رداً على التحقيق المنشور الجمعة 14 حزيران (يونيو) 2013، بعنوان: «مهرجانات صيفية جلب الملل» للمحرر سيف السويلم، ومقالة الكاتب محمد اليامي المنشورة السبت 15 حزيران (يونيو) 2013، بعنوان: «المهرجانات المفلسة»، ونحن في الهيئة العامة للسياحة والآثار إذ نشكر لكم اهتمامكم بتناول القضايا المتعلقة بالسياحية الوطنية، فإننا نود أن نوضح لقرائكم الكرام بعض الجوانب المهمة التي وردت في الموضوعين. أولاً: يقول الكاتب محمد اليامي: «لست بصدد مدح محترفي السياحة وجذب الزوار الذين ينفقون بسخاء، بل سأذهب على مدح وطنية ينبغي التركيز عليها والانطلاق من فكرتها المرتكزة على استغلال طبيعة المنطقة والمدينة، فمثلاً اعتبر أن مهرجانات مثل «رالي حائل» و«زيتون الجوف» و«التمور في القصيم» و«الحريد في جازان» وغيرها إن وجدت، هي الأفكار التي يجب تطويرها بمعنى أن تتوسع لتكون مهرجانات حقيقية كبرى تضاف إليها بعض اللمسات والأفكار لتحقق جذباً يرتقي على مستوى جعل السياحة مصدراً لدخل المنطقة والناس فيها». ونود هنا أن نوضح للكاتب الكريم أن الهيئة تعتبر الهوية السياحية لكل منطقة هي العامل الرئيس للجذب السياحي إليها، وفي ما يتعلق بتحديد هوية المهرجانات السياحية عملت الهيئة من خلال استراتيجية تنمية السياحة الوطنية، وبالتعاون مع مجالس التنمية السياحية التي تعكس اهتمام الهيئة بأسلوب الإدارة اللامركزية، وكذلك من خلال تطبيق مبدأ الشراكة مع إمارات المناطق والجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بصناعة السياحة، على أن تكون المهرجانات حتى وإن أقيمت بأسماء تهدف إلى الجذب السياحي الجماهيري، إلا أنها تتضمن أنشطة وفعاليات تعبر عن هوية كل منطقة، مثل الأنشطة والفعاليات التي تعرف الزوار بآثارها وتراثها العمراني وفلكلورها الشعبي وصناعاتها الحرفية ومأكولاتها وملبوساتها وعاداتها، وغير ذلك من المقومات التي تشكل منها الهوية الخاصة بالمنطقة جنباً إلى جنب الفعاليات والأنشطة الترفيهية التي تعد مطلباً ضرورياً لجمهور السياح، وشهدت المهرجانات السياحية تطوراً كبيراً في الأعوام الأخيرة، من حيث عدد الفعاليات السياحية، وتنوعها وتطويرها في شكل مستمر، وكان لإسهام الهيئة الدور الأهم في دعم تلك الفعاليات فنياً وتسويقياً وإعلامياً ومادياً، فأصبحت المهرجانات تشمل فعاليات تلبي حاجات العائلات والشبان والأطفال، وتعددت الأنماط الموجه للجمهور، لتشمل «الثقافة، والتراث، السياحة الشبابية، السياحة البيئية، سياحة الرياضة والمغامرات، سياحة التسوق والترفيه، سياحة الصحة والاستشفاء، السياحة الزراعية، سياحة الأعمال»، إذ تسهم الهيئة في وضع الخطط الهادفة إلى إبراز هويات المناطق من خلال منتجاتها ومقاصدها السياحية المتنوعة، خصوصاً إن كل منطقة في المملكة لديها ما يجعلها وجهة سياحية مختلفة عن سواها، وبدأت الهيئة منذ أعوام في تحديد هويات بعض المناطق في إطار خطة مرحلية، الهدف منها تطبيق المفهوم نفسه على المناطق الأخرى، وعلى سبيل المثال منطقة الجوف على رغم غناها بالآثار وعمقها الحضاري والتاريخي، إلا أنها برزت من خلال فعاليات الزيتون فأصبح «مهرجان الزيتون» بقدرته الجاذبة للسياح بوابة عبور، للتعرف على ما تضمه المنطقة من كنوز أثرية وحضارية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى محافظة الطائف التي تتميز بالورد، ومنطقة القصيم التي تتميز بالتمور، ومنطقة حائل التي تتميز برياضة الراليات، وغير ذلك من المناطق والمحافظات التي تقام فيها مهرجانات تحمل أسماء تعبر عن جزء من هويتها، لكنها تعد بقدرتها على الجذب السياحي مدخلاً للتعرف على بقية المقاصد السياحية في المنطقة أو المحافظة التي يقام بها المهرجان. ثانياً: يقول المحرر سيف السويلم في تحقيقه على رغم جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار في تنظيم مهرجانات صيفية في مناطق المملكة، إلا أن كثيراً من الزوار لها