أ ف ب - مأساة وطنية حقيقية طفت على السطح في كولومبيا أول من أمس (الخميس)، وللمرة الأولى لا تتعلق القضية بالنزاع المسلح الذي يهز البلاد، إذ تقتصر على الإصابة التي منعت ركبة نجم كرة القدم راداميل فالكاو من أداء واجبها، ما يهدد بإعلان غيابه مبكراً عن نهائيات كأس العالم في البرازيل الصيف المقبل. «النمر»، تعرض إلى تدخل قوي في مسابقة كأس فرنسا، فكان بمثابة ضربة موجعة لموناكو الفرنسي الذي يدافع عن ألوانه، لكنه يأتي ليشكل في صورته الأكبر «مأساة وطنية» ل47 مليون كولومبي. الصحف المحلية كافة خصصت صفحاتها الأولى لنشر صور إصابته، ونشرت الصحيفة اليومية الرئيسة «ال تييمبو» صورة لفالكو ممسكاً رأسه بيديه خلال نقله على نقالة، فيما كتبت صحيفة «ال كولومبيانو» الصادرة في ميديين «إصابة فالكاو أدمت الكولومبيين»، بينما وصفتها المحطة الإذاعية بلوراديو ب«المأساة الوطنية». ولم تكف لطمأنة الجماهير الرسالة المقتضبة التي نشرها فريق موناكو أول من أمس (الخميس) والتي جاء فيها «أصيب اللاعب بتضرر في الرباط الصليبي الداخلي للركبة اليسرى، وسيخضع المهاجم لجراحة لاستعادة عافيته في أقرب فترة ممكنة». لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل سيكون جاهزاً في الوقت المناسب لخوض نهائيات كأس العالم هذا الصيف في البرازيل؟ الاتحاد الكولومبي بدا حذراً، وخفف رئيسه لويس بيدويا في مؤتمر صحافي من مخاوف غياب اللاعب من المونديال بقوله: «يجب علينا الانتظار»، مذكراً بأن تسجيل اللاعبين في المونديال مفتوح «حتى بداية حزيران (يونيو)». وبيعت جميع القمصان التي تحمل اسم فالكاو في مخزن الأدوات الرياضية الرسمي في قلب العاصمة، وقال مديره لويس غارسيا في تصريح لوكالة فرانس برس: «الناس مستمرون في طلب المزيد، البعض أصيبوا بخيبة أمل، وآخرون مايزالون يأملون بمشاركته». وحتى فالكاو نفسه المعروف بإيمانه الكبير، لم يفقد الأمل بالمشاركة، وقال في تغريدة عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر: «الله يجعل المستحيل ممكناً». وتتالت رسائل التضامن والدعم للطفل المحبوب في كولومبيا، إذ يعتبر مدللاً على غرار المغنية شاكيرا من العديد من الشخصيات المهمة بدءاً من الرئيس خوان مانويل سانتوس الذي تمنى له «الشفاء العاجل» وانتهاء بالأسطورة البرازيلية بيليه. وقال بيليه في رسالته: «فالكاو لاعب مهم لمنتخب بلاده»، معبراً عن تمنياته له بالتعافي في وقت مناسب»، وكان بيليه نفسه تعافى من إصابة مماثلة قبل المونديال. وعاد الرئيس الكولومبي إلى الحديث عن الموضوع الخميس على هامش مؤتمر دافوس في سويسرا بقوله: «إننا قلقون جميعاً مما حصل لنجمنا». شبكة الإنترنت استخدمت أيضاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لتكون وسيلة مهاجمة سونر أرتيك مدافع الفريق المتواضع لشاسلاي (الدرجة الرابعة الفرنسية)، وهي بلدية يبلغ عدد سكانها ثلاثة آلاف نسمة، والذي تدخل بقوة بحق فالكاو وألحق به الإصابة الخطرة. ومن بين التغريدات التي أطلقت في «تويتر»: «ننتظر أرتيك، قاتل فالكاو بأيد مفتوحة في بوغوتا»، وشدد آخرون على تصريحات الندم التي عبر عنها اللاعب الفرنسي لوصفه ب«المجرم». كما تم إرسال رسائل مرعبة مباشرة إلى اللاعب عبر البريد الإلكتروني وعلى صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» الذي لم يعد بالإمكان الولوج إليه، بالإضافة إلى ناديه. ولم تهمل بعض التعليقات العنيفة التطرق إلى مصير المدافع الكولومبي أندريس إسكوبار الذي وجد مقتولاً رمياً بالرصاص في أحد مواقف السيارات التابعة لملهى ليلي في مديين بعد أن اعتبر مذنباً بخروج كولومبيا من مونديال الولاياتالمتحدة عام 1994 بتسجيله هدفاً بالخطأ في مرمى منتخب بلاده، إلا أن مقتل المدافع مازال حتى اليوم سراً لم تعلن تفاصيله، ففيما ذهبت التوقعات إلى دور المافيا في مقتله يشير بعض المهتمين كروياً إلى أنه قتل على يد متعصبين. المحررون الكولومبيون فضلوا التركيز في الإصابات المتكررة التي تعرض لها «النمر» في السابق وخصوصاً تلك التي أعطبت أربطة كاحل قدمه اليمنى عام 2003 والتي حرمته من المشاركة في مونديال (أقل من 17 عاماً) في فنلندا، وبعدها بثلاثة أعوام، تعرض لتمزق عضلي في أربطة ركبته اليمنى أبعده من الملاعب ثمانية أشهر. هذه المرة تأهل المنتخب الكولومبي للمونديال بفضل نجم خط هجومه فالكاو بعد غياب طويل، ويعود الظهور الأخير لكولومبيا في المونديال إلى عام 1998 خلال حقبة نجم محلي آخر هو كارلوس فالديراما صاحب الشعر الأشقر الشهير، الذي تألق في شكل لافت في الدوري الفرنسي مع مونبلييه، وقال فالديراما: «فالكاو ضروري في صفوف المنتخب، نتمنى أن يتعافى بسرعة». فالكاو بين الأطباء قبل إجرائه جراحة الرباط الصليبي أمس.