في اليوم الثاني لزيارته تركيا والمكرّس قسمها الأكبر للحوار بين الأديان، زار البابا فرنسيس الجامع الأزرق الشهير في إسطنبول. وأدى البابا فرنسيس الذي كرر بادرة سلفه بينيديكتوس السادس عشر قبل 8 سنوات في زيارة المسجد ذاته، «صلاة تأمل» لدقيقتين إلى جانب مفتي إسطنبول رحمي ياران للدلالة على الوئام بين الأديان. وهما توقفا مطولاً أمام «المحراب»، الكوة المحفورة في الجدار والتي تشير إلى اتجاه القبلة وتعرض فيها السورة التاسعة عشرة أو سورة مريم. وبعد انتهاء زيارته إلى المسجد اجتاز البابا بسيارته الباحة الفسيحة في حي سلطان أحمد التي تؤدي إلى كنيسة آيا صوفيا، الكنيسة البيزنطية المشيدة في القرن السادس ميلادي، قبل أن تتحول إلى مسجد مع سقوط القسطنطينية في أيدي العثمانيين في 1453، ثم إلى متحف في 1934. وراقب مئات الأشخاص بينهم سياح من خلف حواجز وضعتها الشرطة مسار البابا إلى متحف آيا صوفيا. ولوّحت مجموعة من أطفال المدارس بأعلام تركيا والفاتيكان، وهتفوا «يحيا البابا فرنسيس» بالإيطالية. وأجرى البابا فرنسيس في إسطنبول محادثات مع البطريرك بارثلماوس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية والزعيم الروحي لثلاثمئة مليون مسيحي أرثوذكسي في أنحاء العالم، في إطار جهد يهدف إلى إنشاء روابط بين الجناحين الغربي والشرقي للمسيحيين. ولا يزال مقر البطريرك بارثلماوس الأول في إسطنبول، على رغم تضاؤل عدد أتباعه إلى أقل من 3 آلاف شخص يعيشون بين 75 مليون مسلم في تركيا. ويواجه البابا مهمة دقيقة في تركيا على صعيد تعزيز العلاقات مع القيادات الدينية بالتزامن مع إدانة العنف ضد المسيحيين وأقليات أخرى في الشرق الأوسط. وتأوي تركيا حوالى مليوني لاجئ سوري بينهم آلاف من المسيحيين، علماً أنها كانت شهدت تراجعاً على مدى القرن الماضي بسبب عقود من العنف والضغوط السياسية والاقتصادية التي أجبرت معظم المسيحيين على الرحيل بعد الحرب العالمية الأولى، وإنشاء الدولة التركية على أنقاض الامبراطورية العثمانية.