يؤكدون أن المهرجانات أصبحت تتسابق في تكرار الفعاليات، وأن التجديد لا يزال غائباً عنها، إذ لا يقتصر واقع المهرجانات الصيفية على كونها ضعيفة من حيث التجديد والتطوير، ونؤكد لكم أن الهيئة تبذل جهوداً كبيرة في عملية تنظيم ودعم المهرجانات بالتعاون مع جميع المؤسسات والقطاعات ذات العلاقة من خلال تنفيذ برامج للتطوير والتمكين والتدريب للعاملين في هذا المجال بالمناطق التي تقام فيها المهرجانات، ولا يخفى عليكم أن صناعة المهرجانات صناعة كبيرة وحديثة في المملكة، ولكن بإطلالة سريعة على الأرقام والنتائج يمكن أن نتعرف على ما حققته الهيئة في هذا الجانب منذ 2005 حتى نهاية 2012، ففي 2005 كان عدد الفعاليات الأساسية 20 فعالية، ووصلت في 2012 إلى 62 فعالية، ليكن العدد الإجمالي للفعاليات حتى 2012 (450) فعالية، وفي 2005 كان عدد زوار هذه الفعاليات 875 ألفاً، ووصل 2012 إلى 12.5 مليون، ليصل العدد الإجمالي في نهاية 2012 إلى 55 مليوناً وفي 2005 كان عدد السياح 170 ألفاً، ووصل في2012 إلى 3 ملايين، ويصل العدد الإجمالي في 2012 إلى 15 مليون. أما عن الإنفاق السياحي كان في 2005 (138) مليون ريال، وبلغ 2012 3 بلايين ريال، ليكون إجمالي الإنفاق خلال 7 أعوام 14 بليون ريال، كان الإنفاق المباشر منها في 2005 (67) مليون ريال، وبلغ 1.1 بليون في 2012، ليصل إلى 4 بلايين ريال خلال الفترة من 2005 إلى 2012. وفي ما يتعلق بفرص العمل التي وفرتها المهرجانات والفعاليات السياحية خلال 7 أعوام، كانت 825 فرصة في 2005، بلغت 9500 فرصة عمل في 2012، لتصل إلى 55 ألف فرصة عمل مع نهاية 2012، وأسهمت هذه الفعاليات في إحداث طفرة على مستوى عوائد الاستثمار، فبعد أن كانت 35 مليوناً في 2005، بلغت 374 مليوناً في 2012، ليصل إجمالي عوائد الاستثمار السياحي خلال 7 أعوام إلى 255 مليون ريال. وعلى مستوى تدريب المؤسسات والشركات المنظمة للفعاليات السياحية، بذلت الهيئة جهوداً مميزة في هذا الجانب، إذ وصل عدد الجهات التي تم تدريبها بمعرفة الهيئة 130 مؤسسة وشركة، وبلغ عدد المتدربين من خلال الدورات وورش العمل التي نظمتها الهيئة 1500 متدرب، إضافة إلى تنظيم 29 دورة تدريبية لتطوير القدرات المتخصصة بالفعاليات، وكذلك تنظيم 9 رحلات استطلاعية، للتعرف على تجارب دولية في مجال تنظيم الفعاليات السياحية. بقي أن نعرف أن الكثير من الدول لديها برامج وصناديق لدعم الفعاليات، تخصص لها موازنات ضخمة لا تتوافر للهيئة العامة للسياحة والآثار، فعلى سبيل المثال، تخصص كندا لدعم الفعاليات السياحية 360 مليون دولار، وتخصص أستراليا 200 مليون دولار، وتخصص هون كونغ 150 مليون دولار، وعلى المستوى الخليجي تخصص مدينة دبي وحدها 50 مليون دولار سنوياً لدعم برامجها وفعالياتها السياحية، بينما إجمالي الدعم المتاح الذي تم إنفاقه من موازنة الهيئة العامة للسياحة والآثار من 2005 حتى 2012 هو 55 مليون ريال. ومع ذلك، فإن الهيئة تؤمن بأن هذه الصناعة ما زالت في بدايتها، وتحتاج إلى المزيد من التخطيط والوقت والجهد لمواجهة الكثير من المعوقات، مثل: توفير الكفاءات الوطنية المدربة والمتخصصة، وتطوير العمل الاحترافي في تنظيم الفعاليات، وتطوير الجودة في تنظيم الفعاليات ومواضيعها، وتوفير مصادر التمويلي، وتوضيح إجراءات التراخيص وتسهيلها، وتقبل مشاركة المجتمع في تنظيم الفعاليات، وقيام الجهات الحكومية بأدوارها في الإشراف والتقويم والمساندة، وتوفير المواقع المناسبة، لتنظيم الفعاليات وتطوير الخدمات والمرافق في المناطق، يضاف إلى كل ذلك أن هذه الصناعة تتطلب استثمارات أساسية وتأسيسية كبرى، ومنظومة متكاملة من خدمات البنية التحتية التي لا يمكن أن يقوم بها إلا الدولة بإسهام بقية الأطراف لتطوير جودة المنتج السياحي عموماً. وختاماً، نشكر لكم طرحكم لمثل هذه المواضيع المتعلقة بالسياحة الوطنية. ماجد بن علي الشدي المدير العام للإعلام والعلاقات العامة