تبدأ إيران والدول الست المعنية بملفها النووي اليوم، رحلة الألف ميل، من خلال بدء تنفيذ اتفاق جنيف الذي أبرمه الجانبان في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والذي يأملان بأن يفضي خلال سنة إلى تسوية نهائية تطوي هذا الملف المفتوح منذ أكثر من عقد. وعشية بدء تنفيذ الاتفاق، انتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إطلاع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أعضاء في الكونغرس على «تفاهمات شفوية» تحدّد الجوانب الفنية لتطبيق الاتفاق، مكرراً نفيه تضمّنه «بنوداً سرية». وينص الاتفاق على اتخاذ إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) تدابير متبادلة في شكل متزامن، إذ على طهران أن تُخفّض نسبة تخصيب اليورانيوم من 20 إلى 5 في المئة، وتحوّل اليورانيوم المرتفع التخصيب إلى وقود يُستخدم في تشغيل مفاعل طهران للبحوث الطبية. كما على إيران تجميد نشاطاتها في منشأتَي ناتانز وفردو للتخصيب، وفي مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل، ووقف تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة تُستخدم في التخصيب. في المقابل، ترفع الدول الست عقوبات على إيران، مفرجةً عن ودائع مجمدة في الخارج قيمتها 4.2 بليون دولار، علماً أن الولاياتالمتحدة ترفع قيمتها إلى 7 بلايين. وأبلغت مصادر «الحياة» أن وفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي وصل إلى طهران السبت، ناقش مع مسؤولين في المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية تنفيذ الخطوة الأولى من اتفاق جنيف، وتتمثّل في تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، إلى يورانيوم منخفض التخصيب، وفق جدول زمني محدد. وسيزور وفد الوكالة منشأتَي فردو حيث يُخصّب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، وناتانز حيث تبلغ نسبة التخصيب 5 في المئة، للتأكد من تنفيذ طهران اتفاق جنيف، ما يتيح خطوات متبادلة من الدول الست، بعد أن يرفع وفد الوكالة تقريراً في هذا الصدد لمديرها العام يوكيا أمانو. وقال الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي إن اليوم سيشهد «تنفيذ الالتزامات المتبادلة في إطار اتفاق جنيف»، مضيفاً: «أهم التزامات بلادنا تجميد التخصيب بنسبة 20 في المئة، وتسييل مخزوننا من اليورانيوم المخصب» بتلك النسبة. وعلّق ظريف على بدء تنفيذ الاتفاق اليوم، إذ كتب على موقع «فايسبوك»: «آمل بأن يؤدي تطبيق المرحلة الأولى من خطة العمل... إلى نتائج إيجابية للبلاد والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وإتاحة قاعدة لإجراء مفاوضات جدية من اجل تسوية شاملة» مع الدول الست. وتطرّق إلى إطلاع ويندي شيرمان، مساعدة وزير الخارجية الأميركي، أعضاء في الكونغرس على وثيقة تحدّد الجوانب الفنية لتطبيق اتفاق جنيف، منتقداً الكشف عن «أجزاء» فقط من «تفاهمات شفوية» حول آلية التنفيذ. ونفى وجود «بنود سرية» في اتفاق جنيف، مؤكداً أن «الرأي العام الإيراني اطلع على الترجمة الفارسية للنص، وهو صريح ليس فيه ما يمكن ستره أو إخفاؤه». ولفت إلى أن مسؤولين إيرانيين لم يحددهم، اطلعوا على نص «التفاهمات الشفهية» باللغتين الفارسية والإنكليزية، علماً أن على مجلس الشورى (البرلمان) الذي يسيطر عليه أصوليون، المصادقة على «الاتفاقات الرسمية» المبرمة بين إيران ودول أخرى.