ترك رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام ل «حزب الله» معالجة الاعتراضات التي طرحها حليفه زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون على الحكومة الجديدة، لا سيما على المداورة الكاملة في حقائبها الوزارية، بعدما أبدى الأخير تشدداً في هذا الصدد، ما أخر عملية التأليف عن المهلة التي كانت مقررة خلال اليومين المقبلين. وردّ رئيس الجمهورية أمس على ما قاله وزير الخارجية عدنان منصور في كلمته في افتتاح مؤتمر «جنيف – 2»، والتي جاء فيها ان «من يدعي أن لمشاركة حزب الله في سورية انعكاساً على لبنان يغطي التكفيريين». وشدد سليمان على أن «موقف لبنان الثابت هو تحييد نفسه عن التداعيات السلبية للأزمة السورية». وقال إن هذا يتم «عبر التوقف فوراً عن التدخل في كل شؤون سورية الداخلية، وخصوصاً القتال الدائر فيها مهما كانت المبررات». وترافق رد سليمان مع ردود عدة على ما قاله منصور، سواء من قبل نواب من تيار «المستقبل» أو من رئيس حزب «الكتائب» الرئيس أمين الجميل، الذي اعتبر موقف منصور مخالفاً لسياسة النأي بالنفس التي تبنتها الحكومة ومخالفاً ل «إعلان بعبدا». وتركز اهتمام سليمان وسائر المسؤولين أمس على الاتصالات من أجل تذليل العقبات من أمام الحكومة، والتي نشطت قيادة «حزب الله» من أجل معالجتها، فاجتمع رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الى الرئيس سليمان فيما اجتمع المعاون السياسي للأمين العام حسين الخليل الى الرئيس سلام. وعاد رعد فالتقى العماد عون للبحث معه في اعتراضه على موافقة حلفائه في الحزب وفي حركة «امل» على المداورة الكاملة في الحقائب الوزارية. وجرى تنسيق على مدار الساعة عبر الاتصالات الهاتفية بين الحزب وسلام، فيما أعلن المعاون السياسي لرئيس البرلمان، وزير الصحة علي حسن خليل أن «بعض العقبات طرأ على تشكيل الحكومة، ولكن ليس لحدود نسف صيغة التفاهم عليها». وقال إن «من حق «التيار الوطني الحر» أن يحصل على أكبر نسبة تمثيل وما زلنا حريصين في قوى 8 آذار على أن ندخل بموقف موحد وبتوازن فعلي، ويجب أن نحافظ على عدالة التمثيل (في الحكومة)، والنقاش مستمر، لا سيما بين الرئيس سلام وبين «التيار الحر» ولا ندعي أننا نحتكر أي تفاوض». وعلمت «الحياة» من مصادر معنية بتأليف الحكومة أن «لا مهلة للاتصالات التي يجريها «حزب الله» لتليين موقف عون من تأليف الحكومة، لكن الوقت ملح والرئيس المكلف لا يريد حشر «حزب الله» الذي يسعى الى تدوير الزوايا مع العماد عون». وقالت مصادر مطلعة إن سليمان وسلام يتركان ل «حزب الله» مواصلة جهوده، خصوصاً أنهما يخشيان من أن يؤدي عدم اشتراك عون في الحكومة، إذا أضيف الى إعلان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مساء أول من أمس، أنه لن يشارك فيها، الى عدم تمثيل فريقين مسيحيين أساسيين. وإذ تردد أن «حزب الله» يقترح التخلي عن إحدى الحقائب من حصته لتبقى حقيبة الطاقة مع عون، وأن الرئيس سليمان أكد أن اتفاق الفرقاء على المداورة في الحقائب يحول دون ذلك، شددت كتلة الوفاء للمقاومة على أن الحكومة الجامعة ليست حالة ظرفية، بل هي في الإطار الطبيعي والدستوري للتوافق الوطني. وأوضح تلفزيون «المنار» أن اللقاء بين رعد والرئيس سليمان كان إيجابياً، وأن لا حكومة من دون «التيار الوطني الحر»، فيما أوضح الوزير جبران باسيل «أننا سهلنا الأمور ونحن إيجابيون ويجب ألا تصوّر المسألة بأن المشكلة عند التيار الحر». على الصعيد الأمني، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أن الجيش اللبناني أحبط عصر أمس محاولة تسلل مسلحين من الأراضي السورية في اتجاه لبنان عبر مشاريع القاع في البقاع الشمالي فأطلق النار باتجاههم، ما أدى الى تراجعهم. وفيما ساد الهدوء في طرابلس، شُيّع الشاب علي بشير الذي قضى في التفجير الانتحاري الذي استهدف ضاحية بيروت الجنوبية الثلثاء الماضي. وأعلن الجيش اللبناني أن المسلح الذي قتل أول من أمس في البقاع هو الإرهابي عبدالمعطي أبو معيلق الفلسطيني الجنسية، الذي أطلق النار على حاجز الجيش عندما حاول توقيفه فأرداه عناصر الحاجز. وذكر بيان للجيش أن القتيل ينتمي الى «كتائب عبدالله عزام» «وكان ينسق مع أمير التنظيم في القلمون السورية لنقل انتحاريين الى لبنان وتنفيذ أعمال إرهابية». وفي مجال آخر أوقف الجيش أمس 3 عناصر في صيدا ينتمون الى مجموعات الشيخ أحمد الأسير للتحقيق معهم حول صلاتهم ببعض الجهات الإرهابية. وفي عاليه، قتل القيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي الدكتور سامي مروش في ظروف غامضة بإطلاق النار عليه من بندقية «بومب أكشن»، ما أثار غضباً في المنطقة. وقال النائب عن الحزب أكرم شهيب «إننا لا نتهم أحداً في انتظار نتائج التحقيق، ونحن نثق بالأجهزة الأمنية وبالقضاء». وسعى شهيب وقادة الحزب في المنطقة الى تهدئة الشباب الغاضب، خصوصاً أن مروش كان وكيلاً للداخلية في الحزب في منطقة عاليه. كما أجرى رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط سلسلة اتصالات دعا فيها الى انتظار التحقيقات وتوقيف الفاعلين وسوقهم الى العدالة والتزام الهدوء.