغة الثلاث ثمانيات». وأشار إلى أن «القبول بالمشاركة في حكومة جامعة جاء مشروطاً بنقاط خمس هي: رفض الثلث المعطل، قبول مبدأ المداورة، وضع معادلة الجيش والشعب والمقاومة على طاولة الحوار وليس في البيان الوزاري، إدراج إعلان بعبدا في البيان الوزاري، وإعطاء حق الفيتو لرئيسي الجمهورية والحكومة على أسماء الوزراء». ولفت إلى أن «الفريق الآخر قبل حتى الساعة بالتخلي عن الثلث المعطل واعتماد مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية والمديرين العامين، فيما المشاورات مستمرة في بقية النقاط»، كاشفاً معلومات تفيد بأن «التيار الوطني الحر كان موافقاً على التخلي عن وزارة الطاقة، إذ إن الوزير باسيل طلب من أحد الموظفين تخليص قضيتين قبل ترك الوزارة، إلا أن شيئاً ما تبدل». وأكد النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم، أن الحديث عن تشكيل الحكومة «يتعلق بمن يشكلها، ولا علاقة لبكركي بموضوع تشكيل الحكومة». وقال: «لا أعرف إن كانت الحكومة دون «التيار» و«القوات» قادرة على أن تقلع»، مشيراً إلى أن «المسيحيين يشكلون ركناً أساسياً في البلد ولا تستقيم الأمور إن تم استبعاد أي فريق عن إدارة البلاد». وتمنى أن «تشكل حكومة جامعة وأن يتكاتف الجميع من أجل بناء دولة قوية قادرة على تحقيق تطلعات الشعب اللبناني».